صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين ومائة

فمن الحوادث فيها هلاك قحطبة بن شبيب ، وكان السبب في ذلك أن قحطبة لما نزل بخانقين ، وابن هبيرة بجلولاء ، وبينهما خمسة فراسخ وأمده مروان بعشرين ألفا من أهل الشام والتقيا ، فحمل على ابن هبيرة ، فولى أصحابه منهزمين ، وفقدوا قحطبة فبايعوا حميد بن قحطبة ، فسار حتى نزل كربلاء ، ثم اجتمعوا على الحسن بن قحطبة ، ثم وجد قحطبة قتيلا في جدول فدفنوه .

وفي رواية: أن معن بن زائدة ضرب قحطبة على حبل عاتقه فسقط في الماء ، فأخرجوه ، فقال: إن مت فألقوني في الماء لا يعلم أحد بقتلي ، فإذا قدمتم الكوفة فوزير الإمام أبو سلمة حفص بن سليمان ، فسلموا هذا الأمر إليه ، ورجع ابن هبيرة إلى واسط .

وفي هذه السنة: خرج محمد بن خالد بالكوفة ، وسود قبل أن يدخلها الحسن بن قحطبة ، وضبطها ، وأخرج عنها عامل ابن هبيرة ، ثم دخلها الحسن .

وكان قد خرج محمد بن خالد ليلة عاشوراء ، وعلى الكوفة زياد بن صالح الحارثي ، فسار إلى القصر ، فارتحل زياد وأهل الشام وخلوا القصر فدخله محمد بن صالح ، فلما أصبح يوم الجمعة وذلك صبيحة اليوم الثاني من مهلك قحطبة بلغه نزول [ ص: 294 ] حوثرة ومن معه مدينة ابن هبيرة ، وأنه تهيأ للمسير إلى محمد ، فتفرق الناس عن محمد ، فأرسل إليه أبو سلمة الخلال يأمره بالخروج من القصر واللحوق بأسفل الفرات ، فإنه يخاف عليه لقلة من معه ، فأبى محمد وجاء أصحاب حوثرة ، فصاروا مع محمد ، فارتحل الحسن بن قحطبة نحو الكوفة ، فدخلها واستخرجوا أبا سلمة بالنخيلة يومين ، ثم ارتحل إلى حمام أعين ، ووجه الحسن بن [قحطبة إلى] واسط لقتال ابن هبيرة ، وخطب أبو سلمة حين بايعه أهل خراسان فدعا إلى طاعة بني العباس ، وفرق العمال في البلدان ، ووجه بسام بن إبراهيم إلى عبد الواحد بن عمر بن هبيرة وهو بالأهواز ، فقاتله بسام حتى فضه ، فلحق بسلم بن قتيبة الباهلي وهو بالبصرة وهو يومئذ عامل ليزيد بن عمر بن هبيرة ، وكتب إلى سفيان بن معاوية بعهده إلى البصرة ، وأمره أن يظهر بها دعوة بني العباس ، وينفي سلم بن قتيبة .

فكتب سفيان إلى سلم يأمره بالتحول عن دار الإمارة ويخبره بما أتاه من رأي أبي سلمة ، فأبى سلم ذلك ، وامتنع منه . وحشد مع سفيان جميع اليمانية ، وغيرهم ، وحلفاءهم ، وجنح إليه قائد من قواد ابن هبيرة كان بعثه مددا لسلم في ألفي رجل من كلب ، فأجمع السير إلى سلم فاستعد له سلم .

فقدم سفيان يوم الخميس في صفر ، فالتقوا فانكسر سفيان وقتل ابنه وانهزم ومن معه ، ولم يزل سلم مقيما بالبصرة حتى بلغه قتل ابن هبيرة فشخص عنها .

واجتمع من بالبصرة من ولد الحارث بن عبد المطلب إلى محمد بن جعفر ، فولوه أمرهم ، فوليهم أياما حتى قدم عبد الله بن أسد الخزاعي من قبل أبي مسلم .

وفي هذه السنة: بويع لأبي العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب .

[ ص: 295 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية