صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

537 - إبراهيم بن يزيد بن الأسود ، أبو عمران النخعي :

كان إماما في الفقه ، يعظمه الأكابر ، وكان سعيد بن جبير يقول: أتستفتوني وفيكم إبراهيم .

وكان شديد الهيبة ، يهاب كما يهاب الأمير ، وكان يتخوف من الفتوى ويحتقر نفسه ويقول: احتيج إلي . ويكره أن يستند إلى السارية ، ولا يتكلم حتى يسأل وحمل الناس عنه العلم وهو ابن ثماني عشرة سنة . وكان يصوم يوما ويفطر يوما .

أنبأنا زاهر بن طاهر ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ، قال: سمعت أبا علي الحسين بن علي بن يزيد الحافظ ، يقول: سمعت أبا عبد الرحمن محمد بن عبد الله البيروتي ، يقول: حدثنا محمد بن أحمد بن مطر بن العلاء ، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يوسف بن بشير القرشي ، قال: حدثني الوليد بن محمد الموقري ، قال: سمعت محمد بن مسلم الزهري ، يقول:

قدمت على عبد الملك بن مروان ، فقال لي: من أين [قدمت] يا زهري؟

[ ص: 21 ]

قلت: من مكة ، فقال: من خلفت بها يسود أهلها؟ قلت: عطاء بن أبي رباح ، قال:

فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي ، قال: وبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية ، قال: إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا ، فمن يسود أهل اليمن؟ قلت:

طاوس بن كيسان ، قال: من العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي ، قال: وبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء ، قال: إنه لينبغي . قال: فمن يسود أهل مصر؟

قلت: يزيد بن أبي حبيب ، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي ، [عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل] ، قال: فمن يسود أهل الجزيرة؟ قلت: ميمون بن مهران ، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي ، قال: فمن يسود أهل البصرة؟ قلت: الحسين بن أبي الحسن ، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي ، قال: ويلك ، فمن يسود أهل الكوفة؟ قلت: إبراهيم النخعي ، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من العرب ، قال: ويلك يا زهري ، فرجت عني ، والله ليسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها ، قلت: يا أمير المؤمنين ، إنما هو أمر الله ودينه ، فمن حفظه ساد ، ومن ضيعه سقط .

أخبرنا يحيى بن علي المدير ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور ، قال:

حدثنا أحمد بن محمد بن عمران ، قال: حدثنا البغوي ، قال: حدثنا محمد بن بكار ، قال: حدثنا محمد بن طلحة ، عن ميمون بن أبي حمزة ، عن إبراهيم أنه قال:

قد تكلمت ولو وجدت بدا ما تكلمت ، وإن زمانا أكون فيه فقيه الكوفة لزمان سوء .

أخبرنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الفقيه ، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عثمان الصوفي ، قال: حدثنا أبو أحمد الأنباري ، قال: حدثنا أبي ، قال:

حدثنا إسحاق بن إبراهيم الكتاني ، قال: حدثنا الفضل بن دكين ، قال: حدثنا الأعمش ، قال:

خرجت أنا وإبراهيم النخعي ونحن نريد الجامع ، فلما صرنا في خلال طرقات الكوفة قال لي: يا سليمان ، قلت: لبيك ، قال: هل لك أن تأخذ في خلال طرقات [ ص: 22 ] الكوفة كي لا نمر بسفهائها فينظرون إلى أعور وأعمش فيغتابونا ويأثمون؟ قلت: يا أبا عمران ، وما عليك في أن نؤجر ويأثمون؟ قال: يا سبحان الله ، بل نسلم ويسلمون خير من أن نؤجر ويأثمون .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، قال: أخبرنا حمد بن أحمد الحداد ، قال:

حدثنا أبو نعيم الأصفهاني ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد ، قال: [حدثنا] أحمد بن روح ، قال: حدثنا حماد بن المؤمل ، قال: حدثني إسحاق بن إسماعيل ، قال: حدثنا أبو معاوية ، عن محمد بن سوقة ، عن عمران الخياط ، قال:

دخلنا على إبراهيم النخعي نعوده وهو يبكي ، فقلنا: ما يبكيك؟ قال: أنتظر ملك الموت ، لا أدري يبشرني بالجنة أم بالنار .

أدرك إبراهيم النخعي أبا سعيد الخدري ، وعائشة ، وعامة ما يروي عن التابعين كعلقمة ، ومسروق ، والأسود . وتوفي هذه السنة وهو ابن تسع وأربعين سنة . وقيل: ابن نيف وخمسين سنة .

وكان الشعبي يقول: والله ما ترك بعده مثله .

538 - عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان :

أمه حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب ، توفي بمصر في هذه السنة .

وهذا الرجل تزوج إليه أربعة من الخلفاء ، كان له بنت اسمها عبدة تزوجها الوليد بن عبد الملك ، وبنت تكنى أم سعيد تزوجها يزيد بن عبد الملك ، ورقية تزوجها هشام بن عبد الملك ، وبنت اسمها عائشة تزوجها سليمان بن عبد الملك .

539 - قتيبة بن مسلم ، [أبو حفص] :

كان يروي عن أبي سعيد الخدري ، والشعبي . تولى خراسان سنة ست وثمانين ، [ ص: 23 ] وغزا بها غزوات إلى أن مات الحجاج ، ثم قتله وكيع بن أبي الأسود الحنظلي بفرغانة ، وقد سبق خبره .

540 - الوليد بن عبد الملك بن مروان :

توفي يوم السبت منتصف جمادى الآخرة [سنة ست وتسعين] بدير مران وحمل إلى دمشق فدفن بها في مقابر الفراديس ، وصلى عليه عمر بن عبد العزيز ، لأن أخاه سليمان الذي كان ولي عهده كان غائبا بالرملة . وعاش اثنتين وخمسين سنة . وقيل: اثنتين وأربعين . وقيل: خمسا وأربعين .

قال الزهري : كانت خلافته عشر سنين إلا شهرا .

وقال أبو معشر : تسع سنين وأربعة أشهر .

وقال الواقدي: وثمانية أشهر .

وقال هشام بن محمد الكلبي : كانت خلافته - يعني الوليد - ثماني سنين وثلاثة أشهر . [ ص: 24 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية