سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر رمي بعض المشركين سعد بن معاذ رضي الله عنه

روى ابن سعد ، عن عاصم بن عمرو بن قتادة أن حبان بن قيس بن العرقة رمى سعد بن معاذ بسهم ، فقطع أكحله ، فلما أصابه ، قال : خذها وأنا ابن العرقة . فقال له سعد- ويقال [ ص: 381 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم- : عرق الله وجهك في النار . وقال سعد : اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك ، وأخرجوه ، وكذبوه ، اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة . وقيل : إن الذي أصاب سعدا أبو أسامة الجشمي ، وقيل : خفاجة بن عاصم فالله أعلم . وسيأتي لهذا مزيد بيان في حوادث سنة خمس .

وخرجت طليعتان للمسلمين فالتقتا ، ولا يشعر بعضهم ببعض ، ولا يظنون إلا أنهم العدو ، فكانت بينهم جراحة وقتل ، ثم نادوا بشعار المسلمين : «بحم لا ينصرون» ، فكف بعضهم عن بعض ،

وجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «جراحكم في سبيل الله ، ومن قتل منكم فهو شهيد» ،

فكانوا بعد ذلك إذا دنا المسلمون بعضهم من بعض نادوا بشعارهم .

وكان رجال يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يطلعوا إلى أهلهم ،

فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

«إني أخاف عليكم من بني قريظة» ، فإذا ألحوا يقول : «من يذهب منكم فليأخذ بسلاحه» .

وكان فتى حديث عهد بعرس ، فأخذ سلاحه وذهب ، فإذا امرأته قائمة بين البابين فهيأ لها الرمح ليطعنها فقالت : اكفف حتى ترى ما في بيتك فإذا بحية على فراشه ، فركز فيها الرمح فانتظمها فيه ، ثم خرج به فنصبه في الدار ، فاضطربت الحية في رأس الرمح ، وخر الفتى ميتا ، فما يدري أيهما كان أسرع موتا : الفتى أم الحية ؟ فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

فقال : إن
بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان
.

التالي السابق


الخدمات العلمية