سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر خبر ثابت بن قيس ومن الزبير بن باطا

كان الزبير بن باطا من على ثابت بن قيس بن شماس يوم بعاث ، فأتى ثابت الزبير فقال : يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني ؟ قال : وهل يجهل مثلك مثلي ؟ قال ثابت : إن لك عندي يدا ، وقدرت أن أجزيك بها ، قال الزبير : إن الكريم يجزي الكريم وأحوج ما كنت إليك اليوم ،

فأتى ثابت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله : إنه كان للزبير عندي يد خير جز ناصيتي يوم بعاث ، فقال : أذكر هذه النعمة عندك ، وقد أحببت أن أجزيه بها ، فهبه لي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «هو لك» فأتاه ثابت فقال : «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وهبك لي ، قال الزبير : شيخ كبير لا أهل لي ولا مال بيثرب ما أصنع بالحياة ؟ فأتى ثابت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله : أعطني ماله وأهله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «هو لك» فرجع إلى الزبير ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أعطاني ولدك وأهلك ومالك ،

فقال الزبير : يا ثابت أما أنت فقد كافأتني وقد قضيت الذي عليك يا ثابت : ما فعل بالذي كأن وجهه مرآة صينية تتراءى عذارى الحي في وجهه ، كعب بن أسد ؟ قال : قتل ، قال : فما فعل المجلسان ؟ يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة . قال : قتلوا ، قال : يا ثابت : ما في العيش خير بعد هؤلاء ، أرجع إلى دار قد كانوا حلولا فيها فأخلد فيها بعدهم ؟ لا حاجة لي في ذلك ، ولكن يا ثابت انظر إلى امرأتي [ ص: 15 ] وولدي فإنهم جزعوا من الموت فاطلب إلى صاحبك فيهم أن يطلقهم ، وأن يرد أموالهم ، فطلب ثابت من النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الزبير وماله وولده ، فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهله وماله إلا السلاح . قال الزبير : يا ثابت أسألك بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم فما أنا بصائر لله فتلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة ، قال ابن إسحاق : فقدمه ثابت فضربت عنقه ، وقال محمد بن عمر :

قال ثابت : ما كنت لأقتلك ، قال الزبير : لا أبالي من قتلني ، فقتله الزبير بن العوام . ولما بلغ أبا بكر الصديق قوله : «ألقى الأحبة» قال : يلقاهم والله في نار جهنم خالدا مخلدا!


التالي السابق


الخدمات العلمية