سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر بعض ما قاله المسلمون من الشعر في غزوة أحد

قال حسان بن ثابت رضي الله عنه يجيب هبيرة بن أبي وهب عن كلمة قالها .

[ ص: 232 ]

سقتم كنانة جهلا من سفاهتكم إلى الرسول فجند الله مخزيها     أوردتموها حياض الموت ضاحية
فالنار موعدها والقتل لاقيها     جمعتموهم أحابيشا بلا حسب
أئمة الكفر غرتكم طواغيها     ألا اعتبرتم بخيل الله إذ قتلت
أهل القليب ومن ألقينه فيها ؟ !     كم من أسير فككناه بلا ثمن
وجز ناصية كنا مواليها



وقال كعب بن مالك رضي الله عنه يجيبه أيضا :


ألا هل أتى غسان عنا ودونهم     من الأرض خرق سيره متنعنع
صحار وأعلام كأن قتامها     من البعد نقع هامد متقطع
تظل به البزل العراميس رزحا     ويخلو به غيث السنين فيمرع
به جيف الحسرى يلوح صليبها     كما لاح كتان التجار الموضع
به العين والأرآم يمشين خلفة     وبيض نعام قيضه يتقلع
مجالدنا عن ديننا كل فخمة     مدربة فيها القوانس تلمع
وكل صموت في الصوان كأنها     إذا لبست نهي من الماء مترع
ولكن ببدر سائلوا من لقيتمو     من الناس والأنباء بالغيب تنفع
وإنا بأرض الخوف لو كان أهلها     سوانا لقد أجلوا بليل فأقشعوا
إذا جاء منا راكب كان قوله     أعدوا لما يزجي ابن حرب ويجمع
فمهما يهم الناس مما يكيدنا     فنحن له من سائر الناس أوسع
فلو غيرنا كانت جميعا تكيده ال     برية قد أعطوا يدا وتورعوا
نجالد لا تبقى علينا قبيلة     من الناس إلا أن يهابوا ويفظعوا
ولما ابتنوا بالعرض قال سراتنا :     علام إذا لم تمنع العرض نزرع ؟ !
وفينا رسول الله نتبع أمره     إذا قال فينا القول لا نتطلع
تدلى عليه الروح من عند ربه     ينزل من جو السماء ويرفع
نشاوره فيما نريد وقصدنا     إذا ما اشتهى أنا نطيع ونسمع
وقال رسول الله لما بدوا لنا :     ذروا عنكم هول المنيات واطمعوا
وكونوا كمن يشري الحياة تقربا     إلى ملك يحيا لديه ويرجع
ولكن خذوا أسيافكم وتوكلوا     على الله أن الأمر لله أجمع
فسرنا إليهم جهرة في رحالهم     ضحيا علينا البيض لا نتخشع
بملمومة فيها السنور والقنا     إذا ضربوا أقدامها لا تورع
فجئنا إلى موج من البحر وسطه     أحابيش منهم حاسر ومقنع
[ ص: 233 ] ثلاثة آلاف ونحن نصية     ثلاث مئين إن كثرنا وأربع
نعاورهم تجري المنيات بيننا     نشارعهم حوض المنايا ونشرع
تهادى قسي النبع فينا وفيهم     وما هو إلا اليثربي المقطع
ومنجوفة حرمية صاعدية     يذر عليها السم ساعة تصنع
تصوب بأبدان الرجال وتارة     تمر بأعراض البصار تقعقع
وخيل تراها بالفضاء كأنها     جراد صبا في قرة يتريع
فلما تلاقينا ودارت بنا الرحى     وليس لأمر حمه الله مدفع
ضربناهم حتى تركنا سراتهم     كأنهم بالقاع خشب مصرع
لدن غدوة حتى استفقنا عشية     كأن ذكانا حر نار تلفع
وراحوا سراعا موجفين كأنهم     جهام هراقت ماءه الريح مقلع
ورحنا وأخرانا بطاء كأننا     أسود على لحم ببيشة ظلع
فنلنا ونال القوم منا وربما     فعلنا ولكن ما لدى الله أوسع
ودارت رحانا واستدارت رحاهم     وقد جعلوا كل من الشر يشبع
ونحن أناس لا نرى القتل سبة     على كل من يحمي الذمار ويمنع
جلاد على ريب الحوادث لا نرى     على هالك عينا لنا الدهر تدمع
بنو الحرب لا نعيا بشيء نقوله     ولا نحن مما جرت الحرب نجزع
بنو الحرب إن نظفر فلسنا بفحش     ولا نحن من أظفارها نتوجع
وكنا شهابا يتقي الناس شره     ويفرج عنه من يليه ويسفع
فخرت علي ابن الزبعرى وقد سرى     لكم طلب من آخر الليل متبع
فسل عنك في عليا معد وغيرها     من الناس من أخزى مقاما وأشنع
ومن هو لم تترك له الحرب مفخرا     ومن خده يوم الكريهة أضرع
شددنا بحول الله ، والنصر شدة     عليكم وأطراف الأسنة شرع
نكر القنا فيكم كأن فروغها     عزالى مزاد ماؤها يتهزع
عمدنا إلى أهل اللواء ومن يطر     بذكر اللواء فهو في الجذم أسرع
فخانوا وقد أعطوا يدا وتخاذلوا     أبى الله إلا أمره وهو أصنع



قال ابن هشام : وقد كان كعب بن مالك قد قال : «مجالدنا عن جذمنا كل فخمة » ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أيصلح أن نقول : مجالدنا عن ديننا ؟ » فقال كعب بن مالك : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فهو أحسن » ، فهو أحسن ، فقال كعب : «مجالدنا عن ديننا » .

[ ص: 234 ] وقال رضي الله عنه أيضا :


أبلغ قريشا وخير القول أصدقه     والصدق عند ذوي الألباب مقبول
أن قد قتلنا بقتلانا سراتكم     أهل اللواء ففيما يكثر القيل ؟ !
ويوم بدر لقيناكم لنا مدد     فيه مع النصر ميكال وجبريل
إن تقتلونا فدين الحق فطرتنا     والقتل في الحق عند الله تفضيل
وإن تروا أمرنا في رأيكم سفها     فرأي من خالف الإسلام تضليل
فلا تمنوا لقاح الحرب واقتعدوا     إن أخا الحرب أصدى اللون مشغول
إن لكم عندنا ضربا يراح بكم     عرج الضباع له خذم رعابيل
إنا بنو الحرب نمريها وننتجها     وعندنا لذوي الأضغان تنكيل
إن ينج ابن حرب بعد ما بلغت     منه التراقي وأمر الله مفعول
فقد أفادت له حلما وموعظة     لمن يكون له لب ومعقول
ولو هبطتم ببطن السيل كافحكم     ضرب بشاكلة البطحاء ترعيل
تلقاكم عصب حول النبي لهم     مما يعدون للهيجا سرابيل
من جذم غسان مسترخ حمائلهم     لا جبناء ولا ميل معازيل
يمشون نحو عمايات القتال كما     تمشي المصاعبة الأذم المراسيل
أو مثل مشي أسود الطل ألثقها     يوم رذاذ من الجوزاء مشمول
في كل سابغة كالنهي محكمة     قيامها فلج كالسيف بهلول
ترد حد قران النبل خاسئة     ويرجع السيف منها وهو مفلول
ولو قذفتم بسلع عن ظهوركم     وللحياة ودفع الموت تأجيل
ما زال في القوم وتر منكم أبدا     تعفو السلام عليه وهو مطلول
عبد وحر كريم موبق قنصا     شطر المدينة مأسور ومقتول
كنا نؤمل أخراكم فأعجلكم     منا فوارس لا عزل ولا ميل
إذا جنى فيهم الجاني فقد علموا     حقا بأن الذي قد جر محمول
ما يجن لا يجن من إثم مجاهرة     ولا ملوم ولا في الغرم مخذول



وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه يجيب ابن الزبعرى :


ذهبت بابن الزبعرى وقعة     كان منا الفضل فيها لو عدل
ولقد نلتم ونلنا منكم     وكذاك الحرب أحيانا دول
نضع الأسياف في أكتافكم     حيث نهوي عللا بعد نهل
نخرج الأصبح من أستاهكم     كسلاح النيب يأكلن العصل
[ ص: 235 ] إذ تولون على أعقابكم     هربا في الشعب أشباه الرسل
إذ شددنا شدة صادقة     فأجأناكم إلى سفح الجبل
بخناطيل كأمذاق الملا     من يلاقوه من الناس يهل
ضاق عنا الشعب إذ نفرعه     وملأنا الفرط منه والرجل
برجال لستم أمثالهم     أيدوا جبريل نصرا فنزل
وعلونا يوم بدر بالتقى     طاعة الله وتصديق الرسل
وقتلنا كل رأس منهم     وقتلنا كل جحجاح رفل
وتركنا في قريش عورة     يوم بدر وأحاديث المثل
ورسول الله حقا شاهد     يوم بدر والتنابيل الهبل
في قريش من جموع جمعوا     مثل ما يجمع في الخصب الهمل
نحن لا أمثالكم ولد استها     نحضر الناس إذا البأس نزل



وقال حسان بن ثابت يبكي حمزة بن عبد المطلب ومن أصيب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، رضي الله عنهم :


يا مي قومي فاندبي بسحيرة شجو النوائح     كالحاملات الوقر بالثقل الملحات الدوالح
المعولات الخامشات وجوه حرات صحائح     وكأن سيل دموعها الأنصاب تخضب بالذبائح
ينقضن أشعارا لهن هناك بادية المسايح     وكأنها أذناب خيل بالضحى شمس روامح
من بين مشذور ومجزور يذعذع بالبوارح     يبكين شجو مسلبات كدحتهن الكوادح
ولقد أصاب قلوبها مجل له جلب قوارح     إذ أقصد الحدثان من كنا نرجى إذ نشايح
أصحاب أحد غالهم دهر ألم له بوارح     من كان فارسنا وحامينا إذا بعث المسالح
يا حمز لا والله لا أنساك ما صر اللقائح [ ص: 236 ]     لمناخ أيتام وأضياف وأرملة تلامح
ولما ينوب الدهر في حرب لحرب وهي لاقح     يا فارسا يا مدرها يا حمز قد كنت المصامح
عنا شديدات الأمور إذا ينوب لهن فادح     ذكرتني أسد الرسول وذاك مدرهنا المنافح
عنا وكان يعد إذ عد الشريفون الجحاجح     يعلو القماقم جهرة سبط اليدين أغر واضح
لا طائش رعش ولا ذو علة بالحمل آنح     بحر فليس يغب جارا منه سيب أو منادح
أودى الشباب أولو الحفائظ والثقيلون المراجح     المطعمون إذا المشاتي ما يصفقهن ناضح
لحم الجلاد وفوقه من شحمه شرائح     ليدافعوا عن جارهم ما رام ذو الضغن المكاشح
لهفي لشبان رزئناهم كأنهم المصابح     شم بطارقة خضارمة مسامح
المشترون الحمد بالأموال إن الحمد رابح     والجامزون بلجمهم يوما إذا ما صاح صائح
من كان يرمى بالنواقر من زمان غير صالح     ما إن تزال ركابه يرسمن في غبر صحاصح
راحت تبارى وهو في ركب صدورهم رواشح     حتى تؤوب له المعالي ليس من فوز السفائح
يا حمز قد أوحدتني شذبه الكوافح     أشكو إليك وفوقك الترب المكور والصفائح
من جندل نلقيه فوقك إذ أجاد الضرح ضارح     في واسع يحشونه بالترب سوته المماسح
[ ص: 237 ] فغزاؤنا أنا نقول وقولنا برح بوارح     من كان أمسى وهو عما أوقع الحدثان جانح
فليأتنا فلتبك عيناه لهلكانا النوافح     القائلين الفاعلين ذوي السماحة والممادح
من لا يزال ندى يديه له طوالع الدهر مائح



وقال كعب بن مالك رضي الله عنه :


سائل قريشا غداة السفح من أحد     ماذا لقينا وما لاقوا من الهرب
كنا الأسود وكانوا النمر إذ زحفوا     ما إن نراقب من إل ولا نسب
فكم تركنا بها من سيد بطل     حامي الذمار كريم الجد والحسب
فينا الرسول شهاب ثم يتبعه     نور مضيء له فضل على الشهب
الحق منطقه والعدل سيرته     فمن يجبه إليه ينج من تبب
نجد المقدم ماضي الهم معتزم     حين القلوب على رجف من الرعب
نمضي ويذمرنا عن غير معصية     كأنه البدر لم يطبع على الكذب
بدا لنا فاتبعناه نصدقه     وكذبوه فكنا أسعد العرب
جالوا وجلنا فما فاءوا وما رجعوا     ونحن نثفنهم لم نأل في الطلب
لسنا سواء وشتى بين أمرهما     حزب الإله وأهل الشرك والنصب



وقال عبد الله بن رواحة يبكي حمزة رضي الله عنه :


بكت عيني وحق لها بكاها     وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الإله غداة قالوا     أحمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعا     هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلى لك الأركان هدت     وأنت الماجد البر الوصول
عليك سلام ربك في جنان     مخلطها نعيم لا يزول
ألا يا هاشم الأخيار صبرا     فكل فعالكم حسن جميل
رسول الله مصطبر كريم     بأمر الله ينطق إذ يقول
ألا من مبلغ عني لؤيا     فبعد اليوم دائلة تدول
وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا     وقائعنا بها يشفى الغليل
نسيتم ضربنا بقليب بدر     غداة أتاكم الموت العجيل
غداة ثوى أبو جهل صريعا     عليه الطير حائمة تجول
[ ص: 238 ] وعتبة وابنه خرا جميعا     وشيبة عضه السيف الصقيل
ومتركنا أمية مجلعبا     وفي حيزومه لدن نبيل
وهام بني ربيعة سائلوها     ففي أسيافنا منها فلول
ألا يا هند لا تبدي شماتا     بحمزة إن عزكم ذليل
ألا يا هند فابكي لات تملى     فأنت الواله العبرى الهبول



وقال حسان بن ثابت يبكيه :


أتعرف الدار عفا رسمها     بعدك صوب المسبل الهاطل
بين السراديح فأدمانة     فمدفع الروحاء في حائل
ساءلتها عن ذاك فاستعجمت     لم تدر ما مرجوعة السائل
دع عنك دارا قد عفا رسمها     وابك على حمزة ذي النائل
المالئ الشيزى إذا أعصفت     غبراء في ذي الشبم الماحل
والتارك القرن لدى لبدة     يعثر في ذي الخرص الذابل
واللابس الخيل إذا أحجمت     كالليث في غابته الباسل
أبيض في الذروة من هاشم     لم يمر دون الحق بالباطل
مال شهيدا بين أسيافكم     شلت يدا وحشي من قاتل
أي امرئ غادر في ألة     مطرورة مارنة العامل
أظلمت الأرض لفقدانه     واسود نور القمر الناصل
صلى عليه الله في جنة     عالية مكرمة الداخل
كنا نرى حمزة حرزا لنا     من كل أمر نابنا نازل
وكان في الإسلام ذا تدرا     يكفيك فقد القاعد الخاذل
لا تفرحي يا هند واستحلبي     دمعا وأذري عبرة الثاكل
وابكي على عتبة إذ قطه     بالسيف تحت الرهج الجائل
إذ خر في مشيخة منكم     من كل عات قلبه جاهل
أرداهم حمزة في أسرة     يمشون تحت الحلق الفاضل
غداة جبريل وزير له     نعم وزير الفارس الحامل



وقال كعب بن مالك يبكيه :


طرقت همومك فالرقاد مسهد     وجزعت أن سلب الشباب الأغيد
ودعت فؤادك للهوى ضمرية     فهواك غوري وصحبك منجد
[ ص: 239 ] فدع التمادي في الغواية سادرا     قد كنت في طلب الغواية تفند
ولقد أنى لك أن تناهى طائعا     أو تستفيق إذا نهاك المرشد
ولقد هددت لفقد حمزة هدة     ظلت بنات الجوف منها ترعد
ولو أنه فجعت حراء بمثله     لرأيت راسي صخرها يتبدد
قرم تمكن في ذؤابة هاشم     حيث النبوة والندى والسؤدد
والعاقر الكوم الجلاد إذا غدت     ريح يكاد الماء منها يجمد
والتارك القرن الكمي مجدلا     يوم الكريهة والقنا يتقصد
وتراه يرفل في الحديد كأنه     ذو لبدة شثن البراثن أربد
عم النبي محمد وصفيه     ورد الحمام فطاب ذاك المورد
وأتى المنية معلما في أسرة     نصروا النبي ومنهم المستشهد
ولقد إخال بذاك هندا بشرت     لتميت داخل غصة لا تبرد
مما صبحنا بالعقنقل قومها     يوما تغيب فيه عنها الأسعد
حتى رأيت لدى النبي سراتهم     قسمين نقتل من نشاء ونطرد
وببئر بدر إذ يرد وجوههم     جبريل تحت لوائنا ومحمد
فأقام بالعطن المعطن منهم     سبعون عتبة منهم والأسود
وابن المغيرة قد ضربنا ضربة     فوق الوريد لها رشاش مزبد
وأمية الجمحي قوم ميله     عضب بأيدي المؤمنين مهند
فأتاك فل المشركين كأنهم     والخيل تثفنهم نعام شرد
شتان من هو في جهنم ثاويا     أبدا ومن هو في الجنان مخلد



وقالت صفية بنت عبد المطلب تبكي أخاها حمزة :


أسائلة أصحاب أحد مخافة     بنات أبي من أعجم وخبير
فقال خبير : إن حمزة قد ثوى     وزير رسول الله خير وزير
دعاه إله الخلق ذو العرش دعوة     إلى جنة يحيا بها وسرور
فذلك ما كنا نرجي ونرتجي     لحمزة يوم الحشر خير مصير
فوالله لا أنساك ما هبت الصبا     بكاء وحزنا محضري ومسيري
على أسد الله الذي كان مدرها     يذود عن الإسلام كل كفور
فيا ليت شلوي عند ذاك وأعظمي     لدى أضبع تعتادني ونسور
أقول وقد أعلى النعي عشيرتي :     جزى الله خيرا من أخ ونصير

[ ص: 240 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية