صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

742 - جميل بن كريب المعافري .

من أهل إفريقية . حدث عن أبي عبد الرحمن الجيلي ، وكان من أهل العلم [ ص: 24 ] والدين . وسأله الأمير عبد الرحمن بن حبيب الفهري تولية القضاء فامتنع ، وتمارض وشرب ماء التبن حتى اصفر لونه ، فبعث [إليه] عبد الرحمن فقال له: إنما أردت أن تكون عونا على الأمر ، وأقلدك أمر المسلمين فتحكم علي وعلى من دوني بما تراه من الحق ، فاتق الله في الناس . فقال له جميل: آلله إنك لتفعل؟ فقال: آلله ، فقبل ، فما مر إلا أيام حتى أتاه رجل يدعي على عبد الرحمن بن حبيب دعوى ، فمضى معه إلى باب دار الإمارة ، فقال للحاجب: أعلم الأمير بمكاني ، وأن هذا يدعي عليه بدعوى . فدخل فأعلمه . وكان عبد الرحمن من أغنى من ولي أفريقية ، فلبس رداء ونعلين وخرج إليه ، فأقعده جميل مقعد الخصم مع صاحبه ، ثم نظر بينهما ، فأنصفه عبد الرحمن .

وكان جميل يركب حمارا ورسنه ليف ، فمر يوما فعرض له خصمان في موضع ، فنزل عن حماره ، وقعد فأراد أحدهما أن يمسك رأس الحمار ، فمنعه وأمسكه هو ، ثم ركب .

وكان البربر قد رحلوا إلى القيروان ، فخرج إليهم الناس ومعهم ابن كريب ، فاقتتلوا فقتل ابن كريب في هذه السنة .

743 - خالد بن يزيد ، مولى عمير بن وهب الجهني ، يكنى أبا عبد الرحيم .

كان فقيها مفتيا ، وآخر من حدث عنه بمصر المفضل بن فضالة .

توفي في هذه السنة .

744 - داود بن أبي هند ، أبو بكر - واسم أبي هند: دينار - مولى لآل الأعلم القشريين .

ولد بسرخس ، وروى عن أنس ، وسعيد بن المسيب ، وأبي عثمان النهدي ، وأبي العالية ، والحسن . وكان يفتي في زمن الحسن . [ ص: 25 ]

أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال: أنبأنا الجوهري قال: أخبرنا ابن حيويه قال: أخبرنا ابن معروف قال: أخبرنا ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان قال: سمعت داود بن أبي هند يقول: أصابني - يعني الطاعون - فأغمي علي ، وكأن اثنان أتياني ، فغمز أحدهما عكوة لساني ، وغمز الآخر أخمص قدمي ، فقال: أي شيء تجد؟ فقال: تسبيحا وتكبيرا ، وشيئا من خطو إلى المساجد وشيئا من قراءة القرآن . قال: ولم أكن أخذت القرآن حينئذ ، فعوفيت وأقبلت على القرآن فتعلمته .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال: أخبرنا حمد بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثني الفضل بن جعفر عن عمرو بن علي قال: سمعت ابن أبي عدي يقول: صام داود أربعين سنة لا يعلم به أهله . كان خزازا يحمل معه غداءه من عندهم فيتصدق به في الطريق ويرجع عشيا فيفطر معهم .

توفي داود في هذه السنة .

745 - يونس بن عبيد ، أبو عبد الله ، مولى لعبد القيس .

أسند عن أنس ، والحسن ، وابن سيرين ، وعطاء ، وعكرمة .

وكان عالما ثقة زاهدا .

أخبرنا ابن ناصر قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني قال: حدثنا عمر بن أحمد بن عمرو قال: حدثنا رسته قال: سمعت زهيرا يقول: كان يونس بن عبيد خزازا ، فجاء رجل يطلب ثوبا ، فقال لغلامه: انشر الرزمة . وضرب بيده على الرزمة وقال: صلى الله على محمد . فقال: ارفعه . وأبى أن يبيعه مخافة أن يكون [قد] مدحه .

قال أبو نعيم: وحدثنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن المثنى قال: حدثنا [ ص: 26 ] هدبة بن خالد [قال]: حدثنا أمية بن بسطام قال: كان يونس بن عبيد يشتري الإبريسم من البصرة فيبعث به إلى وكيله بالسوس ، وكان وكيله كتب إليه أن المتاع عندهم زائد .

قال أبو نعيم: وحدثنا أبو محمد بن حباب [قال]: حدثنا محمد بن أحمد بن معدان [قال]: حدثنا ابن وارة [قال]: حدثنا الأصمعي [قال]: حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال: جاء رجل من أهل الشام إلى سوق الخزازين ، فقال: أريد مطرفا بأربعمائة . قال يونس بن عبيد عندنا بمائتي [درهم] ، فنادى مناد بالصلاة . فانطلق يونس إلى بني بشير ليصلي بهم ، فجاء وقد باع ابن أخيه المطرف من الشامي بأربعمائة ، وقال يونس: ما هذه الدراهم؟ قال: ذاك المطرف بعناه من هذا الرجل . قال يونس: يا عبد الله ، هذا الذي عرضت عليك بمائتي درهم ، فإن شئت فخذه وخذ مائتين ، وإن شئت فدعه .

قال: من أنت؟ قال: رجل من المسلمين . قال: بل أسألك بالله من أنت؟ وما اسمك؟

قال: يونس بن عبيد . قال: فوالله إنا لنكون في نحر العدو ، فإذا اشتد الأمر علينا قلنا اللهم رب يونس بن عبيد فرج عنا . أو شبيه هذا . فقال يونس: سبحان الله سبحان الله .

توفي يونس في هذه السنة . وقيل: في سنة أربع وثلاثين ومائة . [ ص: 27 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية