صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

647 - أسد بن عبد الله ، أخو خالد بن عبد الله القسري:

وقد ذكرنا ما كان إليه من خراسان وغيرها . وكانت به دبيلة في جوفه ، فحضر [ ص: 202 ] المهرجان وهو ببلخ ، فقدم عليه الأمراء والدهاقين بالهدايا ، وكان فيمن قدم عليه عامله على هراة ودهقانها ، فقدما بهدية قومت ألف ألف ، كان فيها قصر من ذهب ، وقصر من فضة ، وأباريق من ذهب وفضة ، وصحاف من ذهب وفضة ، فأقبلا وأسد جالس على سرير وأشراف الناس من خراسان على الكراسي ، فوضعا القصرين ، ثم وضعا خلفهما الأباريق والصحاف والديباج والقوهي ، وغير ذلك . ففرق ذلك ، ثم مرض فأفاق ، فقدم إليه كمثرى ، فأخذ واحدة فرمى بها إلى عامل له فانقطعت الدبيلة فهلك .

648 - سلم بن قيس العلوي:

يروي عن أنس . روى عنه جرير بن حازم . وثقه يحيى وأبو بكر بن أبي داود .

وقال يحيى في رواية: هو ضعيف . وقال حماد: ذكرته لشعبة ، فقال: الذي يرى الهلال قبل الناس بيومين . قال له الحسن: خل بين الناس وهلالهم حتى يروه . قال ابن قتيبة: يقال: إن أشفار عينيه ابيضت ، وكان إذا أبصر رأى أشفار عينيه فيظنها الهلال .

وليس هو من أولاد علي بن أبي طالب ، إنما هو من ولد علي بن [يونان ، قيل: كانوا بالبصرة ، وثم آخر يقال له: خالد بن يزيد العلوي من ولد علي بن] الأسود ، يروي عن الحسن البصري ، وثم آخر يقال له: جندب بن سرحان العلوي من بني مدلج ، حدث عن بليغ ، روى عنه ابن لهيعة ، ومدلج من بني عبد مناة بن كنانة ، وإنما قيل لولده بنو علي؛ لأن أمهم الدفراء -واسمها فكيهة- تزوجها بعد أبيهم علي بن مسعود الغساني ، فنسبوا إليه . وإياهم عنى أمية بن أبي الصلت بقوله:


لله در بني علي أيم منهم وناكح

وما عدا من ذكرنا ممن يقال له العلوي فمنسوب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

[ ص: 203 ]

649 - عبد الله بن كثير ، أبو معبد المقرئ ، مولى عمر بن علقمة الكناني ، ويقال: الداري:

والدار بطن من لخم ، وهو من أبناء فارس الذين كانوا بصنعاء ، بعثهم كسرى إلى اليمن لما طرد الحبشية عنها ، وهو أحد القراء السبعة . أخذ عن مجاهد ، وقرأ عليه أبو عمرو بن العلاء .

وكان ذا دين وورع ، وكان عطارا ، وتوفي بمكة في هذه السنة .

650 - عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان ، أبو عمر الظفري الأنصاري:

كان له علم بالسير والمغازي . روى عن ابن إسحاق وغيره ، وكان ثقة ، ووفد على عمر بن عبد العزيز في خلافته في دين لزمه ، فقضاه عنه ، وأمر له بمعونة ، وأمره أن يجلس في مسجد دمشق فيحدث الناس بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناقب أصحابه رضي الله عنهم ، وقال: إن بني أمية كانوا يكرهون هذا وينهون عنه ، فاجلس فحدث ، ففعل .

ثم رجع إلى المدينة فتوفي بها في هذه السنة .

651 - قيس بن مسلم الجدلي:

روى عن طارق بن شهاب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وابن جبير . وكان من المتعبدين البكاءين ، [وتوفي في هذه السنة] .

[ ص: 204 ]

أخبرنا عبد الوهاب [الحافظ] بإسناده عن أبي بكر بن عبيد ، قال: حدثني محمد بن الحسين ، قال: حدثنا الحميدي ، قال: حدثنا سفيان ، قال: كان قيس بن مسلم يصلي حتى السحر ، ثم يجلس فيمج البكاء ساعة بعد ساعة ويقول: لأمر ما خلقنا ، لئن لم نأت الآخرة بخير لنهلكن .

652 - محمد بن واسع بن جابر ، أبو عبد الله:

أسند عن أنس وغيره ، وكان عالما خيرا متواضعا ، وكان الحسن يسميه سيد القراء ، وكان يصوم الدهر ويخفي ذلك ، وكان يبكي طول الليل حتى قالت جارية له: لو كان هذا قتل أهل الدنيا ما زاد على هذا . وكان يخرج فيغزو ، فخرج مرة إلى الترك مع قتيبة بن مسلم ، فقيل لقتيبة: محمد بن واسع يرفع إصبعه -يعني يدعو- فقال: تلك الإصبع أحب إلي من ثلاثة آلاف عنان .

أنبأنا المبارك بن أحمد الكندي ، قال: أخبرنا عاصم بن الحسن ، قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران ، قال: أخبرنا ابن صفوان ، قال: حدثنا أبو بكر بن عبيد ، قال: حدثني أبو حفص الصيرفي ، قال: حدثني علي بن بزيع الهلالي ، قال: قال مطر الوراق ، قال: ما اشتهيت أن أبكي قط حتى أشتفي إلا نظرت إلى وجه محمد بن واسع ، وكنت إذا نظرت إلى وجهه كأنه قد ثكل عشرة من الحزن .

أخبرنا محمد بن هبة الله الطبري بإسناد له عن ابن شوذب ، قال: كان إذا قيل بالبصرة: من أفضل أهل البصرة؟ قالوا: محمد بن واسع ، ولم يكن يرى له كثير عبادة ، وكان يلبس قميصا بصريا وساجا ، وكان له علية ، فإذا كان الليل دخل ثم أغلقها عليه .

أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، قال: حدثنا حمد بن أحمد قال: حدثنا أبو نعيم الأصفهاني ، قال: حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، [ ص: 205 ] قال: حدثنا سفيان بن وكيع ، قال: حدثنا ابن علية ، عن يونس ، قال: سمعت محمد بن واسع يقول: لو كان يوجد للذنوب ريح ما قدرتم أن تدنوا مني من نتن ريحي .

قال عبد الله: وحدثني علي بن مسلم ، قال: حدثنا سيار ، قال: حدثنا الحارث بن نبهان ، قال: سمعت محمد بن واسع يقول: واأصحاباه ، [ذهب أصحابي]: قلت: رحمك الله ، أليس قد نشأ شباب يصومون النهار ، ويقومون الليل ، ويجاهدون في سبيل الله؟ قال: بلى ، ولكن يداخ وثفل أفسدهم العجب .

قال عبد الله: وحدثنا هارون بن معروف ، قال: حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، قال: قسم أمير البصرة على أهل البصرة ، فبعث إلى مالك بن دينار فقبل ، فقال له محمد بن واسع: يا مالك قبلت جوائز السلطان ، قال: سل جلسائي ، فقالوا: اشترى بها رقابا وأعتقهم ، فقال له محمد بن واسع: أنشدك الله ، أقلبك الساعة له على ما كان قبل أن يجيزك؟ قال: اللهم لا ، قال: ترى أي شيء دخل عليك؟ فقال مالك لجلسائه: [إنما مالك حمار] إنما يعبد الله مثل محمد بن واسع .

قال عبد الله: وحدثني عبيد الله القواريري ، قال: حدثنا حماد بن زيد ، قال: دخلنا على محمد بن واسع نعوده في مرضه ، فجاء يحيى البكاء يستأذن ، فقالوا: يحيى البكاء ، فقال: إن شر أيامكم يوم نسبتم إلى البكاء .

وفي رواية أخرى أنه قال: إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته لا تعلم .

وقال لرجل: هل أبكاك قط سابق علم الله فيك .

أخبرنا علي بن أبي عمر ، قال: أخبرنا رزق الله ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن [ ص: 206 ] بشران ، قال: أخبرنا ابن صفوان ، قال: حدثنا أبو بكر بن عبيد الله ، قال: حدثنا عبد الله بن عيسى الطفاوي ، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الزراد ، قال: رأى محمد بن واسع ابنا له وهو يخطر بيده ، فقال: ويحك! تعال ، تدري من أنت؟ أمك اشتريتها بمائتي درهم ، وأبوك فلا أكثر الله في المسلمين مثله .

قال ابن عبيد الله: وحدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم ، عن سعيد بن عامر ، عن حزم ، قال: قال محمد بن واسع وهو في الموت: يا إخوتاه ، تدرون أين يذهب بي؟ يذهب بي والله الذي لا إله إلا هو إلى النار أو يعفو عني .

653 - أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري:

اسمه كنيته ، وكان فاضلا ، وكان إليه القضاء والحج ، ولما ولي عمر بن عبد العزيز ولاه إمرة المدينة .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي بإسناده عن عطاف بن خالد ، عن أمه ، عن امرأة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنها قالت: ما اضطجع أبو بكر على فراشه منذ أربعين سنة بالليل .

توفي بالمدينة وهو ابن أربع وثمانين سنة .

[ ص: 207 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية