صفحة جزء
وفي هذه السنة ضرب عمر بن عبد العزيز خبيب بن عبد الله بن الزبير بن العوام خمسين سوطا .

وقيل: مائة سوط عن أمر الوليد بن عبد الملك بذلك ، وصب على رأسه قربة ماء بارد في يوم شات ، ووقفه على باب المسجد ، فمكث يوما ومات .

وكان السبب أن خبيبا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله خولا ومال الله دولا" . أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس ، قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص ، قال: أخبرنا أحمد بن سليمان بن داود [ ص: 310 ] الطوسي ، قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله ، قال:

كان خبيب قد لقي العلماء ولقي كعب الأحبار ، وقرأ الكتب ، وكان من النساك ، وأدركه أصحابنا وغيرهم يذكرون أنه كان يعلم علما كثيرا لا يعرفون وجهه ولا مذهبه فيه يشبه ما يدعي الناس من علوم النجوم .

قال عمي مصعب: وحدثت عن مولى لخالته أم هاشم بنت منظور يقال له يعلى بن عقبة ، قال:

كنت أمشي معه وهو يحدث نفسه إذ وقف ثم قال: سأل قليلا فأعطي كثيرا ، وسأل كثيرا فأعطي قليلا ، فطعنه فأرداه فقتله ، ثم أقبل علي فقال: قتل عمرو بن سعيد الساعة ، ثم مضى ، فوجدوا ذلك اليوم الذي قتل فيه عمرو بن سعيد .

وله أشباه هذا يذكرونها والله أعلم ما هي ، وكان طويل الصمت قليل الكلام .

وكان الوليد بن عبد الملك قد كتب إلى عمر بن عبد العزيز إذ كان واليا على المدينة يأمره بجلده مائة سوط [وبحبسه ، فجلده عمر مائة سوط] ، وبرد له ماء في جرة ، ثم صبها عليه في غداة باردة ، فكن فمات فيها .

وكان عمر قد أخرجه من المسجد حين اشتد وجعه وندم على ما صنع ، فانتقله آل الزبير في دار من دورهم .

قال عمي مصعب: وأخبرني مصعب بن عثمان أنهم نقلوه إلى دار عمر بن مصعب بن الزبير ، واجتمعوا عنده حتى مات ، فبينا هم جلوس إذ جاءهم الماجشون استأذن عليهم وخبيب مسجى بثوبه ، وكان الماجشون يكون مع عمر بن عبد العزيز في ولايته على المدينة ، فقال عبد الله بن عروة: ائذنوا له ، فلما دخل قال: كان صاحبك في مرية من موته ، اكشفوا له عنه ، فكشفوا له عنه ، فلما رآه الماجشون انصرف . قال الماجشون: فانتهيت إلى دار مروان فقرعت الباب ، فدخلت فوجدت عمر كالمرأة الماخض قائما قاعدا ، فقال لي: ما وراءك؟ فقلت: مات الرجل ، فسقط إلى الأرض [ ص: 311 ] فزعا ، ثم رفع رأسه يسترجع ، فلم تزل تعرف فيه حتى مات ، فاستعفى من المدينة ، وامتنع من الولاية ، وكان يقال: إنك قد فعلت كذا فأبشر ، فيقول: فكيف بخبيب .

وحدثني عمي قال: حدثني هارون بن أبي عبيد الله بن عبد الله بن مصعب ، قال: سمعت أصحابنا يقولون: قسم فينا عمر بن عبد العزيز قسما في خلافته خصنا به ، فقال الناس: دية خبيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية