صفحة جزء
[ ص: 3 ]

( بسم الله الرحمن الرحيم )

وهو حسبي

ثم دخلت سنة سبع وثلاثين ومائة

فمن الحوادث فيها:

قدوم المنصور من مكة ، ونزوله الحيرة ، فوجد عيسى بن موسى قد شخص إلى الأنبار ، واستخلف على الكوفة طلحة بن إسحاق بن محمد بن الأشعث ، فدخل أبو جعفر الكوفة ، فصلى الجمعة بأهلها ، وخطبهم وأعلمهم أنه راحل عنهم ، ثم وافاه أبو مسلم بالحيرة ، ثم شخص أبو جعفر إلى الأنبار ، فأقام بها ، وجمع إليه أطرافه ، وقد كان عيسى بن موسى قد أحرز بيوت الأموال والخزائن والدواوين حتى قدم عليه أبو جعفر ، فبايع الناس له بالخلافة ، ثم لعيسى بن موسى من بعده ، وسلم الأمر إلى أبي جعفر ، وبعث يزيد بن زياد وهو حاجب أبي العباس إلى عبد الله بن علي ببيعة أبي جعفر ، وذلك بأمر أبي العباس قبل أن يموت حين أمر الناس بالبيعة ، فلما قدم عليه دعا الناس إلى نفسه وقال: إن أبا العباس حين أراد أن يوجه الجنود إلى مروان بن محمد دعا بني أمية فأرادهم على المسير إلى مروان وقال: من انتدب منكم فسار إليه فهو ولي عهدي ، فلم ينتدب له غيري ، فعلى هذا خرجت من عنده ، وقبلت من قبلت ، فقام أبو غانم الطائي ، وخفاف المروزي في عدة من قواد أهل خراسان ، فشهدوا له بذلك ، فبايعه أبو غانم ، وخفاف ، وأبو الإصبع ، وجميع من كان معه من أولئك القواد منهم حميد بن قحطبة وغيره ، فلما فرغ من البيعة ارتحل فنزل حران وبها مقاتل العكي ، وكان أبو جعفر استخلفه لما قدم على أبي العباس ، فأراد مقاتلا على البيعة فلم يجبه وتحصن [ ص: 4 ] منه ، فأقام عليه وحصره ، وسرح أبو جعفر لقتال عبد الله بن علي أبا مسلم ، فسار إليه وقد جمع الجنود والسلاح وخندق ، وجمع الطعام والأعلاف ، فسار أبو مسلم ومعه القواد كلهم ، وبعث مقدمته مالك بن الهيثم الخزاعي ، وكان معه الحسن وحميد ابنا قحطبة ، وكان حميد قد فارق عبد الله بن علي ، وكان عبد الله أراد قتله ، فإنه كتب إلى زفر بن عاصم إلى حلب: إذا قدم عليك فاقتله . ففتح حميد الكتاب وعلم ما فيه ، فلم يذهب .

ولما بلغ عبد الله مسير أبي مسلم إليه أعطى العكي أمانا ، فخرج إليه فيمن كان معه ، ثم وجهه إلى عثمان بن عبد الأعلى إلى الرقة ومعه ابناه ، وكتب إليه كتابا ، فلما قدموا على عثمان قتل العكي وحبس ابنيه ، فلما بلغته هزيمة عبد الله بن علي أخرجهما فقتلهما وكان عبد الله بن علي قد خشي أن لا تناصحه أهل خراسان فقتل منهم نحوا من سبعة عشر ألفا ، ثم اقتتلوا خمسة أشهر أو ستة ، وعمل لأبي مسلم عريشا ، فكان يجلس عليه إذا التقى الناس فينظر إلى القتال ، فإن رأى خللا في أصحابه أصلحه ، ثم إن أصحاب عبد الله بن علي انهزموا وتركوا عسكرهم ، فاحتواه أبو مسلم ، وكتب بذلك إلى أبي جعفر ، ومضى عبد الله وعبد الصمد بن علي ، وكانا مع عبد الله .

فأما عبد الصمد فقدم الكوفة ، فاستأمن له عيسى بن موسى ، فأمنه أبو جعفر .

وأما عبد الله بن علي فأتى سليمان بن علي بالبصرة ، فأقام عنده ، وأمن أبو مسلم الناس ، فلم يقتل أحدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية