صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

945 - الحكم بن فضيل ، أبو محمد الواسطي .

نزل المدائن ، وحدث بها عن خالد الحذاء ، ويعلى بن عطاء ، روى عنه : أبو النضر هاشم بن القاسم ، وكان الحكم ثقة عند أهل زمانه ، توفي في هذه السنة .

946 - شعوانة العابدة .

كانت كثيرة التعبد ، شديدة الخوف ، طويلة البكاء ، وسألها الفضيل بن عياض الدعاء فقالت : يا فضيل ، أما بينك وبين الله ما إن دعوته استجاب لك ؟ فشهق الفضيل وخر مغشيا عليه .

أخبرنا [ محمد بن ] ناصر قال : أخبرنا جعفر بن أحمد قال : أخبرنا [ ص: 12 ] أحمد بن علي التوزي قال : حدثنا محمد بن عبد الله الدقاق ، حدثنا أبو علي بن صفوان قال : حدثنا أبو بكر بن عبيد قال : حدثني محمد بن الحسين قال : حدثني مالك بن ضيغم قال : قال لي أبي يوما : انطلق بنا حتى نأتي هذه المرأة الصالحة ، فننظر إليها - يعني شعوانة - فانطلقت أنا وأبو همام فدخلنا عليها فقالت : مرحبا يا ابن من لم نره ونحن نحبه ، أما والله يا بني إني لمشتاقة إلى أبيك ، وما يمنعني من إتيانه إلا أني أخاف أن أشغله عن خدمة سيده ، وخدمة سيده أولى به من محادثة شعوانة ، ثم قالت : ومن شعوانة ، وما شعوانة ؟ ! أمة سوداء عاصية . ثم أخذت في البكاء فلم تزل تبكي حتى خرجنا وتركناها .

أخبرتنا شهدة بنت أحمد قالت : أخبرنا جعفر بن أحمد السراج قال : حدثنا أحمد بن علي قال : حدثنا محمد بن عبد الله القطيعي قال : حدثنا ابن صفوان قال : حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثني إبراهيم بن عبد الملك قال :

قدمت شعوانة وزوجها مكة ، فجعلا يطوفان ويصليان ، فإذا كل أو أعيا جلس ، وجلست خلفه فيقول هو في جلوسه : أنا العطشان من حبك لا أروى . وتقول هي : أنبت لكل داء دواء في الجبال ودواء المحبين في الجبال لم ينبت .

947 - الليث بن سعد بن عبد الرحمن ، أبو الحارث . يقال إنه مولى خالد بن ثابت الفهمي .

ولد بقرقشندة ، وهي قرية من أسفل أرض مصر ، سنة أربع وتسعين . وروى عن : عطاء بن أبي رباح ، والزهري ، ونافع في آخرين . حدث عن : هشيم ، وابن المبارك [ ص: 13 ] وغيرهما . وكان فقيها فاضلا ثقة جوادا ، يحفظ القرآن ويعرف الحديث والعربية والشعر .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد [بن علي بن ثابت ] الخطيب قال أخبرني الأزهري قال : حدثنا عبد الله بن عثمان الدقاق قال : حدثنا علي بن محمد المصري قال : حدثني محمد بن أحمد بن عياض قال : سمعت حرملة بن يحيى يقول : سمعت ابن وهب يقول : كتب مالك [بن أنس ] إلى الليث [بن سعد : ] أريد أن أدخل ابنتي على زوجها فأحب أن تبعث لي بشيء من عصفر . قال : فبعث إليه الليث ثلاثين حملا عصفر فصبغ لابنته ، وباع منه بخمس مائة دينار وبقي عنده فضلة .

أخبرنا عبد الرحمن قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرنا علي بن طلحة المقري ، أخبرنا صالح بن أحمد بن محمد الهمداني قال : حدثنا أحمد بن القاضي قال : حدثنا أحمد بن عثمان النسائي قال : سمعت قتيبة بن سعيد يقول : سمعت شعيب بن الليث يقول : خرجت مع أبي حاجا ، فقدم المدينة ، فبعث إليه مالك بن أنس بطبق فيه رطب ، فجعل على الطبق ألف دينار ورده إليه .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال : حدثنا عبد الله بن سليمان قال : سمعت أبي يقول : [ ص: 14 ] قال قتيبة بن سعيد : كان الليث بن سعد يستغل كل سنة عشرين ألف دينار ، وقال : ما وجبت علي زكاة قط ، وأعطى ابن لهيعة ألف دينار وأعطى مالك بن أنس ألف دينار ، وأعطى منصور بن عمار ألف دينار ، وجارية تساوي ثلاثمائة دينار . قال : وجاءت امرأة إلى الليث [بن سعد ] فقالت : يا أبا الحارث إن ابني عليل وقد اشتهى عسلا ، فقال : يا غلام ، أعطها مرطا من عسل . والمرط مائة وعشرون رطلا .

توفي الليث في شعبان من هذه السنة .

948 - المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام .

كان من سروات قريش ، وأهل الفضل .

أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب قال : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال : أخبرنا المخلص قال : أخبرنا أحمد بن سليمان بن داود قال : حدثنا الزبير بن بكار قال : حدثني عمي مصعب قال : أخبرني الفضل بن الربيع قال : دعاه أمير المؤمنين المهدي إلى قضاء المدينة فلم أر رجلا قط كان له استعفاء منه ، قال لأمير المؤمنين : إني كنت وليت ولاية فخشيت أن لا أكون سلمت منها ، فأعطيت الله عهدا أن لا ألي ولاية أبدا ، وأنا أعيذ أمير المؤمنين بالله ونفسي أن يحملني على أن أخيس بعهد الله . قال أمير المؤمنين [ المهدي : ] فوالله لقد أعطيت هذا من نفسك قبل أن أدعوك . قال : والله لقد أعطيت هذا من نفسي قبل أن تدعوني . فقال : قد أعفيتك .

[ ص: 15 ] قال الزبير : وحدثني غير عمي من قريش قال : عرض عليه أمير المؤمنين المهدي مائة ألف درهم على أن يلي له القضاء فاستعفى ، فقال : لا أعفيك حتى تدلني على إنسان أوليه القضاء . فدله على عبد الله بن محمد بن عمران فاستقضاه ، فحج تلك الأيام المنذر بن عبد الله وأبوه فاكترى لأبيه إلى الحج وما يجد ما يكتري لنفسه فحج ماشيا .

توفي المنذر في هذه السنة رحمه الله .

[ ص: 16 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية