سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السادس في بيعة العقبة الثانية

قال ابن إسحاق : فلما كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا ، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن يفرض عليهم الحرب ، وهم : أسعد بن زرارة ، وذكوان بن عبد قيس الزرقي ، وعبادة بن الصامت ، والعباس بن عبادة بن نضلة- بالنون والضاد المعجمة- وقطبة بن عامر بن حديدة ، وعقبة بن عامر بن نابي ، وعوف بن الحارث- بالفاء- ابن رفاعة ، وعويم بن ساعدة ، ومالك بن التيهان- بمثناة تحتية مخففة عند أهل الحجاز وعند غيرهم بتشديدها- ومعوذ- بميم مضمومة فعين مهملة مفتوحة فواو مكسورة مشددة فذال معجمة- ابن الحارث ، أخو عوف السابق ، ويزيد بن ثعلبة أبو عبد الرحمن البلوي حليف لهم . فبايع هؤلاء على بيعة النساء رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وروى الشيخان والبيهقي ، واللفظ له عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة النساء وذلك قبل أن تفترض علينا الحرب ، على ألا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف .

قال : «فمن وفى ذلك منكم فأجره على الله» . وفي لفظ : «فله الجنة» ، «ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة وطهور ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عذب وإن شاء غفر» .

فبايعناه على ذلك .


قال ابن إسحاق : «فلما انصرف القوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي» . وذكر ابن إسحاق في رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مصعبا حين كتبوا إليه ببعثه إليهم ، وهو الذي ذكره [موسى] بن عقبة إلا أنه جعل المرة الثانية هي الأولى . قال البيهقي : «وسياق ابن إسحاق أتم» . قال ابن إسحاق : «وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين ، فكان يسمى في المدينة المقرئ والقارئ ، وكان منزله على أسعد بن زرارة [بن عدس أبي أمامة] ، وذلك أن الأوس كره بعضهم أن يؤمه بعض . وقوله «على بيعة النساء» يعني على وفق ما نزلت عليه بيعة النساء بعد ذلك عام الحديبية ، وكان هذا مما نزل على وفق ما بايع عليه أصحابه ليلة العقبة ، وليس هذا بعجيب فإن القرآن نزل بموافقات عمر بن الخطاب . «تنبيه» : ذكروا هنا أن أسعد بن زرارة أول من جمع بالصحابة قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام على ذلك في الخصائص إن شاء الله تعالى . [ ص: 198 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية