صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

812 - إبراهيم بن أبي عبلة ، واسم أبي عبلة شمر بن يقطان ، أبو إسماعيل القيسي ثم العقيلي:

من أهل فلسطين ، سمع من ابن عمر وغيره ، وسمع منه ابن المبارك ، والليث بن سعد . وتوفي في هذه السنة .

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ ، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد ، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص ، قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد ، قال: حدثنا أبو حاتم ، قال: حدثنا الأصمعي ، قال: أخبرني رجل ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، قال: بعث إلي هشام بن عبد الملك ، فقال: يا إبراهيم ، إنا قد عرفناك صغيرا وخبرناك كبيرا ، ورضينا بسيرتك وحالك ، وقد رأيت أن أخلطك بنفسي وبخاصتي ، وأشركك في عملي ، وقد وليتك خراج مصر ، فقال: أما الذي عليه رأيت يا أمير المؤمنين فالله يجزيك ويثيبك وكفى به جازيا ومثيبا ، وأما الذي [أنا] عليه فما لي بالخراج تصرف ، وما لي عليه قوة . فغضب حتى اختلج وجهه ، ثم قال: ليلين طائعا أو ليلين كارها ، فأمسكت عن الكلام حتى رأيت غضبه قد انكسر وثورته قد طفئت ، فقلت: يا أمير المؤمنين ، أأتكلم؟ فقال: نعم ، فقلت: إن الله سبحانه قال في كتابه إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها . الآية . والله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهن إذا أبين ، ولا أكرههن إذ كرهن ، وما أنا بحقيق أن تغضب علي إذ أبيت ولا تكرهني إذ كرهت ، فضحك وقال: يا إبراهيم ، أبيت إلا رفقا فقد أعفيناك ورضينا عنك .

813 - خويل بن محمد الأزدي:

أخبرنا محمد بن أبي منصور ، وعلي بن عمر ، قالا: أخبرنا رزق الله ، وطراد قالا: [ ص: 157 ] أخبرنا علي بن محمد بن بشران ، قال: أخبرنا ابن صفوان ، قال: حدثنا أبو بكر بن عبيد ، قال: حدثني محمد بن سهل الأزدي ، عن الهيثم بن عبيد ، قال: سمعت خويل بن محمد - وكان عابدا - يقول: كان خويلا قد وقف للحساب ، فقيل: يا خويل ، قد عمرناك ستين سنة ، فما صنعت فيها؟ فجمع نوم ستين سنة مع قائلة النهار فإذا قطعة من عمري ذهبت [في] نوم ، وجمعت ساعات أكلي فإذا قطعة من عمري قد ذهبت في الأكل ، ثم جمعت ساعات وضوئي فإذا قطعة من عمري ذهبت فيه ، ثم نظرت في صلاتي فإذا صلاة منقوصة وصوم مخرق ، فما هو إلا عفو الله أو الهلكة .

814 - محمد بن إسحاق بن يسار بن حبان ، وقيل: ابن يسار بن كوثان المديني ، مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف:

وقال مصعب بن عبد الله: يسار مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة ، جد محمد بن إسحاق من سبي عين التمر ، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق ، يكنى أبا بكر ، وقيل: أبا عبد الله .

رأى أنس بن مالك ، وسعيد بن المسيب ، وسمع القاسم بن محمد بن أبي بكر [الصديق] ، وأبان بن عثمان بن عفان ، ومحمد بن علي بن الحسين ، وأبا سلمة بن عبد الرحمن ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، ونافعا مولى ابن عمر ، والزهري ، وغيرهم .

وكان عالما بالسير والمغازي وأيام الناس والمبتدأ وقصص الأنبياء . وحدث عنه كبار الأئمة كيحيى بن سعيد [الأنصاري ، وسفيان الثوري ، وابن جريج ، وشعبة ، [ ص: 158 ] والحمادين ، وإبراهيم بن سعد ، وسفيان بن عيينة ، وشريك] بن عبد الله وغيرهم .

قال الزهري: لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق .

وقال يحيى بن معين: كان محمد بن إسحاق ثقة ، وضعفه في روايته .

ولما روى ابن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر حديثا قال زوجها هشام بن عروة: كذب ، لقد دخلت بها وهي بنت تسع سنين ، وما رآها مخلوق حتى لحقت بالله عز وجل .

وكان أحمد بن حنبل يقول: لعله دخل عليها وزوجها لا يعلم . وكان مالك بن أنس كذبه أيضا لذلك .

أخبرنا القزاز ، قال: أخبرنا الخطيب ، قال: قد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها أنه كان يتشيع ، وينسب إلى القدر ، ويدلس في حديثه ، فأما الصدق فليس بمدفوع عنه .

وقد قال أبو زرعة: محمد بن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ منه ، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقا وخيرا ، مع مدح ابن شهاب له ، وقد ذاكرت دحيما في قول مالك فيه ، فرأى أن ذلك ليس للحديث إنما هو لأنه اتهمه بالقدر .

وقد قال محمد بن عبد الله بن نمير: كان ابن إسحاق يرمى بالقدر وكان أبعد الناس منه ، وكان إذا حدث عمن سمع من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق ، وإنما أتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة .

وقال سفيان بن عيينة: ما رأيت أحدا يتهم ابن إسحاق .

وقال ابن المديني: حديثه عندي صحيح ، قيل له: فكلام مالك فيه ، فقال: مالك [ ص: 159 ] لم يجالسه ولم يعرفه ، قيل: فهشام بن عروة ، فقال: الذي قال هشام ليس بحجة لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها .

وقال أحمد بن حنبل: ابن إسحاق كان يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه . وكان أحمد يكتب حديثه ولا يحتج به في السنن .

وقال ابن المديني ، ويحيى بن معين ، والساجي: توفي سنة اثنتين وخمسين ومائة .

وقال الهيثم بن عدي ، والفلاس ، وابن عرفة: سنة خمسين ومائة .

وقال أحمد بن خالد الوهبي: سنة إحدى وخمسين . وكذلك قال البخاري .

815 - مسعر بن كدام بن ظهير ، أبو سلمة:

سمع أبا إسحاق الهمداني . روى عنه الثوري ، وشعبة . وكان عالما عابدا كثير البكاء .

قال سفيان الثوري: لم يكن في زمانه مثله .

وقال سفيان بن عيينة: ما لقيت أحدا أفضله على مسعر .

[أخبرنا ابن ناصر ، قال:] أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا شجاع بن فارس ، قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفتح ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف ، قال: أخبرنا ابن صفوان ، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا ، قال: حدثنا محمد بن الحسين ، قال: حدثنا محمد بن كناسة ، قال: سمعت مسعرا يقول: من أهمته نفسه تبين ذلك عليه .

أخبرنا زاهر بن طاهر ، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسين البيهقي ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ، قال: حدثنا محمد بن يعقوب ، قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، قال: سمعت الحسين بن منصور ، قال: سمعت جعفر بن عبد الرحمن ، يقول: [ ص: 160 ]

أتيت مسعر بن كدام لأسمع منه ، فكأنه رجل [قد] أقيم على شفير جهنم ليلقى فيها .

أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، قال: أخبرنا حمد بن أحمد ، قال: حدثنا أبو نعيم الأصفهاني ، قال: حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح ، قال: حدثني الحسين بن مسلم ، قال: حدثنا أحمد بن داود الحراني ، قال: سمعت مسعر بن كدام يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وسفيان الثوري آخذ بيده وهما يطوفان ، فقال: يا رسول الله ، مات مسعر بن كدام؟ قال: نعم واستبشر به أهل السماء .

توفي مسعر بالكوفة في هذه السنة . وقيل: في سنة خمس وخمسين ومائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية