سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السابع : في وعيد من أحدث بها حدثا ، أو آوى محدثا ، أو أرادها وأهلها بسوء أو أخافهم ، والوصية بهم

روى الطبراني برجال الصحيح عن أبي أمامة ، وعن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أحدث في مدينتي هذه حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" .

وعن السائب بن خلاد أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله عز وجل ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا" ، رواه الإمام أحمد .

وعن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أرادها- يعني المدينة- بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء" ، رواه الإمام أحمد والشيخان .

وعن معقل بن يسار رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المدينة مهاجري وفيها مضجعي ومنها مبعثي ، حقيق على أمتي حفظ جيراني ما اجتنبوا الكبائر ، ومن حفظهم كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة ، ومن لم يحفظهم سقي من طينة الخبال" ،

قيل لمعقل : وما طينة الخبال؟ قال : عصارة أهل النار ، رواه أبو عمرو بن السماك ، وابن الجوزي في "مثير الغرام الساكن" .

وروى الجندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أيما جبار أراد المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء" .

وروى البزار بسند حسن عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم اكفهم من دهمهم ببأس- يعني المدينة- ولا يريدها أحد بسوء إلا أذابه الله كما يذوب الملح في الماء" .

وروى محمد بن الحسن المخزومي عن سعيد بن المسيب مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم من أرادني وأهل بلدي بسوء فعجل بهلاكه" .

وروى الإمام أحمد برجال الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أخاف أهل المدينة أخافه الله" ، رواه ابن حبان .

وعن عبادة بن الصامت [ ص: 313 ] رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، " رواه الطبراني بإسناد حسن .

وفي "المدارك" للقاضي قال محمد بن مسلمة : سمعت مالكا يقول : دخلت على المهدي فقال : أوصني ، فقلت : أوصيك بتقوى الله وحده والعطف على أهل بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيرانه ، فإنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "المدينة مهاجري ومنها مبعثي وبها قبري وأهلها جيراني ، وحقيق على أمتي حفظ جيراني ، فمن حفظهم في كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ، ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال" .

وقال مصعب : "لما قدم المهدي المدينة ، استقبله مالك وغيره من أشرافها على أميال ، فلما بصر بمالك انحرف المهدي إليه فعانقه وسلم عليه وسايره ، فالتفت إليه مالك فقال : يا أمير المؤمنين ، إنك تدخل الآن المدينة ، فتمر بقوم عن يمينك ويسارك ، وهم أولاد المهاجرين والأنصار ، فسلم عليهم ، فإن ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة ، ولا خير من المدينة قال : ومن أين قلت ذلك يا أبا عبد الله؟ فقال : لأنه لا يعرف قبر نبي اليوم على وجه الأرض غير قبر محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن كان قبر محمد صلى الله عليه وسلم عندهم فينبغي أن يعرف فضلهم على غيرهم . ففعل المهدي ما أمره به ، وفيه إشارة إلى التفضيل بمجاورة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" ،

ولم يخص جارا دون جار .

ومن تأمل هذا الفضل لم يرتب في تفضيل سكنى المدينة على مكة ، مع التسليم بمزيد المضاعفة لمكة ، [إذ جهة الفضل غير منحصرة في ذلك] فتلك لها مزيد العدد ، وهذه تضاعف البركة والمدد ، ولتلك جوار بيت الله ، ولهذه جوار حبيب الله وأكرم الخلق على الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية