صفحة جزء
وفي هذه السنة: ولى أبو جعفر محمد بن العباس ابن أخيه البصرة ، فاستعفى منها فأعفاه ، فانصرف عنها إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ، فمات بها . واستخلف على البصرة عقبة بن مسلم ، وأقره أبو جعفر عليها .

وفيها: ضرب مالك بن أنس .

أنبأنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي قال: سمعت أبا أحمد [ ص: 106 ] ابن أبي الحسن يقول: سمعت أبا عوانة يقول: سمعت أبا يوسف الفارسي يقول: سمعت مكي بن إبراهيم يقول: ضرب مالك بن أنس رضي الله عنه في سنة سبع وأربعين ومائة . ضربه سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس سبعين سوطا .

قال مؤلف الكتاب رحمه الله: والسبب في ضربه أنهم سألوه عن مبايعة محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن وقالوا له: إن في أعناقنا بيعة أبي جعفر . فقال: إنما بايعتم مكرهين ، وليس على مكره يمين ، فأسرع الناس إلى محمد . فلذلك ضرب .

وفي هذه السنة: حج بالناس المنصور ، وقبض على جعفر بن محمد بن علي بالمدينة

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي بن عمر القزويني قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: حدثنا القاسم بن داود الكاتب قال: حدثنا أبو بكر بن عبيد القرشي قال: حدثني عيسى بن حرب والمغيرة بن محمد قالا: حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال: حدثني الحسين بن الفضل بن الربيع قال: حدثني عبد الله بن الفضل بن الربيع - ولم يحفظ الدعاء وبعضه عن غيره - قال: حج أبو جعفر سنة سبع وأربعين ومائة ، فقدم المدينة فقال: ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتينا به متعبا ، قتلني الله إن لم أقتله . فتغافل عنه الربيع لينساه ، ثم أعاد ذكره للربيع وقال: ابعث إليه من يأتي به متعبا . فتغافل عنه ، ثم أرسل إلى الربيع برسالة قبيحة في جعفر وأمره أن يبعث إليه ففعل . فلما أتاه فقال: أبا عبد الله ، اذكر الله ، فإنه قد أرسل إليك التي لا سوى لها . قال جعفر: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ثم أعلم أبا جعفر حضوره ، فلما دخل أوعده وقال أبو عبد الله: اتخذك أهل العراق إماما يجبون إليك زكاة أموالهم ، وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل ، قتلني الله إن لم أقتلك . فقال: يا أمير المؤمنين ، إن سليمان عليه السلام أعطي فشكر ، وإن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وأنت من ذلك الشيخ . فقال له أبو جعفر : إلي وعندي أبا عبد الله البريء الساحة ، السليم الناحية ، القليل الغائلة ، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما جزى ذوي الأرحام عن أرحامهم . ثم تناول يده فأجلسه معه على فرشه ، ثم قال: علي بالمحفة . فأتى بدهن فيه غالية فعلقه بيده حتى خلت [ ص: 107 ] لحيته قاطرة ، ثم قال: في حفظ الله وكلاءته . ثم قال: يا ربيع ، ألحق أبا عبد الله جائزته وكسوته ، انصرف أبا عبد الله في حفظ الله وفي كنفه . فانصرف ، ولحقته فقلت له: إني رأيت قبل ذلك ما لم تره ، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت ، فما قلت يا أبا عبد الرحمن حين دخلت . قال: قلت: اللهم احرسني بعينك التي لا تنام ، وأكنفني ببركتك التي لا ترام ، وارحمني بقدرتك علي ، فلا أهلك وأنت رجائي ، اللهم إنك أكبر وأجل مما أخاف وأحذر ، اللهم بك أدفع في نحره ، وأستعيذك من شره .

وكان عامل المنصور في هذه السنة على مكة والطائف عمه عبد الصمد بن علي ، وعلى المدينة جعفر بن سليمان ، وعلى الكوفة وأرضها محمد بن سليمان ، وعلى البصرة عقبة بن سالم ، وعلى قضائها سوار بن عبد الله ، وعلى مصر يزيد بن حاتم .

التالي السابق


الخدمات العلمية