سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر ما نزل في ابن أبي في هذه الغزوة

روى محمد بن عمر ، عن رافع بن خديج قال : سمعت عبادة بن الصامت يقول يومئذ لابن أبي قبل أن ينزل فيه القرآن : إيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك ، قال : فرأيته يلوي رأسه معرضا ، يقول عبادة : أما والله لينزلن الله تعالى في لي رأسك قرآنا يصلى به . قال : فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير من يومه ذلك ، وزيد بن أرقم يعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم براحلته يريد وجهه في المسير ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستحث راحلته «حل حل» وهو مغذ في السير ، إذ نزل عليه الوحي . قال زيد بن أرقم : فما هو إلا أن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخذه البرحاء ويعرق جبينه ، وتثقل يدا راحلته حتى ما تكاد تنقلهما عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ، ورجوت أن ينزل الله تعالى تصديقي قال زيد : فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ بأذني وأنا على راحلتي حتى ارتفعت من مقعدي ، ورفعها إلى السماء ، وهو يقول : وفت أذنك يا غلام ، وصدق الله حديثك . ونزلت سورة المنافقين في ابن أبي من أولها إلى آخرها ، وجعل بعد ذلك ابن أبي إذا أحدث حدثا كان قومه هم الذين يعاقبونه ويأخذونه ويعنفونه ،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن [ ص: 355 ] الخطاب حين بلغه شأنهم : «كيف ترى يا عمر ، إني والله لو قتلته يوم قلت لي : اقتله لأرعدت له آنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته» .

قال عمر : قد والله علمت ، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري !


التالي السابق


الخدمات العلمية