سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الرابع في ذكر يوم بعاث

قالت عائشة رضي الله عنها : «كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملؤهم وقتلت سرواتهم وجرحوا ، فقدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم في الإسلام» . رواه البخاري .

بيان غريبه «بعاث» : بضم الموحدة ، وحكى القزاز في الجامع فتحها وبتخفيف العين المهملة وآخره المثلثة- قال الجمهور- وقال ابن دريد : وذكر عن الخليل إعجامها ولم يسمع من غيره وإنما هو بالعين المهملة . وذكر الأزهري أن الذي صحفه الليث عن الخليل . وذكر القاضي أن الأصيلي أحد رواة الصحيح رواه بالوجهين أي بالغين المعجمة والعين المهملة ، وأن وجها واحدا هو الذي وقع في رواية أبي ذر بالغين المعجمة . ويقال إن أبا عبيدة ذكره بالمعجمة أيضا . وبعاث : مكان ويقال حصن ، وقيل مزرعة عند بني قريظة على ميلين من المدينة كانت به وقعة بين الأوس والخزرج قتل فيه كثير منهم ، وكان رئيس الأوس فيه .

حضير- بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية بعدها راء- والد أسيد بن حضير ، وكان يقال له : حضير الكتائب ، وبه قتل ، وكان رئيس الخزرج يومئذ عمرو بن النعمان البياضي فقتل بها أيضا . وكان النصر فيها أولا للخزرج ثم هزم حضير فرجعوا وانتصرت الأوس وجرح حضير يومئذ فمات منهزما ، وذلك قبل الهجرة بخمس سنين ، وقيل بأربعين سنة وقيل بأكثر . قال الحافظ : «الأول أصح» . وذكر أبو الفرج الأموي أن سبب ذلك كان من قاعدتهم أن الأصيل لا يقتل بالحليف ، فقتل رجل من الأوس حليفا للخزرج ، فأرادوا أن يقيدوه ، فامتنعوا ، فوقعت بينهما الحرب لأجل ذلك ، فقتل فيها من أكابرهم من كان لا يؤمن أن يتكبر ، ويأنف أن يدخل في الإسلام حتى لا يكون تحت حكم غيره ، وقد كان بقي منهم من هذا النحو عبد الله بن أبي بن سلول كما سيأتي بيان ذلك . [ ص: 193 ]

«سرواتهم» : بفتح المهملة والراء المخففة والواو ، أي خيارهم ، والسروات جمع السراة- بفتح المهملة وتخفيف الراء- والسراة جمع السري ، وهو الشريف .

«جرحوا» للأكثر بضم الجيم والراء المكسورة مثقلا ومخففا فحاء مهملة ، وعند الأصيلي بجيمين جرجوا أي اضطرب قولهم ، من قول العرب جرج الخاتم إذا جال في الإصبع ، وعند ابن أبي صفرة بحاء مهملة مفتوحة من الحرج : أي ضيق الصدر ، وعند المستملي وعبدوس والقابسي : «وخرجوا» بفتح الخاء المعجمة والراء من الخروج ، وصوب ابن الأثير الأول وقال صاحب التقريب إنه المشهور ، وصوب غيره الثالث . [ ص: 194 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية