صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

622 - بلال بن سعيد:

كان عند أهل الشام كالحسن عند أهل البصرة .

وأسند عن ابن عمر ، وجابر في آخرين .

عن الأوزاعي قال: سمعت بلال بن سعيد يقول: لا تنظر إلى صغر الخطيئة ، ولكن انظر إلى من عصيت .

623 - سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب:

واسمها: آمنة ، وقيل: أميمة . وسكينة لقب عرفت به ، وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس الكلبي . كان نصرانيا فجاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأسلم ، فدعا له برمح ، فعقد له على من أسلم بالشام من قضاعة ، فتولى قبل أن يصلي صلاة ، وما أمسى المساء حتى خطب إليه الحسين بن علي ابنته الرباب ، فزوجه إياها ، فأولدها عبد الله وسكينة ، وكان الحسين عليه السلام يقول:


لعمرك إنني لأحب دارا تكون بها سكينة والرباب     أحبهما وأبذل جل مالي
وليس بعاتب عندي عتاب     ولست لهم وإن عابوا مطيعا
حياتي أو يغيبني الركاب

وكانت سكينة من الجمال والأدب والفصاحة بمنزلة عظيمة ، كان منزلها مألف الأدباء والشعراء ، وتزوجت عبد الله بن الحسن بن علي ، فقتل بالطائف قبل أن يدخل [ ص: 176 ] بها ، ثم تزوجها مصعب بن الزبير ومهرها ألف ألف درهم ، وحملها إليه أخوها علي بن الحسين ، فأعطاه أربعين ألف دينار ، فولدت له الرباب ، فكانت تلبسها اللؤلؤ وتقول: ما ألبسها إياه إلا لتفضحه . وخطبها عبد الملك بن مروان فقالت أمها: لا والله ، لا تتزوجه أبدا ، وقد قتل ابن أخي مصعبا ، فتزوجها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان ، وكان يتولى مصر ، فنفس بها عليه عبد الملك ، وكتب إليه: اختر مصر أو سكينة . فطلقها قبل أن يدخل بها ، ومتعها بعشرين ألف دينار ، وخلف عليها بعد مصعب: عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن الحكم ، فولدت له حكيما ، وعثمان ، وزبيحة ، وكانت عنده قبلها فاطمة بنت عبد الله بن الزبير ، فلما خطب سكينة أحلفته بطلاقها أن لا يؤثر عليها فاطمة . ثم اتهمته أن يكون آثرها ، فاستعدت عليه هشام بن إسماعيل والي المدينة ، فاستحلفه ، ثم أمر برد سكينة عليه ، فبعث إليها: أمرك الآن بيدك . فبعثت إليه: إنا ما ظننا أنا قد هنا عليك هذا الهوان ، إنما يلجلج في نفسي شيء ، وخفت المأثم ، فأما إذ برئت من ذلك فما أوثر عليك شيئا .

ثم خلف على سكينة زيد بن عمر بن عثمان ، ثم خلف عليها إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، وكانت ولية نفسها ، فلم تنفذ نكاحه .

وقيل: حملت إليه إلى مصر فوجدته قد مات .

وروى علي بن الحسين الأصبهاني أن المدائني قال: حدثني أبو يعقوب الثقفي ، عن الشعبي: أن الفرزدق خرج حاجا ، فلما قضى حجه عدل إلى المدينة ، فدخل إلى سكينة بنت الحسين فسلم ، فقالت: يا فرزدق ، من أشعر الناس؟ قال: أنا ، قالت: كذبت ، أشعر منك الذي يقول:


بنفسي من تجنبه عزيز     علي ومن زيارته لمام
ومن أمسي وأصبح لا أراه     ويطرقني إذا هجع النيام

فقال: والله لو أذنت لي لأسمعنك أحسن منه . قالت: أقيموه . فأخرج ثم عاد إليها [ ص: 177 ] من الغد فدخل عليها ، فقالت: يا فرزدق ، من أشعر الناس؟ قال: أنا . قالت: كذبت صاحبك جرير أشعر منك حيث يقول:


لولا الحياء لهاجني استعبار     ولزرت قبرك والحبيب يزار
كانت إذا هجر الضجيع فراشها     كتم الحديث وعفت الأسرار
لا يلبث القرناء أن يتفرقوا     ليل يكر عليهم ونهار

فقال: والله إن أذنت أسمعتك أحسن منه . فأمرت به فأخرج ، ثم عاد إليها في اليوم الثالث ، وحولها مولدات لها كأنهن التماثيل ، فنظر الفرزدق إلى واحدة منهن فأعجب بها وبهت ينظر إليها ، فقالت له سكينة: يا فرزدق ، من أشعر الناس؟ قال: أنا . قالت: كذبت ، صاحبك أشعر منك حيث يقول:


إن العيون التي في لحظها مرض     قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به     وهن أضعف خلق الله أركانا
أتبعتهم مقلة إنسانها غرق     هل ما ترى تارك للعين إنسانا

فقال: والله لئن تركتيني لأسمعنك أحسن منه . فأمرت بإخراجه ، فالتفت إليها وقال: يا بنت رسول الله إن لي عليك حقا عظيما ، صرت من مكة إرادة التسليم عليك ، فكان جزائي من ذلك تكذيبي وطردي وتفضيل جرير علي ، ومنعك إياي أن أنشدك شيئا من شعري ، وبي ما قد عيل منه صبري ، وهذه المنايا تغدو وتروح ، ولعلي لا أفارق المدينة حتى أموت ، فإذا مت فمري بي أن أدرج في كفني وأدفن في حر هذه الجارية -يعني التي أعجبته- فضحكت سكينة وأمرت له بالجارية . فخرج بها ، وأمرت بالجواري ، فدفعن في أقفيتهما ، ونادته: يا فرزدق ، احتفظ بها وأحسن صحبتها ، فإني آثرتك بها على نفسي .

قال علي بن الحسين: وأخبرني ابن أبي الأزهر ، قال: حدثنا حماد بن إسحاق ، عن أبيه ، عن محمد بن سلام قال: [ ص: 178 ] اجتمع في ضيافة سكينة بنت الحسين: جرير ، والفرزدق ، وكثير ، وجميل ، ونصيب ، فمكثوا أياما ، ثم أذنت لهم فدخلوا عليها ، فقعدت حيث تراهم ولا يرونها وتسمع كلامهم ، ثم أخرجت وصيفة لها وضية قد روت الأشعار والأحاديث . فقالت:

أيكم الفرزدق؟ قال لها: ها أنا ذا . فقالت: أنت القائل:


هما دلتاني من ثمانين قامة     كما انقض باز أقتم الريش كاسره
فلما استوت رجلاي في الأرض قالتا     أحي فيرجى أم قتيل نحاذره

قال: نعم . قالت: فما دعاك إلى إفشاء سرها وسرك ، هلا سترتها وسترت نفسك ، خذ هذه الألف والحق بأهلك . ثم دخلت على مولاتها وخرجت ، فقالت: أيكم جرير؟ فقال: ها أنا ذا . فقالت: أنت القائل:


طرقتك صائدة القلوب وليس ذا     حين الزيارة فارجعي بسلام

قال: نعم . قالت: فهلا رحبت بها! خذ هذه الألف وانصرف . ثم دخلت وخرجت فقالت: أفيكم كثير؟ قال: ها أنا ذا . قالت: أنت القائل:


فأعجبني يا عز منك خلائق     كرام إذا عد الخلائق أربع
دنوك حتى يطمع الطالب الصبا     ورفعك أسباب الهوى حين يطمع
فوالله ما يدري كريم مماطل     أينساك إذ باعدت أم يتضرع

قال: نعم . قالت: ملحت وشكلت ، خذ هذه الألف والحق بأهلك . ثم دخلت وخرجت فقالت: أيكم نصيب؟ قال: ها أنا ذا . قالت: أنت القائل:


ولولا أن يقال صبا نصيب     لقلت: بنفسي النش الصغار
بنفسي كل مهضوم حشاها     إذا ظلمت فليس لها انتصار

قال: نعم . قالت: رثيتنا صغارا ومدحتنا كبارا ، خذ هذه الأربعة آلاف والحق بأهلك . ثم دخلت وخرجت فقالت: يا جميل ، مولاتي تقرئك السلام وتقول: والله ما زلت مشتاقة إلى رؤيتك منذ سمعت قولك:


ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة     بوادي القرى إني إذا لسعيد
لكل حديث بينهن بشاشة     وكل قتيل بينهن شهيد



[ ص: 179 ] جعلت حديثنا بشاشة ، وقتلانا شهداء ، خذ هذه ألف دينار والحق بأهلك .

وعن حماد ، عن أبيه ، عن أبي عبيد الله الزبيري قال:

اجتمع راوية جرير ، وراوية كثير ، وراوية جميل ، وراوية الأحوص ، وراوية نصيب ، فافتخر كل واحد منهم بصاحبه وقال: صاحبي أشعر . فحكموا سكينة بنت الحسين لما يعرفون من عقلها وبصرها بالشعر ، فاستأذنوا عليها فأذنت ، فذكر لها الذي كان من أمرهم فقالت لراوية جرير: أليس صاحبك يقول:


طرقتك صائدة القلوب وليس ذا     حين الزيارة فارجعي بسلام

فأي ساعة أحلى للزيارة من الطروق؟! قبح الله صاحبك وقبح شعره ، ألا قال:

فادخلي بسلام؟!

ثم قالت لراوية كثير: أليس صاحبك الذي يقول:


تقر بعيني ما تقر بعينها     وأحسن شيء ما به العين قرت

وليس بعينها أقر من النكاح ، أفيحب صاحبك أن ينكح ، قبح الله صاحبك وقبح شعره .

ثم قالت لراوية جميل: أليس صاحبك الذي يقول:


فلو تركت عقلي معي ما طلبتها     ولكن طلابيها لما فات من عقلي

فما أرى صاحبك هوي ، إنما يطلب عقله ، قبح [الله] صاحبك وقبح شعره .

ثم قالت لراوية نصيب: أليس صاحبك الذي يقول:


أهيم بدعد ما حييت فإن أمت     فواحزنا من ذا يهيم بها بعدي

فما أرى له همة إلا من يتعشقها بعده ، قبحه الله وقبح شعره ، ألا قال:


أهيم بدعد ما حييت وإن أمت     فلا صلحت دعد لذي حيلة بعدي

ثم قالت لراوية الأحوص: أليس صاحبك الذي يقول:


من عاشقين تواعدا وتراسلا     حتى إذا نجم الثريا حلقا



[ ص: 180 ]

باتا بأنعم ليلة وألذها     حتى إذا وضح الصباح تفرقا

قال: نعم . قالت: قبحه الله وقبح شعره ، ألا قال: "تعانقا" .

فلم تثن على أحد يومئذ ولم تقدمه .

وفي رواية أخرى: قالت لراوية جميل: أليس صاحبك الذي يقول:


فيا ليتني أعمى أصم تقودني     بثينة لا يخفى علي كلامها

قال: نعم . قالت: رحم الله صاحبك ، فإنه كان صادقا في شعره ، وكان كاسمه ، فحكمت له .

توفيت سكينة بمكة يوم الخميس لخمس خلون من ربيع الأول من هذه السنة ، وصلى عليها شيبة بن نصاح المقرئ .

624 - عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بن عبد الله بن جدعان التيمي ، من تيم قريش ، واسم أبي مليكة زهير:

وكان ابن جدعان أحد الأجواد ، وكان ماله عظيما ، وكانت له جفنة مباحة ، فلما أسن حجر عليه رهطه ، فإذا أعطى رجعوا على المعطى فأخذوه منه ، فكان إذا جاءه سائل قال له: كن مني قريبا حتى ألطمك ولا ترضى مني إلا أن تلطمني ، أو تفدى بلطمتك بفداء رغيب . فلما أعلم أهله بذلك خلوا بينه وبين ماله .

وكان ابن جدعان يقول:


إني وإن لم ينل مالي مدى خلقي     وهاب ما ملكت كفاي من مال
لا أحبس المال إلا حيث أتلفه     ولا يغيرني حال على حال

وكان ابن أبي مليكة فقيها ، رأى ثلاثين صحابيا . وتوفي في هذه السنة .

[ ص: 181 ]

625 - عبدة بن أبي لبابة ، أبو القاسم:

سمع من عبد الله بن عمر . قال الأوزاعي: قال عبدة: إن أقرب الناس من الرياء آمنهم له .

626 - عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي:

عن علي بن أبي جميلة قال: قال عبد الله بن أبي زكريا: عالجت الصمت عما لا يعنيني عشرين سنة قبل أن أقدر منه على ما أريد . قال: وكان لا يدع أحدا يغتاب في مجلسه أحدا ، يقول: إن ذكرتم الله أعناكم ، وإن ذكرتم الناس تركناكم .

أسند عبد الله عن عبادة ، وأبي الدرداء . وتوفي في هذه السنة .

627 - علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، أبو محمد:

أمه زرعة بنت مسرح ، ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب عليه السلام في رمضان سنة أربعين ، فسمي باسمه ، وكني بكنيته ، فقال له عبد الملك [بن مروان]: لا أحتمل بك الاسم والكنية . فغير كنيته ، فكني أبا محمد .

وكان أجمل قرشي على وجه الأرض ، وأكثر صلاة ، كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، وكان يصبغ بالسواد .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: حدثني محمد بن زكريا قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن التيمي قال: حدثني أبي عن هشام بن سليمان المخزومي: أن علي بن عبد الله بن العباس كان إذا قدم مكة حاجا أو معتمرا عطلت قريش مجالسها في البيت الحرام ، وهجرت مواضع حلقها ، ولزمت مجلس علي بن عبد الله؛ [ ص: 182 ] إعظاما وإجلالا وتبجيلا ، فإن قعد قعدوا ، وإن نهض نهضوا ، وإن مشى مشوا جميعا حوله ، وكان لا يرى لقرشي في المسجد الحرام مجلس ذكر يجتمع إليه فيه حتى يخرج علي بن عبد الله من الحرم .

توفي علي بالشام في هذه السنة . وقيل: في سنة ثماني عشرة .

628 - علي بن رباح بن قصير ، أبو عبد الله اللخمي:

ولد سنة خمس عشرة ، عام اليرموك ، وكان أعور ، ذهبت عينه يوم ذي الصواري في البحر مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة أربع وثلاثين ، وكان يفد لليمانية من أهل مصر على عبد الملك بن مروان ، وكانت له منزلة من عبد العزيز بن مروان ، وهو الذي زف أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان إلى الوليد بن عبد الملك ، ثم عتب عليه عبد العزيز فأغزاه إفريقية ، فلم يزل بها حتى توفي في هذه السنة . وقيل: سنة أربع عشرة ومائة .

629 - [عمران بن ملحان ، أبو رجاء العطاردي:

تميمي مخضرم ، ولد قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة ، توفي في هذه السنة وقد بلغ مائة وثمانية وعشرين سنة] .

630 - فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم:

أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله ، تزوجها الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فولدت له عبد الله ، ثم مات عنها فتزوجها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان .

أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: [ ص: 183 ] أبو طاهر المخلص قال: حدثنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: كان الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قد خطب إلى عمه الحسين بن علي ، فقال له الحسين: يا ابن أخي ، قد انتظرت هذا منك ، انطلق معي .

فخرج حتى أدخله منزله ، ثم أخرج [إليه] بنتيه: فاطمة ، وسكينة ، فقال: اختر .

فاختار فاطمة ، فزوجه إياها ، وكان يقال: إن أمر سكينة مردود إليها ، وإنها لمنقطعة . ولما حضرت الحسن بن الحسن الوفاة قال لفاطمة: إنك امرأة مرغوب فيك ، وكأني بعبد الله بن عمرو بن عثمان إذا خرج بجنازتي قد جاء على فرسه مرجلا جمته ، لابسا حلته ، يسير في جانب الناس يتعرض لك ، فأنكحي من شئت سواه ، فإني لا أدع من الدنيا ورائي هما غيرك . فقالت له: أنت آمن من ذلك . وأثلجته بالأيمان من العتق والصدقة أن لا تتزوجه . ومات الحسن ، وخرج بجنازته ، فوافاها عبد الله بن عمرو بن عثمان في الحال التي وصف الحسن ، وكان يقال لعبد الله بن عمرو بن عثمان: المطرف -من حسنه- فنظر إلى فاطمة حاسرة تضرب وجهها ، فأرسل إليها: إن لنا في وجهك حاجة ، فارفقي به . فاسترخت يداها ، وعرف ذلك فيها ، وخمرت وجهها ، فلما حلت أرسل إليها يخطبها ، فقالت: كيف بيميني التي حلفت بها؟ فأرسل إليها: لك بكل مملوك مملوكان ، وعن كل شيء شيئان ، فعوضها من يمينها ، فنكحته ، وولدت له محمدا ، والقاسم ، ورقية .

وكان عبد الله بن الحسن يقول: ما أبغضت بغض عبد الله بن عمرو أحدا ، ولا أحببت حب ابنه محمد أحدا .

أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا محمد بن الحسن النقاش: أن الحسن بن سفيان أخبرهم قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: أخبرنا محمد بن معن الغفاري قال: حدثني محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال: جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين بن علي ، فقالت: يا بني ، والله ما نال أحد من [ ص: 184 ] أهل السفه بسفههم شيئا ، ولا أدركوه من لذاتهم إلا وقد نالوه أهل المروءات بمروءاتهم ، فاستتروا بجميل ستر الله .

631 - قتادة بن دعامة ، أبو الخطاب السدوسي:

أسند عن أنس ، وعبد الله بن سرخس ، وحنظلة الكاتب ، وأبي الطفيل . وكان يرسل الحديث عن الشعبي ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبي قلابة ، ولم يسمع منهم .

وسأل سعيد بن المسيب وأكثر ، فقال له: أكل ما سألتني عنه تحفظه؟ قال: نعم ، سألتك عن كذا فقلت كذا ، وعن كذا فقلت كذا . قال سعيد: ما ظننت أن الله خلق مثلك .

وكان يقول: ما سمعت أذناي شيئا إلا وعاه قلبي .

وروى شهاب بن خراش عن قتادة ، قال: باب من العلم يحفظه الرجل يطلب به صلاح نفسه وصلاح الناس أفضل من عبادة حول كامل .

632 - ميمون بن مهران ، أبو أيوب ، مولى بني النضر بن معاوية:

كان مكاتبا لهم ، وأدى كتابته وعتق ، وكان بزازا ، وتشاغل بالعلم ، وسأل ابن المسيب عن دقائق العلوم ، استعمله عمر بن عبد العزيز على خراج الجزيرة . ومولده سنة أربعين ، [توفي في هذه السنة] . وأسند عن ابن عمر ، وابن عباس وغيرهما ، وكان ثقة .

أخبرنا علي بن محمد بن حسون بإسناد له عن عيسى بن كثير الأسدي ، قال: مشيت مع ميمون بن مهران حتى إذا أتى باب داره ومعه ابنه عمرو ، فلما أردت أن أنصرف قال له عمرو: يا أبت ، ألا تعرض عليه العشاء ، قال: ليس ذاك من نيتي .

633 - موسى بن وردان ، مولى عبد الله بن أبي سرح العامري يكنى أبا عمر:

سمع من سعد بن أبي وقاص ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، وغيرهم من [ ص: 185 ] الصحابة . روى عنه الليث بن سعد وغيره ، وكان يقص بمصر . توفي في هذه السنة .

634 - نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب ، أبو عبد الله:

أصابه عبد الله في غزاته . وقد روى عنه وعن أبي هريرة ، والربيع بنت مسعود وغيرهم . وكان ثقة . وبعثه عمر بن عبد العزيز إلى مصر يعلمهم السنن .

توفي في هذه السنة .

635 - أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان ، أخت عمر [رضي الله عنه]:

كانت من الأجواد الكرماء ، و[كانت] تقول: لكل قوم نهمة في شيء ، ونهمتي في العطاء .

وكانت تعتق كل جمعة رقبة ، وتحمل على فرس في سبيل الله عز وجل .

أخبرنا المحمدان ابن ناصر ، وابن عبد الباقي ، قالا: أخبرنا جعفر بن أحمد ، قال: أخبرنا أحمد بن علي التوزي ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الدقاق ، قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان ، قال: أخبرنا أبو بكر القرشي ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد العزيز الجزري ، عن ضمرة بن ربيعة ، عن علي بن أبي جميلة ، قال: سمعت أم البنين بنت عبد العزيز تقول: أف للبخل ، لو كان قميصا ما لبسته ، ولو كان طريقا ما سلكته .

قال القرشي: وحدثني محمد بن الحسن ، قال: حدثني مروان بن محمد بن عبد الملك ، قال: دخلت عزة على أم البنين ، فقالت لها ما يقول كثير:


قضى كل ذي دين علمت غريمه     وعزة ممطول معنى غريمها

ما كان هذا الدين يا عزة؟ فاستحيت فقالت: علي ذاك . قالت: كنت وعدته قبلة فحرجت منها ، فقالت أم البنين: أنجزيها له وإثمها علي .

قال يوسف: وحدثني رجل من بني أمية يكنى أبا سعيد ، قال: بلغني أن أم البنين أعتقت لكلمتها هذه أربعين رقبة ، وكانت إذا ذكرتها بكت وقالت: يا ليتني خرست ولم أتكلم بها .

[ ص: 186 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية