سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
التنبيه الثامن والثلاثون :

وقع في رواية شريك أيضا : «ثم مضى النبي صلى الله عليه وسلم في السماء الدنيا فإذا هو بنهر آخر عليه قصور من لؤلؤ وزبرجد ، فضرب يده فيه فإذا طينه مسك أذفر فقال :

يا جبريل ما هذا؟ قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ،


وهذا مما استشكل في رواية شريك ، فإن الكوثر في الجنة وإن الجنة في السماء السابعة .

وقد روى الإمام أحمد عن طريق حميد الطويل عن أنس ، رفعه : «دخلت الجنة فإذا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ ، فضربت بيدي في مجرى مائه فإذا هو مسك أذفر» . فقال جبريل : «هذا الكوثر الذي أعطاك الله تعالى» .

وأصل هذا الحديث عند البخاري بنحوه ، وأخرجه في التفسير عن قتادة عن أنس رضي الله عنه ، ولكن ليس فيه ذكر الجنة . ورواه أبو داود من طريق سليمان التيمي عن قتادة ولفظه : «لما عرج بنبي الله صلى الله عليه وسلم عرض له في الجنة نهر» ، قال الحافظ : ويمكن أن يكون في هذا الموضوع شيء تقديره : ثم مضى به في السماء الدنيا إلى السماء [السابعة] فإذا هو بنهر ، قال تلميذه الحافظ قطب الدين الخيضري في الخصائص : «وهذا بعيد إذ بينه وبين السماء السابعة خمس سماوات أخرى وكل منها له صفة خلاف صفة الأخرى ولها أبواب وخدام غير الأخرى ، فإطلاق المسير إليها وذكرها بعد السادسة مما يبعده أيضا ، ولكن يقال من غير استبعاد : إن أصل النهر- الذي هو الكوثر- في الجنة ، وجعل الله تعالى منه فرعا في السماء الدنيا عجل لنبيه صلى الله عليه وسلم رؤيته استبشارا لأنها أول المراتب العلوية ، ويؤيد هذا قول جبريل : «خبأ لك ربك» . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية