صفحة جزء
وفي هذه السنة: وجه أبو جعفر المنصور ابنه محمدا - وهو ولي عهده يومئذ - إلى خراسان في الجنود ، وأمره بنزول الري ، ففعل .

وفيها: خلع عبد الجبار بن عبد الرحمن عامل أبي جعفر على خراسان:

وسبب ذلك: أن المنصور بلغه عن عبد الجبار أنه يقتل رؤساء أهل خراسان ، وأتاه من بعضهم كتاب فيه: قد نغل الأديم ، فقال لأبي أيوب: إن عبد الجبار قد أفنى شيعتنا ، وما فعل هذا إلا وهو يريد أن يخلع . فقال: اكتب إليه: إنك تريد غزو الروم ، فيوجه إليك الجنود من خراسان ، فإذا خرجوا منها فابعث إليه من شئت ، فليس به امتناع . فكتب بذلك [إليه] ، فأجابه: أن الترك قد جاشت ، وإن فرقت الجنود ذهبت خراسان . فقال لأبي أيوب: ما ترى؟ فقال: اكتب إليه: أن خراسان أهم إلي من غيرها ، وأنا موجه إليك من قبلي . ثم وجه إليه الجنود ليكونوا بخراسان ، فإن هم بخلع أخذوا بعنقه .

فلما ورد على عبد الجبار الكتاب كتب إليه: إن خراسان لم تكن قط أسوأ حالا [ ص: 31 ] منها في هذا العام ، وإن دخلها الجنود هلكوا لضيق ما هم فيه من غلاء السعر ، فلما أتاه الكتاب ألقاه إلى أبي أيوب فقال له: [قد] أبدى صفحته وقد خلع فلا تناظره .

فشخص المهدي ، فلما بلغ ذلك أهل مرو الروذ ساروا إلى عبد الجبار فناصبوه الحرب فهزم ، فتبعه أحدهم فأخذه أسيرا وحمل إلى المنصور في مدرعة صوف على بعير ، ووجهه من قبل عجزه ، ومعه ولده وأصحابه ، فبسط عليهم العذاب حتى استخرج منهم الأموال ، وأمر المسيب بقطع يدي عبد الجبار ورجليه ، وضرب عنقه ففعل .

وقال الواقدي: كان هذا سنة اثنتين وأربعين .

وفيها: فتحت طبرستان:

وذلك أنه لما وجه المنصور المهدي إلى الري لقتال عبد الجبار ، فكفى أمره ، كره المنصور أن يضيع النفقات التي أنفقت على المهدي ، فكتب إليه أن يغزو طبرستان ، فذهب فطالت الحروب ، فوجه أبو جعفر عمر بن العلاء الذي يقول فيه بشار:


فقل للخليفة إن جئته نصيحا ولا خير في المتهم     إذا أيقظتك حروب العدا
فنبه لها عمرا ثم نم     فتى ينام على دمنة
ولا يشرب الماء إلا بدم



التالي السابق


الخدمات العلمية