سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثاني في أسماء المدينة مرتبة على حروف المعجم

الأول فالأول مستقصاة ، لأن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى ، فما ذكره الزركشي في "الإعلام" ، وصاحب القاموس في غيره ، والسيد في تاريخه بلغ بها خمسة وتسعين اسما وهي :

- "أثرب" : بالفتح وإسكان المثلثة وكسر الراء فموحدة ، لغة في يثرب ، اسم من سكنها أولا ، سميت به أرض المدينة كلها عند أبي عبيدة ، أو هي فقط عند ابن عباس ، أو ناحية منها .

وعلى الثالث ، فإطلاقه على المدينة مع ذلك صحيح ثابت ، إما وضعا لها ، أو من إطلاق اسم البعض على الكل ، أو المشتهر من باب عكسه ، وورد النهي عن تسميتها بذلك كما سيأتي .

- "أرض الله" : لقوله تعالى : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها [النساء 97] قال جماعة : المراد المدينة ، وفي هذه الإضافة من مزيد التعظيم ما لا يخفى .

"أرض الهجرة" : لحديث فيه [المدينة قبة الإسلام] .

- "أكالة البلدان" : لتسلطها على جميع الأمصار ، وارتفاعها على سائر بلدان الأقطار ، وافتتاحها منها على أيدي أهلها ، فغنموها وأكلوها .

- "أكالة القرى" : لحديث "أمرت بقرية تأكل القرى" .

"الإيمان" : لقوله تعالى في الأنصار : والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم [الحشر 9] قال عثمان بن عبد الرحمن وعبد الله بن جعفر : "سمى الله تعالى المدينة الدار والإيمان" ، رواه محمد بن الحسن المخزومي عنهما . وابن شبة عن الثاني . وقال البيضاوي :

"سمى الله المدينة بالإيمان لأنها مظهره ومصيره" . وعن أنس بن مالك [أن ملك] الإيمان قال :

"أنا أسكن المدينة" ، فقال [ملك] الحياء : "وأنا معك" ، رواه الدينوري في كتابه "المجالسة" .

- "البارة" : بتشديد الراء .

- "البرة" : بالتشديد أيضا ، لكثرة برها لأهلها خصوصا ، ولجميع العالم عموما ، لأنها منبع الفيض والبركات .

- البحرة" : بالفتح وسكون المهملة .

- "البحيرة" : تصغير ما قبله . [ ص: 287 ]

- "البحيرة" : بالفتح والكسر : نقل الزركشي الثلاثة في "الإعلام" عن منتخب كراع ، ونقل غيره الأولين عن معجم ياقوت ، والاستبحار : السعة ، لأنها بمتسع من الأرض ، ولقول سعد بن عبادة : ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة- بالتصغير- على أن يعصبوه بالعصابة ، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك ، ويقال "البحر" أيضا بغير تاء ، ساكن الحاء ، وأصله القرى ، وكل قرية بحرة .

- "البلاط" : بفتح الموحدة ، نقل عن [كتاب : ليس] لابن خالويه ، وهو لغة : الحجارة المفروشة [التي تفرش على الأرض ، والأرض المفروش بها ، والمستوية الملساء ، فكأنها] سميت به لكثرته فيها ، أو لاشتمالها على موضع تعرف به .

- "البلد" : قال تعالى : لا أقسم بهذا البلد [البلد 1] : قيل : المدينة وقيل : مكة ، ورجحه القاضي ، لكن السورة مكية ، والبلد لغة : صدر القرى . قال الواسطي فيما نقله عن القاضي : "أي يحلف لك ربك بهذا البلد الذي شرفته بمكانك فيه حيا ، وببركتك ميتا" ، يعني المدينة .

- "بلد رسول الله" صلى الله عليه وسلم :

روى البزار عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الشياطين قد يئست ، أن تعبد ببلدي" ، هذا يعني المدينة وجزيرة العرب ، "ولكن في التحريش بينهم" .

- "بيت رسول الله" صلى الله عليه وسلم : قال تعالى : كما أخرجك ربك من بيتك بالحق : أي : من المدينة ، لاختصاصها به اختصاص البيت بساكنه ، أو المراد : بيته بها .

- "تندد" : بمثناة فوقية فنون وإهمال الدالين ، كجعفر .

- "تندر" : براء بدل الدال الأخيرة مما قبله كما سيأتي في "يندر" بالتحتية .

- "الجابرة" : ذكر في حديث للمدينة عشرة أسماء ، سميت بها لأنها تجبر الكسير ، وتغني الفقير ، وتجبر على الإذعان ، لمطالعة بركاتها وشهود آياتها ، ولأنها جبرت البلاد على الإسلام .

- "جبار" كحذام ، رواه ابن شبة بدل الجابرة في حديثه المذكور .

- "الجبارة" : نقل عن التوراة .

- "جزيرة العرب" : لقول بعضهم إنها المرادة من الحديث : "أخرجوا المشركين من [ ص: 288 ] جزيرة العرب" ،

وفي حديث ابن عباس : "خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة ، فالتفت إليها وقال : "إن الله برأ هذه الجزيرة من الشرك" ، رواه أبو يعلى والبزار والطبراني .

- "الجنة الحصينة" : بضم الجيم ، وهي الوقاية ، أخذا من

قوله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد : "أنا في جنة حصينة" -

يعني المدينة- [ "دعوهم يدخلون نقاتلهم" ] .

- "الحبيبة" : لحبه صلى الله عليه وسلم لها ودعائه لها .

- "الحرم" : بالفتح بمعنى الحرام لتحريمها ، وفي الحديث : "المدينة حرم" ، وفي رواية أنها : "حرم آمن" .

- "حرم رسول الله" : صلى الله عليه وسلم؛ لأنه الذي حرمها ، وفي الحديث : "من أخاف أهل حرمي أخافه الله" ، وفي حديث آخر : حرم إبراهيم مكة وحرمي المدينة" ، رواه الطبراني .

- "حسنة" : بلفظ مقابل السيئة ، وقال تعالى : لنبوئنهم في الدنيا حسنة [النحل 41] أي مباءة حسنة وهي المدينة ، وقيل : هو اسمها لاشتمالها على الحسن الحسي والمعنوي ، نقله الإمام فخر الدين الرازي .

- "الخيرة" : بالتشديد .

- "الخيرة" : بالتخفيف تقول : امرأة خيرة وخيرة بمعنى كثيرة الخير ، وإذا أردت التفضيل قلت : فلان خير الناس ، وفي الحديث : "والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" .

- "الدار" : لقوله تعالى : والذين تبوءوا الدار والإيمان على ما سبق في الإيمان ، سميت به لأمنها والاستقرار بها ، وجمعها البناء والعرصة .

- "دار الأبرار" .

- "دار المختار" : لأنها دار المصطفى المختار والمهاجرين والأنصار ، ولأنها تنفي شرارها ، ومن أقام بها منهم فليست في الحقيقة له بدار ، وربما نقل منها بعد الإقبار .

"دار الإيمان" :

روى الطبراني بسند لا بأس به عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المدينة قبة الإسلام ودار الإيمان وأرض الهجرة ومبوأ الحلال والحرام" ،

وروى الشيخان عن أبي هريرة ، والبزار عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها" ،

تأرز بفتح أوله وسكون الهمزة وكسر الراء- وقد تضم- [ ص: 289 ] بعدها زاي ، أي أنها كما تخرج في طلب ما تعيش به فإذا راعها شيء رجعت إلى جحرها ، كذلك الإيمان انتشر في المدينة ، فكل مؤمن له من نفسه شائق إلى المدينة ، لمحبته في النبي صلى الله عليه وسلم .

- "دار السنة" .

- "دار السلامة" .

- "دار الفتح" : ففي الصحيح قول عبد الرحمن بن عوف لعمر رضي الله عنهما : "حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة" - وفي رواية الكشميهني أحد رواة البخاري- "والسلامة ، وقد فتحت منها مكة وسائر الأمصار ، وإليها هجرة المختار ، ومنها انتشرت السنة في الأقطار .

- "الدرع الحصينة" : لحديث أحمد برجال الصحيح : "رأيت كأني في درع حصينة ، فأولت الدرع الحصينة المدينة" .

- "ذات الحجر" : بضم الحاء المهملة وفتح الجيم ، لاشتمالها عليها .

- "ذات الحرار" : بكسر الحاء وراءين مهملات ، جمع حرة بفتح الحاء ، وهي الحجارة السود ، لكثرتها بها .

- "ذات النخل" : لوصفها بذلك ولما قبله في خبر خنافر مع رئيه ، وفي سجع عمران بن عامر : فليلحق بيثرب ذات النخل ، وفي الحديث : "أريت دار هجرتي ذات نخل وحرة" .

- "السلقة" : ذكره أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أمين الأقشهري في أسمائها المنقولة عن التوراة ، وهو محتمل ، والسلقة بفتح اللام وكسرها ، إذ السلق بالتحريك : القاع الصفصف ، والسلاق : البليغ ، وربما قيل للمرأة السليطة سلقة بالكسر ، وسلقت البيض سلقا : أغليته بالنار . فسميت المدينة به لاتساعها وتباعد جبالها ، أو لتسلطها على البلاد فتحا ، أو للأوائها وشدة حرها وما كان بها من الحمى .

- "الشافية" : لحديث : "ترابها شفاء من كل داء" ، ولما صح في غبارها . وذكر ابن مسدي : الاستشفاء من الحمى بكتابة أسمائها وتعليقها على المحموم ، وسيأتي أنها تنفي الذنوب فتشفي من دائها . [ ص: 290 ]

- "طابة" : كشامة ، روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن الله تعالى سمى المدينة طابة" .

- "طيبة" : بسكون المثناة التحتية ، كهيبة وعيبة .

- "طيبة" : بتشديد المثناة التحتية .

- "طائب" : ككاتب ، وهذه الأربعة مع اسمها المطيبة أخوات لفظا ومعنى ، مختلفات صيغة ومبنى . وفي الحديث : "للمدينة عشرة أسماء هي المدينة وطيبة وطابة" ، وعن وهب بن منبه : "إن اسمها في كتاب الله- يعني التوراة- طيبة وطابة" . ونقل عن التوراة أيضا تسميتها بالطيبة وكذلك المطيبة . وتسميتها بهذه الأسماء إما من الطيب بتشديد المثناة وهو الطاهر ، لطهارتها من أدناس الشرك ، أو لحلول الطيب بها صلى الله عليه وسلم ، أو لكونها كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها . قال الإشبيلي : "لتربة المدينة نفحة ليس طيبها كما عهد من الطيب ، بل هو أعجب من الأعاجيب" . قال بعض أهل العلم : "وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية ، لأن من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا تكاد توجد في غيرها" .

- "طبابا" : ذكره ياقوت ، وهو بكسر المهملة ، يعني القطعة المستطيلة من الأرض ، أو بفتح المعجمة ظبابا من ظب ، وظبظب إذا حم ، لما كان بها من الحمى .

"العاصمة" : لعصمتها للمهاجرين من المشركين ، ولأنها الدرع الحصينة ، أو هي بمعنى المعصومة ، فلا يدخلها الدجال ولا الطاعون ، ومن أرادها بسوء أذابه الله .

- "العذراء" : بالمهملة فالمعجمة ، نقل عن التوراة ، لصعوبتها وامتناعها على الأعداء ، حتى تسلمها مالكها الحقيقي سيد الأنام صلى الله عليه وسلم .

- "العراء" : بإهمال أوله وثانيه ، قال أئمة اللغة : العراء : الجارية العذراء ، كأنها شبهت بالناقة العراء التي لا سنام لها ، أو صغر سنامها كصغر نهد العذراء ، فيجوز أن تكون تسمية المدينة بذلك لعدم ارتفاع أبنيتها في السماء .

- "العروض" : بعين مهملة فراء فواو فضاد معجمة كصبور ، وقيل : هو اسم لها ولما حولها لانخفاض مواضع منها ، ومسايل أودية فيها ، أو لأنها من نجد على خط مستقيم طولا ، والمدينة معترضة عنها ناحية .

- "الغراء" : بالغين المعجمة تأنيث الأغر : ذي الغرة والبياض في مقدم الوجه ، والغرة أيضا خيار كل شيء ، وغرة الإنسان : وجهه ، والأغر : الأبيض من كل شيء ، والذي أخذت اللحية جميع [ ص: 291 ] وجهه إلا القليل ، والرجل الكريم ، واليوم الشديد الحر . والغراء : نبت طيب الرائحة ، والسيدة الكبيرة . فسميت المدينة بذلك لأنها سادت على القرى ، وطاب ريحها في الورى ، وأكرم أهلها وكثر غرسها وابيض نورها وسطع ضياؤها .

- "غلبة" : محركة بمعنى الغلب ، لظهورها على البلاد ، وكانت في الجاهلية تدعى "غلبة" : نزلت يهود بها على العماليق فغلبتهم عليها ، ونزلت الأوس والخزرج على يهود فغلبوهم عليها ، ونزل المهاجرون على الأوس والخزرج فغلبوهم عليها ، ونزل الأعاجم على المهاجرين فغلبوهم عليها .

- "الفاضحة" : بالفاء وضاد معجمة وحاء مهملة ، نقل عن كراع : إذ لا يضمر بها أحد عقيدة فاسدة أو يبطن أمرا إلا ظهر عليه وافتضح به ، وهو معنى كونها تنفي خبثها .

- "القاصمة" : بقاف وصاد مهملة . نقل عن التوراة ، لقصمها كل جبار عناها ، وكسر كل متمرد أتاها ، ومن أرادها بسوء أذابه الله .

- "قبة الإسلام" : لحديث "المدينة قبة الإسلام" .

- "قرية الأنصار" : وتقدم الكلام على الأنصار .

- "قرية رسول الله" صلى الله عليه وسلم ، لحديث الطبراني برجال ثقات : "ثم يسير- يعني الدجال- حتى يأتي المدينة ولا يؤذن له فيها فيقول : هذه قرية ذاك الرجل" ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم .

- "قلب الإيمان" : أورده ابن الجوزي في حديث : "المدينة قبة الإسلام" .

- "المؤمنة" : لتصديقها بالله تعالى حقيقة ، لخلقه قابلية ذلك فيها كما في تسبيح الحصى ، أو مجازا لاتصاف أهلها بالإيمان ، وانتشاره منها ، واشتمالها على أوصاف المؤمن ، أو لإدخالها أهلها في الأمن من الأعداء والطاعون والدجال . وقد روي في حديث : "والذي نفسي بيده إن تربتها لمؤمنة" ، وروي في آخر : "إنها لمكتوبة في التوراة مؤمنة" .

- "المباركة" : لأن الله تعالى بارك فيها بدعائه صلى الله عليه وسلم وحلوله بها .

- "مبوأ الحلال والحرام : رواه الطبراني في حديث : "المدينة قبة الإسلام" ، والتبوء : التمكن والاستقرار ، سميت به لأنها محل تمكن هذين الحكمين واستقرارهما .

- "مبين الحلال والحرام" : رواه ابن الجوزي وغيره بدل الذي قبله في الحديث المتقدم لأنها محل بيانهما . [ ص: 292 ]

- "المجبورة" : ذكر في الحديث : "للمدينة عشرة أسماء" ، ونقل عن الكتب المتقدمة ، سميت به لجبرها بخلاصة الوجود حيا وميتا ، لحثه على سكناها ، بعد نقل حماها وتكرر دعائه لها .

- "المحبة" : بضم الميم وبالحاء المهملة وتشديد الموحدة ، نقل عن الكتب المتقدمة .

- "المحببة" : بزيادة موحدة على ما قبله .

- "المحبوبة" : نقل عن الكتب المتقدمة أيضا ، وهذه ثلاثة مع ما تقدم من اسمها الحبيبة من مادة واحدة ، وحبه صلى الله عليه وسلم لها ودعاؤه به معلوم ، وحبه تابع لحب ربه .

- "المحبورة" : من الحبر وهو السرور ، أو من الحبرة بمعنى النعمة أو المبالغة فيما وصف بجميل ، والمحبار من الأرض : السريعة النبات الكثيرة الخيرات .

- "المحرمة" : لتحريمها .

- "المحروسة" : لحديث : "المدينة مشتبكة بالملائكة ، على كل نقب منها ملك يحرسها" ، رواه الجندي .

- "المحفوفة" : لأنها حفت بالبركات وملائكة السماوات ، وفي خبر : "تأتي مكة والمدينة محفوفتان بالملائكة" .

- "المحفوظة" : لحفظها من الطاعون والدجال وغيرهما ، وفي خبر : "القرى المحفوظة أربع" ، وذكر المدينة منها .

- "المختارة" : لأن الله تعالى اختارها للمختار من خلقه في حياته ومماته .

- "مدخل صدق" : قال الله تعالى : وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا [الإسراء 80] فمدخل صدق : المدينة كما تقدم .

- "المدينة" : لتكرره في القرآن ، ونقل عن التوراة ، والمدينة من مدن بالمكان : أقام به ، أو من دان : إذا أطاع ، إذ يطاع السلطان بالمدينة لسكناه بها ، وهي أبيات كثيرة تجاوز حد القرى ولم تبلغ حد الأمصار ، وقيل : يقال لكل مصر ، وتطلق على أماكن كثيرة ، ومع ذلك فهو علم للمدينة النبوية ، بحيث إذا أطلق لا يتبادر الفهم إلى غيرها ، ولا يستعمل فيها إلا المعرفة ، أما [ ص: 293 ] النكرة فاسم لكل مدينة ، ونسبوا للكل مديني ، وللمدينة النبوية مدني للفرق .

- "مدينة رسول الله" : صلى الله عليه وسلم ،

لقوله في حديث الطبراني : "من أحدث في مدينتي هذه حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" ،

فأضافها إليه لسكناه بها ، وله ولخلفائه دانت الأمم .

- "المرحومة" : نقل عن التوراة ، سميت به لأنها دار المبعوث رحمة للعالمين ، وبها تنزل الرحمات .

- "المرزوقة" : لأن الله تعالى رزقها أفضل الخلق فسكنها ، أو المرزوق أهلها ، ففي الحديث : "لا يخرج أحد منها إلا أبدلها الله خيرا منه" .

- "مسجد الأقصى" : نقله ابن الملقن في "الإشارات" عن صاحب "المطالع" .

- "المسكينة" : نقل عن التوراة ، وذكر في حديث : "للمدينة عشرة أسماء" ، وروى الزبير بن بكار عن كعب الأحبار قال : "نجد في كتاب الله تعالى الذي أنزل على موسى أن الله قال للمدينة : يا طيبة يا طابة يا مسكينة لا تقبلي الكنوز ، أرفع أجاجيرك على أجاجير القرى ، والأجاجير : السطوح ، والمسكنة : الخضوع والخشوع خلقه الله فيها ، أو هي مسكن الخاشعين والخاضعين .

- "المسلمة" : كالمؤمنة ، لخلق الله تعالى فيها الانقياد والانقطاع له ، أو لانقياد أهلها وفتح بلدهم بالقرآن .

- "مضجع رسول الله" : صلى الله عليه وسلم

كما في الحديث : "المدينة مهاجري ومضجعي في الأرض" .

- "المطيبة" : بضم أوله وفتح ثانيه ، تقدم في طيبة .

- "المقدسة" : لتنزهها عن الشرك وكونها تنفي الذنوب .

- "المقر" : بالقاف كالممر ، من القرار ، نقله السيد من بعض كتب اللغة ،

وفي دعائه صلى الله عليه وسلم لها قوله : "اللهم اجعل لنا بها قرارا ورزقا حسنا" .

