صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

737 - خير بن نعيم بن مرة بن كريب ، أبو نعيم الحضرمي .

ولي القضاء والقصص في آخر خلافة بني أمية وأول خلافة بني العباس ، وكان فقيها .

روى عن عطاء بن أبي رباح . وروى عنه: يزيد بن أبي حبيب ، وحيوة بن شريح ، والليث ، وابن لهيعة .

قال سهيل بن علي: كنت أجالس خير بن نعيم ، فرأيته يتجر في الزيت ، فقلت له: وأنت أيضا تتجر؟ فضرب بيده على كتفي ، ثم قال: انتظر حتى تجوع ببطن غيرك . فقلت في نفسي: كيف يجوع الإنسان ببطن غيره . فلما بليت بالعيال إذا أنا أجوع ببطونهم .

توفي خير بن نعيم في هذه السنة .

738 - عبد الرحمن ، أبو مسلم المروزي . صاحب الدولة العباسية .

روى عن أبي الزبير ، وثابت البناني ، وغيرهما .

ولد بأصبهان ، وكان أبوه أوصى به إلى عيسى بن موسى السراج ، فحمل إلى الكوفة وهو ابن سبع سنين ، فقال له إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس لما عزم على توجيهه إلى خراسان أن غير اسمك . فقال: قد سميت نفسي عبد الرحمن . ومضى وله ذؤابة ، فركب حمارا بإكاف وهو ابن سبع عشرة سنة فقال له: خذ نفقة من مالي ، لا أريد أن تمضي بنفقة من مالك ولا من مال عيسى .

وكان شجاعا ذا رأي وعقل وحزم ، إلا أنه كان فاتكا .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد الله النيسابوري قال: أخبرنا علي بن محمد الحبيبي قال: أخبرنا محمد بن عبدك قال: أخبرنا [ ص: 18 ] مصعب بن بشر قال: سمعت أبي يقول: قام رجل إلى أبي مسلم وهو يخطب فقال له: ما هذا السواد الذي أرى عليك؟ فقال: حدثني أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء ، وهذه ثياب الهيبة وثياب الدولة ، يا غلام ، اضرب عنقه .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الأزهري قال: حدثنا محمد بن جعفر النجار قال: أخبرنا أبو أحمد الجلوذي قال: حدثنا محمد بن زكويه قال: روي لنا أن أبا مسلم قال: ارتديت الصبر ، وآثرت الكتمان ، وحالفت الأحزان والأشجان ، وسامحت المقادير والأحكام حتى بلغت غاية همتي ، وأدركت نهاية بغيتي ، ثم أنشأ يقول:


قد نلت بالحزم والكتمان ما عجزت عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا     ما زلت أضربهم بالسيف فانتبهوا
من رقدة لم ينمها قبلهم أحد     طفقت أسعى عليهم في ديارهم
والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا     ومن رعى غنما في أرض مسبعة
ونام عنها تولى رعيها الأسد

[قال علماء السير]: ظهر أبو مسلم لخمس بقين من رمضان سنة تسع وعشرين ومائة ، ثم سار إلى أبي العباس أمير المؤمنين سنة ست وثلاثين وقيل في سنة سبع وثلاثين بالمدائن . فبقي أبو مسلم فيما كان فيه ثمانية وسبعين شهرا غير ثلاثة عشر يوما .

وقد ذكرنا كيفية قتله في حوادث هذه السنة .

قال مؤلف الكتاب: نقلت من خط أبي الوفا بن عقيل قال: وجدت في تعاليق محقق من أهل العلم: أن سبعة مات كل واحد منهم وله ست وثلاثون سنة ، فعجبت من قصر أعمارهم مع بلوغ كل منهم الغاية فيما كان فيه ، وانتهى إليه ، فمنهم: الإسكندر ذو القرنين ، وأبو مسلم صاحب الدولة العباسية ، وابن المقفع صاحب الخطابة والفصاحة ، وسيبويه صاحب التصانيف والمتقدم في علم العربية ، وأبو تمام الطائي وما بلغ من الشعر [ ص: 19 ] وعلومه ، وإبراهيم النظام المعمق في علم الكلام ، وابن الريوندي وما انتهى إليه من التوغيل في المخازي . فهؤلاء السبعة لم يجاوز أحد منهم ستا وثلاثين سنة ، بل اتفقوا على هذا القدر من العمر .

739 - عثمان بن عروة بن الزبير بن العوام .

سمع أباه ، وروى عنه أخوه هشام ، وابن عيينة .

وكان قليل الحديث ، وكان من وجوه قريش وساداتهم ، وكان جميل الوجه ، حسن الثوب والمركب ، عطرا ، حتى كان أبوه يقول له وهو يغلف لحيته بالغالية: إني لأراها ستقطر .

أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان بن داود والطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني مصعب بن عثمان قال: وفد عثمان بن عروة على مروان بن محمد فأخبر به ، فقال: أنا راكب غدا ، فلا ترونيه حتى أتوسمه في الناس ، فركب ، فتصفح وجوه الناس ، ثم أقبل على بعض من معه فقال: ينبغي أن يكون ها ذاك عثمان بن عروة ، وأشار إليه . فقالوا: هو هو يا أمير المؤمنين . وكان وسيما جسيما فأعطاه مروان مائة ألف درهم ، ثم قدم من عند مروان فأغلي كراء الحمر من كثرة من تلقاه .

فقلت له: ولم ذاك؟ فقال: يرجون والله جوائزه .

740 - واهب بن عبد الله ، أبو عبد الله المعافري الكعبي .

يروي عن: ابن عمر ، وابن عمرو ، وعقبة بن عامر .

روى عنه: ابن لهيعة وغيره .

توفي في هذه السنة ببرقة ، وكان قد عمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية