سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر مسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني قريظة

قال محمد بن عمر ، وابن سعد ، وابن هشام ، والبلاذري : فاستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة ابن أم مكتوم .

قال محمد بن عمر : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم لسبع بقين من ذي القعدة ، ولبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلاح والدرع والمغفر والبيضة وأخذ قناة بيده ، وتقلد الترس ، وركب فرسه اللحيف ، وحف به أصحابه ، قد لبسوا السلاح وركبوا الخيل ، وكانت الخيل ستة وثلاثين فرسا وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه ، والخيل والرجالة حوله قال ابن سعد :

وكان معه - صلى الله عليه وسلم ثلاثة آلاف ، قلت : كذا ذكر محمد بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ركب فرسا . وروى الطبراني في الأوسط بسند رجاله ثقات عن أبي رافع ، وابن سعد عن البيهقي وغيره والطبراني عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لما أتى بني قريظة ركب على حمار عري يقال له يعفور ، والناس حوله .

وروى الحاكم ، والبيهقي وأبو نعيم عن عائشة وابن إسحاق عن . . . . . ومحمد بن عمر عن شيوخه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بنفر من بني النجار بالصورين فيهم حارثة بن النعمان قد صفوا عليهم السلاح فقال : «هل مر بكم أحد ؟ » قالوا : نعم ، دحية الكلبي مر على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من إستبرق وأمرنا بحمل السلاح سلاحنا فأخذنا وصففنا ، وقال لنا : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلع عليكم الآن ،

قال حارثة بن النعمان : وكنا صفين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «ذاك جبريل بعث إلى بني قريظة ليزلزل بهم حصونهم ويقذف الرعب في قلوبهم»
.

وسبق علي في نفر من المهاجرين والأنصار فيهم أبو قتادة - إلى بني قريظة .

روى محمد بن عمر عن أبي قتادة قال : انتهينا إلى بني قريظة ، فلما رأونا أيقنوا بالشر ، وغرز علي الراية عند أصل الحصن ، فاستقبلونا في صياصيهم يشتمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه . قال أبو قتادة : وسكتنا ، وقلنا : السيف بيننا وبينكم ، وانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى [ ص: 6 ] بني قريظة ، فنزل قريبا من حصنهم على بئر أنا بأسفل حرة بني قريظة ، فلما رآه علي - رضي الله عنه - رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمرني أن ألزم اللواء ، فلزمته ، وكره أن يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذاهم وشتمهم .

فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم : «لا عليك ألا تدنو من هؤلاء الأخابيث ، فإن الله - تعالى - كافيك اليهود . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «لم تأمرني بالرجوع ؟ فكتمه ما سمع ، فقال : «أظنك سمعت منهم لي أذى» فقال : نعم يا رسول الله . قال : «لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا» . فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، وتقدمه أسيد بن الحضير - فقال : يا أعداء الله : لا نبرح عن حصنكم حتى تموتوا جوعا ، إنما أنتم بمنزلة ثعلب في جحر ، فقالوا : يا ابن الحضير :

نحن مواليك دون الخزرج ، وخاروا ، فقال : لا عهد بيني وبينكم ولا إلا وذمة ، ودنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم . وترسنا عنه ، ونادى بأعلى صوته نفرا من أشرافهم ، حتى أسمعهم فقال : «أجيبوا يا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته ؟ أتشتمونني ؟ ! فجعلوا يحلفون ما فعلنا ، ويقولون : يا أبا القاسم ما كنت جهولا ، وفي لفظ : ما كنت فاحشا . واجتمع المسلمون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشاء ، وبعث سعد بن عبادة - رضي الله عنه - بأحمال تمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين . فكان طعامهم ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم يومئذ «نعم الطعام التمر» .

التالي السابق


الخدمات العلمية