صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

644 - حبيب بن أبي ثابت الأسدي ، مولى لبني كاهل:

روى عن عمر وابن عباس [ وجابر وحكيم بن حزام ، وأنس بن مالك] وابن أبي أوفى . وكان كثير التعبد .

قال أبو بكر بن عياش: لو رأيت حبيب بن أبي ثابت ساجدا لقلت: ميت من طول سجوده ، وكان كريما ، أنفق على القراء مائة ألف ، وكان يقول: ما استقرضت شيئا من أحد أحب إلي من نفسي ، أقول لها: أمهلي حتى يجيء من حيث أحب .

[وتوفي في هذه السنة] .

[ ص: 197 ]

645 - حبيب ، أبو محمد الفارسي:

حضر مجلس الحسن البصري فتأثر بموعظته ، فخرج مما كان يملكه وتعبد .

وكان له زوجة يقال لها عمرة تنبهه في السحر ، وتقول: قم يا رجل فقد ذهب الليل وجاء النهار ، وبين يديك طريق بعيد ، والزاد قليل ، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا وبقينا .

أخبرنا أبو بكر العامري ، قال: أخبرنا أبو سعيد الحيري ، قال: أخبرنا ابن باكويه الشيرازي ، قال: حدثنا عبد العزيز بن الفضل ، قال: حدثنا محمد بن العباس الآملي ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الشيروزي ، قال: حدثنا عبد الصمد بن محمد العباداني ، قال: حدثنا خلف بن الوليد ، قال: اشترى حبيب الفارسي نفسه من ربه أربع مرات بأربعين ألف درهم ، أخرج بدرة فقال: يا رب اشتريت منك نفسي بهذه ، وأخرج بدرة أخرى ، فقال: إلهي إن كنت قبلت تلك فهذه شكرانها ، ثم أخرج الثالثة فقال: إلهي إن كنت لم تقبل [الأولى] والثانية فاقبل هذه ، ثم أخرج الرابعة فقال: إلهي إن كنت قبلت الثالثة فهذه شكر لها .

قال أبو بكر بن أبي الدنيا بإسناد له عن إسماعيل بن زكريا وكان جارا لحبيب ، [قال]: كنت إذا أمسيت سمعت بكاءه ، وإذا أصبحت سمعت بكاءه ، فأتيت أهله فقلت: ما شأنه يبكي إذا أمسى ويبكي إذا أصبح؟ قال: فقالت لي: يخاف والله إذا أمسى أن لا يصبح وإذا أصبح أن لا يمسي .

أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي ، قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد الصباغ ، قال: أخبرنا جعفر بن أحمد ، قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن الضراب ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا أحمد بن مروان ، قال: حدثنا الحسن بن علي ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله ، عن عبد الواحد بن زيد: أن حبيبا أبا محمد جزع جزعا شديدا عند الموت ، فجعل يقول بالفارسية: أريد أن أسافر سفرا ما سافرته قط ، أريد أن أسلك طريقا ما سلكته قط ، أريد أن أدخل تحت [ ص: 198 ] التراب فأبقى تحته إلى يوم القيامة ، ثم أوقف بين يدي الله فأخاف أن يقول لي: حبيب ، هات تسبيحة واحدة سبحتني في ستين سنة لم يظفر بك الشيطان فيها ، فماذا أقول وليس لي حيلة ، أقول: يا رب هو ذا قد أتيتك مقبوض اليدين إلى عنقي .

قال عبد الواحد: هذا عبد الله ، ستين سنة مشتغلا به ولم يشتغل من الدنيا بشيء قط ، فأي شيء حالنا؟ واغوثاه بالله!

646 - مجمع بن سمعان ، أبو حمزة:

كان سفيان الثوري يرى له أمرا عظيما حتى قال: ليس شيء من عملي أرجو ألا يشوبه شيء كحبي لمجمع التيمي .

وقال سفيان: يروى عن أبي حيان التيمي أنه قال وحلف: ما من عمله شيء أوثق في نفسه من حبه من مجمع التيمي .

وكان أبو بكر بن عياش يقول: ومن كان أورع من مجمع .

ورأى مجمع في إزار سفيان خرقا فأعطاه أربعة آلاف درهم ، قال سفيان: لا أحتاج إليها ، قال: صدقت ، أنت لا تحتاج إليها ولكني أحتاج .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أخبرنا أحمد بن هبة الله الطبري ، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن الفضل ، قال: حدثنا ابن درستويه ، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان ، قال: حدثنا أبو بكر ، قال: حدثنا سفيان ، قال: قال مسعر: جاء مجمع إلى السوق بشاة يبيعها ، فقال: يخيل إلي أن في لبنها ملوحة .

قال أبو حاتم الرازي: دعا مجمع ربه عز وجل أن يميته قبل الفتنة فمات من ليلته ، وخرج زيد بن علي من الغد .

[ ص: 199 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية