سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
جماع أبواب نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم

الباب الأول في فضل العرب وحبهم

لما كانت العرب أصل رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن ذكر بعض فضائلهم.

وقد قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ليس في العرب قبيلة إلا وقد ولدت رسول الله صلى الله عليه وسلم مضريها وربيعيها ويمانيها.

رواه عبد بن حميد وابن أبي أسامة وابن المنذر.

وفيه أنواع: الأول: في أن الله تعالى تخير العرب من خلقه وتخيره صلى الله عليه وسلم منهم.

عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله الخلق فاختار من الخلق بني آدم ، واختار من بني آدم العرب ، واختار من العرب مضر ، واختار من مضر قريشا ، واختار من قريش بني هاشم ، واختارني من بني هاشم ، فأنا خيار من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم".

رواه الطبراني والحاكم والبيهقي وأبو نعيم .

وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله الخلق اختار العرب ، ثم اختار من العرب قريشا ، ثم اختارت من قريش بني هاشم ، ثم اختارني من بني هاشم ، فأنا خيرة من خيرة".

رواه الحاكم وصححه.

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حين خلق الخلق بعث جبريل فقسم الناس قسمين، فقسم العرب قسما وقسم العجم قسما، وكانت خيرة الله في العرب ، ثم قسم العرب قسمين، فقسم اليمن قسما وقسم مضر قسما وقريشا قسما، وكانت خيرة الله في قريش، ثم أخرجني من خير من أنا منه". [ ص: 230 ] رواه الطبراني وحسن الحافظ أبو الفضل العراقي إسناده.

وعن واثلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى كنانة من بني إسماعيل ، واصطفى من بني كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ".

رواه مسلم والترمذي وصححه.

النوع الثاني: في أن حب العرب حب للنبي صلى الله عليه وسلم.

عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب العرب فقد أحبني، ومن أبغض العرب فقد أبغضني".

رواه الطبراني : وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب العرب فبحبي أحبهم ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم".

رواه الحاكم .

وروى الطبراني والحاكم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي".

النوع الثالث: في أن بغض العرب مفارقة للدين.

عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا سلمان لا تبغضني [ ص: 231 ] فتفارق دينك". قلت: يا رسول الله كيف أبغضك وبك هداني الله؟ قال: "تبغض العرب فتبغضني".

رواه الترمذي وقال حسن غريب.

وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبغض العرب إلا منافق".

رواه الطبراني .

النوع الرابع: في فضل قريش.

عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حب قريش إيمان وبغضهم كفر".

رواه الطبراني .

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم".

رواه الشيخان.

وعن معاوية رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين".

رواه البخاري .

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد هوان قريش أهانه الله".

رواه الترمذي وحسنه. [ ص: 232 ] وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله".

رواه الإمام أحمد ، وصحح العراقي إسناده.

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمسوا الأمانة في قريش فإن الأمين في قريش له فضلان على أمين من سواهم، وإن قوي قريش له فضلان على قوي من سواهم".

رواه الطبراني وأبو يعلى . وحسن الهيثمي إسناده.

وعن عبد الله بن الحارث الزبيدي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العلم في قريش والأمانة في الأزد".

رواه الطبراني ، وحسن الهيثمي إسناده.

وعن رفاعة بن رافع رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن قريشا أهل أمانة، فمن بغى لهم العواثر أكبه الله على منخريه" قالها ثلاثا.

رواه البزار ورجاله ثقات.

وعن قتادة بن النعمان رضي الله تعالى عنه أنه وقع بقريش فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا قتادة لا تسبن قريشا فإنه لعلك أن ترى منهم رجالا تزدري عملك مع أعمالهم وفعلك مع أفعالهم وتغبطهم إذا رأيتهم، لولا أن تطغى قريش لأخبرتهم الذي لهم عند الله". [ ص: 233 ] رواه الإمام أحمد والطبراني والبزار ، وصحح العراقي إسناده.

وفي لفظ: إن أبا قتادة الأنصاري السلمي قال لخالد بن الوليد يوم فتح مكة : هذا يوم يذل الله فيه قريشا . فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمع ما يقول أبو قتادة يا رسول الله؟ فقال: "مهلا يا أبا قتادة إنك لو وزنت حلمك مع حلومهم لتحاقرت حلمك مع حلومهم، ولو وزنت رأيك مع رأيهم لتحاقرت رأيك مع رأيهم، ولو وزنت فعالك مع فعالهم لتحاقرت فعلك مع فعالهم، لا تعلموا قريشا وتعلموا منهم، فلولا أن تبطر قريش لأخبرتهم بما لهم عند رب العالمين".

رواه البيهقي في المدخل.

وعن جبير بن مطعم رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس لا تقدموا قريشا فتهلكوا ولا تتخلفوا عنها فتضلوا ولا تعلموها وتعلموا منها، فإنها أعلم منكم، لولا أن تبطر قريش لأخبرتهم بالذي لها عند الله".

رواه البيهقي في المدخل وحسن العراقي إسناده.

وعن أم هانئ رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضل الله قريشا بسبع خصال لم يعطها أحدا قبلهم ولا يعطيها أحدا بعدهم: فضل الله قريشا بأني منهم، وأن النبوة فيهم، وأن الحجابة فيهم وأن السقاية فيهم ونصرهم على الفيل، وعبدوا الله عشر سنين لا يعبده غيرهم، وأنزل فيهم سورة من القرآن لم تنزل في أحد من غيرهم".

رواه الطبراني وحسن العراقي إسناده.

والأحاديث في ذلك كثيرة.

ويرحم الله تعالى العلامة ابن جابر حيث قال في بديعيته: [ ص: 234 ]

من أعرب العرب إلا أن نسبته إلى قريش حماة البيت والحرم     لا عيب فيهم سوى ألا ترى لهم
ضيفا يجوع ولا جارا بمهتضم     ما عاب منهم عدو غير أنهم
لم يصرفوا السيف يوما عن عدوهم     من غض من مجدهم فالمجد عنه نأى
لكنه غص إذ سادوا على الأمم     لا خير في المرء لم يعرف حقوقهم
لكنه من ذوي الأهواء والتهم     عيبت عداهم فزانوهم بأن تركوا
سيوفهم وهي تيجان لهامهم     تجري دماء الأعادي من سيوفهم
مثل المواهب تجري من أكفهم     لهم أحاديث مجد كالرياض إذا
أهدت نواسم حبي بارئ النسم     ترى الغني لديهم والفقير وقد
عادوا سواء فلازم باب قصدهم     قل للصباح إذا ما لاح نورهم
إن كان عندك هذا النور فابتسم     إذا بدا البدر تحت الليل قلت له
أأنت يا بدر أم مرأى وجوههم     كانوا عيونا ولكن للعفاة كما
كانوا ليوثا ولكن في عداتهم     كم قائل قال حاز المجد وارثه
فقلت هم وارثوه عن جدودهم     قد أورث المجد عبد الله شيبة عن
عمرو بن عبد مناف عن قصيهم     فجاء فيهم بمن جال السماء ومن
سما على النجم في سامي بيوتهم     فالعرب خير أناس ثم خيرهم
قريش هم وهو منهم خير خيرهم     قوم إذا قيل من؟ قالوا نبيكم
منا، فهل هذه تلفى لغيرهم     إن تقرأ "النحل" تنحل جسم حاسدهم
وفي "براءة" يبدو وجه جاههم     قوم النبي فإن تحفل بغيرهم
بين الورى فقد استسمنت ذا ورم     إن يجحد العجم فضل العرب قل لهم
خير الورى منكم أم من صميمهم     من فضل العجم فض الله فاه ولو
فاهوا لغصوا وغضوا من نبيهم

[ ص: 235 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية