العشرون : في 
الكلام على قوله تعالى : إذ يغشى السدرة ما يغشى  [النجم : 16] . 
ابن القيم   : «لما ذكر سبحانه رؤية 
محمد صلى الله عليه وسلم  لجبريل  عليه السلام عند سدرة المنتهى ، استطرد منها وذكر أن جنة المأوى عندها وأنه يغشاها من أمره وخلقه ما يغشى ، وهذا من أحسن الاستطراد ، وهو أسلوب لطيف جدا في القرآن» . 
اللباب : «إذ» منصوب يراه . 
الإمام : «العامل في «إذ» ما قبلها أو ما بعدها ، فيه وجهان . فإن قلنا ما قبلها ففيه احتمالان : أظهرهما رآه أي رأى وقت ما يغشى السدرة الذي يغشى . والاحتمال الثاني العامل فيه الفعل الذي في النزلة أي رآه نزلة أخرى ، تلك النزلة وقت ما يغشى السدرة ما يغشى ، أي نزوله لم يكن إلا بعد ما ظهرت العجائب عند السدرة وغشيها ما غشيها ، فحينئذ نزل 
محمد  نزلة ، إشارة أنه لم يرجع من غير فائدة . وإن قلنا العامل فيه ما بعدها فالعامل : ما زاغ البصر ، أي ما زاغ بصره وقت غشيان السدرة ما غشيها . 
واختلفوا فيما يغشى السدرة فقيل فراش أو جراد من ذهب وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس   nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود  والضحاك .  قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي   : 
ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : 
«رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكا يسبح الله تعالى»  . 
قلت وقول الإمام : «إن هذا ضعيف ، لأن ذلك لا يثبت إلا بدليل سمعي ، فإن صح فيه خبر وإلا فلا وجه له قصور شديد ، فإن الحديث في صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  وغيره . ومثله لا يقال بالرأي . 
وقيل : ملائكة يغشونها كأنهم طيور يرتقون إليها متشوقين متبركين بها زائرين كما يزور الناس 
الكعبة ،  وقيل يغشاها أنوار الله تعالى لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى السدرة تجلى لها ربه تبارك وتعالى كما تجلى للجبل ، فظهرت الأنوار ، ولكن السدرة كانت أقوى من الجبل وأثبت ، فجعل الجبل دكا ، ولم تتحرك الشجرة وخر 
موسى  صعقا ، ولم يتزلزل 
محمد صلى الله عليه وسلم  » .  
[ ص: 52 ] 
قلت : ولا منافاة بين هذه الأقوال ، فقد ورد أن كلا منها يغشاها كما سيأتي ذلك في القصة . وقيل أبهمه تعظيما له كأنه قال : إذ يغشى السدرة ما الله أعلم به من دلائل ملكوته وعجائب قدرته . 
الإمام :  «يغشى يستر ، ومنه الغواشي أو من معنى الإتيان ، يقال فلان يغشانا كل وقت أي يأتينا ، الوجهان محتملان» .