- "المكتان" : قال سعد بن أبي السرح في حصار عثمان رضي الله عنه : "وأنصارنا بالمكتين قليل" . وقال نصر بن حجاج بعد نفيه من المدينة :


فأصبحت منفيا على غير ريبة وقد كان لي بالمكتين مقام

[ ص: 294 ] قال السيد : "والظاهر أن المراد المدينة؛ لأن قصة عثمان ونصر بن حجاج كانتا بها ، وأطلق ذلك عليها لانتقال أهل مكة أو غالبهم إليها وانضمامهم إلى أهلها" . أو أنه من قبيل التغليب ، والمراد مكة والمدينة . - "المكينة" : لتمكنها في المكانة والمنزلة عند الله تعالى .

- "مهاجر رسول الله" : صلى الله عليه وسلم لقوله "المدينة مهاجري" .

- "الموفية" : بتشديد الفاء وتخفيفها ، لتوفيتها الوافدين حسا ومعنى ، وأهلها الموفون بما عاهدوا الله عليه .

- "الناجية" : بالجيم ، لنجاتها من العتاة والطاعون والدجال ، أو لإسراعها في الخيرات ، فحازت أشرف المخلوقات ، ولارتفاع شأنها .

- "نبلاء" : نقل من كراع ، قال السيد : وأظنه بفتح النون وسكون الموحدة ، مأخوذ من النبل بالضم والسكون ، وهو الفضل والنجابة .

- "النحر" : بفتح النون وسكون الحاء المهملة ، سميت به إما لشدة حرها كما يقال نحر الظهيرة ، وإما لإطلاق النحر على الأصل ، وهما أساس بلاد الإسلام .

- "الهذراء" : ذكره ابن النجار بدل العذراء نقلا عن التوراة ، روي بالذال المعجمة ، وذلك لشدة حرها ، يقال : يوم هاذر شديد الحر ، أو لكثرة مياهها وأصوات سوانيها ، ويقال هذر في كلامه إذا أكثر ، ويحتمل أن يكون بالمهملة من هدر الحمام : إذا صوت ، والماء : انصب وانهمر ، والعشب : طال ، وأرض هادرة : كثيرة النبات .

- "يثرب" : لغة في أثرب ، وقد تقدم الكلام عليه فيه ، وستأتي أحاديث النهي عن تسميتها بذلك .

- "يندد" : بدالين مهملتين ، ذكره كراع ، وهو إما من الند وهو الطيب المعروف ، أو الند : التل المرتفع ، أو من الناد : وهو الرزق .

- "يندر" : كحيدر براء بدل الدال الثانية مما قبله ، كذا في حديث : "للمدينة عشرة أسماء" في بعض الكتب ، وفي بعضها الآخر بمثناة فوقية ودالين : تندد ، وفي بعضها كذلك بفوقية ودال وراء : تندر ، وصوب المجد اللغوي "يندد" فقط بالتحتية ودالين ، وفيه نظر .

والحديث رواه ابن زبالة إلا أنه سردها تسعة ، ورواه ابن شبة وسردها ثمانية فحذف منه الدار ، ثم روي من طريقه أيضا عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب تسميتها بالدار والإيمان ثم قال :

" [وجاء في الحديث الأول ثمانية أسماء وجاء في هذا الحديث اسمان] فالله أعلم أهما تمام [ ص: 295 ]

العشرة أم لا" . ورواه ابن زبالة كذلك ، إلا أنه سرد تسعة فزاد اسم "الدار" وأسقط العاشر ، ونقل ابن زبالة أن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : بلغني أن للمدينة في التوراة أربعين اسما ، انتهى ما ذكره السيد رحمه الله مع زيادات فيه .

وروى الزبير بن بكار عن القاسم بن محمد قال : بلغني أن للمدينة أربعين اسما .

وروى أيضا عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "للمدينة عشرة أسماء هي : المدينة وطيبة وطابة ومسكينة وجابرة ومجبورة ويندد ويثرب والدار" .

وروي أيضا عن إبراهيم بن الحسن قال : "للمدينة في التوراة أحد عشر اسما : المدينة وطيبة وطابة والمسكينة والجابرة والمجبورة والمرحومة والعذراء والمحبوبة والقاصمة . [ ص: 296 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية