صفحة جزء
804 - مسعود الضرير ، أبو جهير البصري .

أخبرنا أحمد بن أحمد المتوكلي الهاشمي قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثني عبد الله بن أبي الفتح الفارسي قال: حدثني عبيد الله بن عثمان الدقاق قال: حدثنا علي بن محمد الواعظ قال: حدثنا علي بن عيسى أبو سعيد الخراز قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله الختلي قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا شعيب بن محرز الأودي قال: حدثنا صالح المري قال: قال مالك بن دينار: اغد علي يا صالح إلى الجبان فإني قد وعدت نفرا من إخواني بأبي جهير مسعود الضرير . فسلم عليه . قال صالح المري: وكان أبو جهير هذا رجلا قد انقطع إلى زاوية يتعبد فيها ، ولم يكن يدخل البصرة إلا يوم جمعة في وقت الصلاة ، ثم يرجع من ساعته . قال: فغدوت إلى موعد مالك إلى الجبان ، فانتهيت إلى مالك وقد سبقني ومعه محمد بن واسع ، وإذا ثابت البناني وحبيب ، فلما رأيتهم قد اجتمعوا قلت: هذا والله يوم سرور . قال: فانطلقنا نريد أبا جهير . قال: فكان مالك إذا مر بموضع نظيف قال: يا ثابت صل ها هنا ، لعله يشهد لك غدا . قال: فكان ثابت يصلي ، قال: ثم انطلقنا حتى أتينا موضعه فسألنا عنه ، فقالوا: الآن يخرج إلى الصلاة . قال: فانتظرنا فخرج علينا رجل إن شئت قلت: قد نشر من قبره . قال: فوثب رجل فأخذ بيده حتى أقامه عند باب المسجد ، فأمهل يسيرا ، ثم دخل المسجد فصلى ما شاء الله ، ثم أقام الصلاة فصلينا معه ، فلما قضى صلاته جلس كهيئة المهموم فتوافد القوم في السلام عليه ، فتقدم محمد بن واسع ، فسلم عليه ، فرد عليه السلام وقال: من أنت؟ لا أعرف صوتك . قال: أنا من أهل البصرة . [ ص: 128 ]

قال: ما اسمك يرحمك الله؟ قال: أنا محمد بن واسع . قال: مرحبا وأهلا ، أنت الذي يقول هؤلاء القوم – وأومأ بيده إلى البصرة - إنك أفضلهم ، لله أبوك إن قمت بشكر ذلك ، اجلس ، فجلس فقام ثابت البناني فسلم عليه ، فرد عليه ، وقال: من أنت يرحمك الله؟

قال: أنا ثابت البناني . فقال: مرحبا بك يا ثابت ، أنت الذي يزعم أهل هذه القرية أنك من أطراهم صلاة ، اجلس فقد كنت أتمناك على ربي . فقام إليه حبيب أبو محمد ، فسلم عليه ، فرد السلام وقال: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا حبيب ، أبو محمد . فقال: مرحبا بك يا أبا محمد ، أنت الذي يزعم هؤلاء القوم أنك لم تسأل الله شيئا إلا أعطاك ، ألا سألته أن يخفي لك ذلك ، اجلس يرحمك الله . قال: وأخذ بيده فأجلسه إلى جنبه .

قال: فقام إليه مالك بن دينار فسلم عليه ، فرد عليه السلام وقال: من أنت رحمك الله؟

قال: أنا مالك بن دينار . قال: بخ بخ أبو يحيى إن كنت كما يقولون ، أنت الذي يزعم هؤلاء أنك أزهدهم ، اجلس فالآن تمت أمنيتي على ربي في عاجل الدنيا . قال صالح: فقمت إليه لأسلم عليه ، فأقبل على القوم فقال: انظروا كيف تكونون غدا بين يدي الله في مجمع القيامة . قال: فسلمت عليه فرد علي وقال: من أنت يرحمك الله؟ قلت: صالح المري . قال: أنت الفتى الفارسي؟ أنت أبو معشر؟ قلت: نعم . قال: فاقرأ يا صالح . فابتدأت فقرأت ، فما استتممت الاستعاذة حتى خر مغشيا عليه ، ثم أفاق فقال: عد في قراءتك . قال صالح: فعدت فقرأت: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا . قال: فصاح صيحة ثم انكب لوجهه ، وانكشف بعض جسده ، فجعل يخور كما يخور الثور ، ثم هدأ فدنونا منه ننظر ، فإذا هو قد خرجت نفسه كأنه خشبة ، فخرجنا فسألنا: هل له أحد؟ قيل: عجوز تخدمه ، تأتيه الأيام ، فبعثنا إليها ، فجاءت فقالت: ما له؟ قلنا: قرئ عليه القرآن فمات . قالت: حق له ، من ذا الذي قرأ عليه؟ لعلهصالح المري القارئ؟ قلنا: نعم ، وما يدريك؟ من صالح؟ قالت: لا أعرفه غير أن كثيرا مما كنت أسمعه يقول: إن قرأ علي صالح قتلني . قلنا: فهو الذي قرأ عليه .

قالت: هو الذي قتل حبيبي . فهنأناه ، ودفناه رحمه الله] .

التالي السابق


الخدمات العلمية