سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر مقتل الأصيرم عمرو بن ثابت بن وقش

ويقال : أقيش . روى ابن إسحاق عن محمود بن لبيد وأبو داود والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنهما : أن الأصيرم كان يأبى الإسلام على قومه ، زاد الحاكم كان له رئي في الجاهلية ، فكان يمنع ذلك الرئي من الإسلام حتى يأخذه ، فجاء ذات يوم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأحد فقال : أين سعد بن معاذ ؟ فقيل : بأحد ، فقال : أين بنو أخيه ؟ قيل : بأحد ، فسأل عن قومه فقيل : بأحد ، فبدا له في الإسلام فأسلم ، وأخذ سيفه ورمحه وأخذ لأمته وركب فرسه فعدا حتى دخل في عرض الناس ، فلما رآه المسلمون قالوا : إليك عنا يا عمرو ، قال : إني قد آمنت . فقاتل حتى أثبتته الجراحة ، فبينا رجال من بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به ، فقالوا : والله إن هذا للأصيرم ، ما جاء به ؟ لقد تركناه وإنه منكر لهذا الحديث ، فسألوه : ما جاء بك ؟ أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام ؟ فقال : بل رغبة في الإسلام ، آمنت بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وأسلمت ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قاتلت حتى أصابني ما أصابني ، وإن مت فأموالي إلى محمد يضعها حيث شاء - ولفظ أبي هريرة فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخيه : سله : حمية لقومه أو غضبا لله ورسوله ؟ فقال : بل غضبا لله ورسوله ، انتهى . ثم لم يلبث أن مات في أيديهم ، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه من أهل الجنة .

[ ص: 213 ] وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : حدثوني عن رجل دخل الجنة ولم يصل قط فإذا لم يعرفه الناس سألوه من هو فيقول : هو أصيرم بني عبد الأشهل .

قال في الإصابة : فجمع بين الروايتين بأن الذين قالوا له أولا : «إليك عنا » قوم من المسلمين من غير قومه بني عبد الأشهل . وبأنهم لما وجدوه في المعركة حملوا إلى بعض أهله .

التالي السابق


الخدمات العلمية