صفحة جزء
ثم دخلت سنة عشرين ومائة

فمن الحوادث فيها غزوة سليمان بن هشام الصائفة ، وافتتاحه سندرة ، وغزوة إسحاق بن مسلم العقيلي فافتتح قلاعا . وغزوة مروان بن محمد أرض الترك . وكان قد ولاه هشام أرمينية ، فكتب إليه يستأذنه في الدخول إلى بلادهم ، فكتب إليه هشام: كيف أفعل ما لم يفعله أحد قبلي ، فكتب إليه: إن الناس يشتهون ذلك وأرجو أن يكون فيه خير ، فأذن له ، فدخل والقوم غارون فهربوا إلى الآجام ، فأضرمها نارا ، واقتتلوا قتالا شديدا ، وظفر المسلمون ، وبعثوا إليه بالخبر .

وفي هذه السنة توفي أسد بن عبد الله ، فاستخلف جعفر بن حنظلة البهراني ، فعمل أربعة أشهر ، وجاء عهد نصر بن سيار في رجب .

[ ص: 200 ]

وفي هذه السنة وجهت شيعة بني العباس بخراسان إلى محمد بن علي سليمان بن كثير ليعلمه أمرهم وما هم عليه .

وسبب ذلك موجدة كانت من محمد بن علي [على] شيعته بخراسان من أجل طاعتهم لخداش الذي كان يكذب على محمد بن علي ، فترك مكاتبتهم ، فبعثوا سليمان بن كثير ، فقدم عليه ، فعنف أهل خراسان [فيما فعلوا .

ثم وجه محمد بن علي بن بكير بن ماهان إلى خراسان ] بعد منصرف سليمان يعلمهم أن خداشا حمل شيعته على غير منهاجه فتابوا من ذلك .

وفي هذه السنة عزل هشام بن عبد الملك خالد بن عبد الله عن أعماله التي ولاه كلها .

وكان لذلك أسباب منها: أنه اتخذ أموالا وحفرا ، فبلغت عشرين ألف ألف ، وكانوا يشيرون عليه أن يعرض بعضها على هشام فلا يفعل . فبلغ ذلك هشاما ، ثم بلغه أن خالدا استخف برجل من قريش ، وكان يقول لابنه: ما أنت بدون مسلمة بن هشام؟ وكان خالد يذكر هشاما فيقول: ابن الحمقاء ، وكانت أم هشام تستحمق . فكتب إليه هشام كتابا فيه غلظة ، وقبح له استخفافه بقريش ، وسبه في الكتاب . وعزم على عزله ، وأخفى ذلك ، فلما أحس طارق خليفة خالد بالأمر ركب إلى خالد ، فقال له: اركب إلى أمير المؤمنين فاعتذر إليه من شيء بلغه عنك ، فقال: كيف أركب إليه بغير إذنه؟

قال: فسر في عملك وأتقدمك ، فأستأذنه لك ، قال: ولا هذا ، قال: فأذهب فأضمن لأمير المؤمنين جميع ما انكسر في هذه السنين ، قال: وما مبلغه؟ قال: مائة ألف ألف ، قال: ومن أين أجد هذا؟ والله ما أجد عشرة آلاف درهم ، قال: نتحمل عنك ونفرق الباقي على العمال ، قال: إني للئيم إن كنت سوغت قوما شيئا ثم أرجع فيه .

[ ص: 201 ]

فخرج طارق يبكي ، وقال: هذا آخر ما نلتقي في الدنيا ، وجاء كتاب هشام إلى يوسف [بن عمر]: سر إلى العراق فقد وليتكها ، وإياك أن تعلم بذلك أحدا ، وخذ ابن النصرانية وعماله فأشفني منهم ، فقدم يوسف العراق في جمادى فأخذ صالحا ، فحبسه فصولح على تسعة آلاف ألف درهم ، وقيل: أخذ مائة ألف ألف فكانت ولاية خالد في شوال سنة عشر ثم عزل في جمادى الآخر سنة عشرين .

وفي هذه السنة ولي يوسف بن عمر العراق

فقدم واليا عليها على ما ذكرنا ، فولى خراسان جديع بن علي الكرماني ، وعزل جعفر بن حنظلة . واستشار هشام فيمن يولي العراق ، فذكروا له رجالا ، فاختار نصر بن سيار فولاه ، وكتب إليه أن يكاتب يوسف بن عمر ، فكتب يوسف عهد نصر بن سيار مع عبد الكريم الحنفي فأعطاه نصر عشرة آلاف درهم ، وأحسن الولاية والجباية ، وبث العمال ، وعمرت خراسان عمارة لم تعمر قبلها مثلها .

وفي هذه السنة حج بالناس محمد بن هشام بن إسماعيل ، وكان هو العامل على المدينة ومكة والطائف .

وقيل: بل حج بهم سليمان بن هشام بن عبد الملك . وقيل: يزيد بن هشام .

وكان على المشرق والعراق يوسف بن عمر ، وعلى خراسان نصر بن سيار ، وقيل: جعفر بن حنظلة ، وعلى البصرة كثير بن عبد الله السلمي من قبل يوسف بن عمر ، وعلى قضائها عامر بن عبيدة الباهلي ، وعلى أرمينية وأذربيجان مروان بن محمد ، وعلى قضاء الكوفة ابن شبرمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية