سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
التنبيه الثاني والخمسون :

في الكلام على البيت المعمور : قال أبو عبيدة : معنى المعمور الكثير الغاشية ويسمى الضراح - بضم الضاد المعجمة- ويقال المهملة . قال الزمخشري في ربيع الأبرار وهو غلط صراح ، وبالضراح تسميه الملائكة ، وسمي به لأنه ضرح عن الأرض أي بعد قال مجاهد : «البيت المعمور وهو الضريح» يعني بالمعجمة وهو في اللغة :

البعيد ، وأكثر الروايات على أنه في السماء السابعة .

وروى ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : «البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة» . ورواه الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا أيضا .

وروى إسحاق بن راهويه عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن البيت المعمور ، قال : «بيت الله في السماء السابعة بحيال البيت ، وحرمته كحرمة هذا في الأرض ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه» .

وفي حديث أبي هريرة عند ابن مردويه والعقيلي وابن أبي حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «وفي السماء السابعة بيت يقال له البيت المعمور وفي السماء الرابعة نهر يقال له الحيوان ، يدخله جبريل كل يوم فينغمس فيه انغماسة ثم يخرج فينتفض انتفاضة فيخرج عنه سبعون ألف قطرة ، يخلق الله من كل قطرة ملكا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلون فيه فيفعلون ثم يخرجون فلا يعودون إليه أبدا ، ويولى عليه أحدهم ثم يؤمر أن يقف بهم في السماء موقفا يسبحون الله فيه إلى أن تقوم الساعة» .

وإسناده ضعيف . والصحيح أنه ليس بموضوع كما [ ص: 135 ] بينته في : «الفوائد المجموعة في بيان الأحاديث الموضوعة» .

وروى أبو الشيخ من طريق الليث قال : حدثني خالد بن سعيد قال : «بلغني أن إسرافيل مؤذن أهل السماء يسمع تأذينه من في السماوات السبع ومن في الأرض ، إلا الجن والإنس ، ثم يتقدم عظيم الملائكة فيصلي بهم» ، قال : «وبلغنا أن ميكائيل يؤم الملائكة بالبيت المعمور» واستدل بهذه الأحاديث على أن الملائكة أكثر المخلوقات ، لأنه لا يعرف من جميع العوالم من يتجدد من جنسه في كل يوم سبعون ألفا غير ما ثبت في هذه الأحاديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية