صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

501 - عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث:

وقد ذكرنا هلاكه في الحوادث .

502 - عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، يكنى أبا الأصبغ:

روى عن أبي هريرة ، وعقبة بن عامر . وكان مروان قد فتح مصر وولاه عليها ، وأقره على ذلك عبد الملك ، وعقد مروان العهد لعبد الملك ، وبعده عبد العزيز . ثم أراد عبد الملك خلعه ليبايع لابنيه الوليد ، وسليمان . فتوفي عبد العزيز بمصر في جمادى الأولى من هذه السنة .

وقيل: بل في جمادى الآخرة من سنة ست وثمانين .

وكان يقول حين حضرته الوفاة: ليتني لم أكن شيئا مذكورا . فلما بلغ الخبر عبد الملك [ ص: 264 ] ليلا أصبح يدعو الناس ، ويبايع للوليد بالخلافة ، ثم لسليمان بعده أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب ، قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عثمان البجلي ، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن موسى بن إسحاق الأنصاري ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي حاتم ، قال: حدثني محمد بن هانئ الطائي ، قال: حدثنا محمد بن أبي سعيد ، قال: قال عبد العزيز بن مروان:

ما نظر إلي رجل قط فتأملني فاشتد تأمله إياي إلا سألته عن حاجته ، ثم أبيت من ورائها ، فإذا تعار من وسنه مستطيلا ليله مستبطئا لصبحه مقارفا للقائي ، ثم غدا إلي أن تجارته في نفسه وغدا التجار إلى تجارتهم إلا رجع من غدوة إلى أربح من تجر .

وعجبا لمؤمن موقن أن الله يرزقه ويوقن أن الله يخلف عليه ، كيف يحبس مالا عن عظيم جزاء وحسن سماع .

أخبرنا موهوب بن أحمد ، ومحمد بن ناصر ، والمبارك بن علي ، قالوا: أخبرنا علي بن العلاف ، قال: أخبرنا أحمد بن علي الحمامي ، قال: أخبرنا عبد الواحد بن عمر بن [أبي هاشم ، قال: حدثنا موسى بن عبد الله ، قال: حدثنا ابن أبي سعيد الوراق ، قال: حدثنا أحمد بن عمر] بن إسماعيل بن عبد العزيز الزهري ، قال: حدثني محمد بن الحارث المخزومي ، قال:

دخل على عبد العزيز بن مروان رجل يشكو صهرا له ، فقال: إن ختني فعل بي كذا وكذا ، فقال له عبد العزيز: من ختنك؟ فقال له: ختنني الختان الذي يختن الناس ، فقال عبد العزيز لكاتبه: ويحك ، ما أجابني ، فقال له: أيها الأمير ، إنك لحنت وهو لا يعرف اللحن ، كان ينبغي أن تقول له: ما ختنك ، فقال عبد العزيز: أراني أتكلم بكلام لا يعرفه العرب ، لا شاهدت الناس حتى أعرف اللحن . قال: فأقام في البيت جمعة لا يظهر ومعه من يعلمه العربية ، قال: فصلى بالناس الجمعة وهو من أفصح الناس . قال: وكان يعطي على العربية ، ويحرم على اللحن حتى قدم عليه زوار من أهل المدينة وأهل مكة من قريش ، فجعل يقول للرجل منهم ممن أنت؟ فيقول من بني فلان ، فيقول [ ص: 265 ] للكاتب: أعطه مائتي دينار ، حتى جاءه رجل من بني عبد الدار بن قصي فقال: ممن أنت؟ قال: من بنو عبد الدار ، فقال له: خذها في جائزتك ، وقال للكاتب: أعطه مائة دينار .

503 - واثلة بن الأسقع بن عبد العزيز بن عبد يا ليل بن ناشب ، أبو قرصافة:

أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، قال: أخبرنا الجوهري ، قال: أخبرنا ابن حيويه ، قال: أخبرنا ابن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا محمد بن عمر ، قال: كان واثلة لما نزل [ناحية] المدينة وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى معه الصبح ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى وانصرف تصفح أصحابه ، فلما دنا من واثلة ، قال: من أنت؟ فأخبره ، قال: ما جاء بك؟ قال: جئت أبايع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على ما أحببت وكرهت ، قال: نعم ، قال: فيما أطقت ، قال: نعم . فأسلم وبايعه . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز يومئذ إلى تبوك ، فخرج واثلة إلى أهله ، فلقي أباه الأسقع ، فلما رأى حاله قال: قد فعلتها ، قال: نعم ، قال أبوه: والله لا أكلمك أبدا ، فأتى عمه فسلم عليه ، فقال: قد فعلتها؟ قال: نعم . فلامه أيسر من لائمة أبيه وقال: لم يكن ينبغي لك أن تسبقنا بأمر .

فسمعت أخت واثلة كلامه ، فخرجت إليه فسلمت عليه بتحية الإسلام ، فقال واثلة: أنى لك هذا يا أخية؟ قالت: سمعت كلامك وكلام عمك وأسلمت ، فقال: جهزي أخاك جهاز غاز ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم على جناح سفر . فجهزته فلحق النبي صلى الله عليه وسلم قد تحمل إلى تبوك ، وبقي غبرات من الناس ، وهم على الشخوص ، فجعل ينادي بسوق بني قينقاع: من يحملني وله سهمي؟ قال: فدعاني كعب بن عجرة ، فقال: أنا أحملك ، عقبة بالليل وعقبة بالنهار ، ويدك أسوة بيدي ، وسهمك لي . قال واثلة: فقلت: نعم وجزاه الله خيرا ، لقد كان يحملني ويزيدني ، وآكل معه ويرفع لي حتى إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل خرج كعب في جيش خالد ، وخرجت معه فأصبنا فيئا كثيرا ، فقسمه خالد بيننا ، فأصابني ست قلائص ، فأقبلت أسوقها حتى جئت

[ ص: 266 ]

بها خيمة كعب بن عجرة ، فقلت: اخرج رحمك الله فانظر إلى قلائصك فاقبضها .

فخرج وهو يبتسم ويقول: بارك الله لك فيها ، ما حملتك وأنا أريد أن آخذ منك شيئا .

وكان واثلة من أهل الصنعة ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الشام .

قال محمد بن عمر: حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، قال: مات واثلة بن الأسقع بالشام سنة خمس وثمانين ، وهو ابن ثمان وتسعين سنة في آخر خلافة عبد الملك بن مروان . [ ص: 267 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية