سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر إحرامه - صلى الله عليه وسلم -

ثم صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ، وركب من باب المسجد بذي الحليفة ، فلما انبعثت به راحلته مستقبلة القبلة أحرم بالعمرة ، ليأمن الناس حربه ، وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت ، ومعظما له .

ولفظ التلبية «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك ، والملك لا شريك لك» .

وأحرم غالب أصحابه ، وأم المؤمنين أم سلمة بإحرامه ، ومنهم من لم يحرم إلا «بالجحفة» وسلك طريق البيداء ومر فيما بين مكة والمدينة بالأعراب من بني بكر ، ومزينة ، وجهينة فاستنفرهم ، فتشاغلوا بأموالهم ، وقالوا فيما بينهم : يريد محمد يغزو بنا إلى قوم معدين في الكراع والسلاح ، وإنما محمد ، وأصحابه أكلة جزور ، لن يرجع محمد وأصحابه من سفرهم هذا أبدا ، قوم لا سلاح معهم ولا عدد .

ثم قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناجية بن جندب بالهدي مع فتيان من أسلم ، ومعهم هدي المسلمين ، ولقي طائفة من بني نهد فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ، وأهدوا له لبنا من نعمهم ، فقال : «لا أقبل هدية مشرك»

فابتاعه المسلمون منهم ، وابتاعوا منهم ثلاثة أضب فأكل قوم أحلة

وسأل المحرمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها فقال : «كلوا فكل صيد البر لكم حلال في الإحرام تأكلونه إلا ما صدتم أو صيد لكم» .

وعطب من ناجية بن جندب بعير من الهدي ، فجاء بالأبواء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبره ، فقال : «انحره واصبغ قلائده في دمه ، ولا تأكل أنت ولا أحد من أهل رفقتك منه ، وخل بين الناس وبينه» .

التالي السابق


الخدمات العلمية