صفحة جزء
973 - عمرو بن عثمان بن قنبر ، أبو بشر ، المعروف بسيبويه النحوي ، مولى بني الحارث بن كعب . وقيل : مولى آل الربيع بن زياد .

[ ص: 54 ] وتفسير سيبويه : رائحة التفاح ، وكانت والدته ترقصه في الصغر بذلك .

قال إبراهيم الحربي : سمي سيبويه لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحة .

قال مؤلف الكتاب : وكان سيبويه يصحب المحدثين والفقهاء ، ويطلب الآثار ، وكان يستملي على حماد بن سلمة ، فلحن في حرف ، فعابه حماد فأنف من ذلك ، ولزم الخليل فبرع في النحو ، وقدم بغداد وناظر الكسائي .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أنبأني القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي قال : أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن إسماعيل النجيرمي قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المهلبي قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الرحمن الروذباري قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الملك التاريخي قال : حدثنا إبراهيم الحربي قال : سمعت ابن عائشة يقول : كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد ، وكان شابا جميلا نظيفا ، قد تعلق من كل علم بسبب ، وضرب في كل أدب بسهم مع حداثة سنه وبراعته في النحو .

قال التاريخي : وحدثني ابن الأعلم قال : حدثنا محمد بن سلام قال : كان سيبويه جالسا في حلقة بالبصرة ، فتذاكرنا شيئا من حديث قتادة ، فذكر حديثا غريبا وقال : لم يرو هذا غير سعيد بن أبي العروبة . فقال له بعض من حضر : ما هاتان الزيادتان يا أبا بشر ؟ قال : هكذا يقال ، لأن العروبة يوم الجمعة ، فمن قال عروبة فقد أخطأ ، قال ابن سلام : فذكرت ذلك ليونس فقال : أصاب ، لله دره .

قال أبو سعيد السيرافي : أخذ سيبويه اللغات عن أبي الخطاب الأخفش وغيره ، [ ص: 55 ] وعمل كتابه الذي لم يسبقه أحد إلى مثله ولا لحق به من بعده ، وكان كتابه لشهرته عند النحويين علما ، فكان يقال بالبصرة قرأ فلان للكتاب فيعلم أنه كتاب سيبويه ، وكان المبرد إذا أراد مريد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه يقول له : هل ركبت البحر . تعظيما له واستصعابا لما فيه .

وقال السيرافي : لم نعلم أحدا قرأ كتاب سيبويه عليه ، إنما قرئ بعده على أبي الحسن الأخفش ، ورأيت في تعاليق أبي عبد الله المرزباني : قال ثعلب : اجتمع أربعون نفسا حتى عملوا كتاب سيبويه هو أحدهم ، وهو أصول الخليل ونكته فادعاه سيبويه ، وأنا أستبعد هذا لأن مثله لا يخفى ، والكل قد سلموا للرجل .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال : أخبرنا أحمد [بن علي بن ثابت ] الخطيب قال : أخبرنا هلال بن المحسن قال : حدثنا أحمد بن محمد بن الجراح قال : حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال : أخبرنا ابن المتوكل قال : حدثنا أبو بكر العبدي قال : لما قدم سيبويه بغداد ، فناظر سيبويه الكسائي وأصحابه ، فلم يظهر عليهم ، فسأل من يبذل من الملوك ويرغب في النحو ؟ فقيل له : طلحة بن طاهر . فشخص إلى خراسان ، فلما انتهى إلى ساوة مرض مرضه الذي مات فيه ، فتمثل عند الموت :


يؤمل دنيا لتبقى له فمات المؤمل قبل الأمل     حثيثا يروي أصول الفسيل
فعاش الفسيل ومات الرجل



أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد قال : ] أخبرنا [ أحمد بن علي بن ثابت ] [ ص: 56 ] الخطيب ، أخبرنا عبد الله بن يحيى السكري قال : أخبرنا جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي المتوكل قال : أخبرنا أبو الحسن المدائني قال : قال أبو عمرو بن يزيد : احتضر سيبويه فوضع رأسه في حجر أخيه ، فأغمي عليه فدمعت عين أخيه فأفاق فرآه يبكي فقال :


فكنا جميعا فرق الدهر بيننا     إلى الأمد الأقصى فمن يأمن الدهرا ؟



توفي سيبويه في هذه السنة . وقيل : في التي قبلها .

قال أبو بكر الخطيب : ويقال أن سنه كانت اثنتين وثلاثين سنة .

974 - عفيرة العابدة .

كانت طويلة الحزن ، كثيرة البكاء ، قدم أخ لها ، فبشرت بقدومه ، فبكت ، فقيل لها هذا وقت بكاء ؟ فقالت : ما أجد للسرور في قلبي مسكنا مع ذكر الآخرة ، ولقد أذكرني قدومه يوم القدوم على الله فمن بين مسرور ومثبور .

أخبرنا ابن ناصر بإسناد له عن محمد بن عبيد قال : دخلنا على امرأة بالبصرة يقال لها : عفيرة ، فقيل لها : [يا عفيرة ] ، ادعي الله لنا . فقالت : لو خرس الخاطبون ما تكلمت عجوزكم ، ولكن المحسن أمن المسيء بالدعاء ، جعل الله قراكم من بيتي في الجنة ، وجعل الموت مني ومنكم على بال .

975 - مسلم بن خالد بن سعيد بن خرجة ، أبو خالد . ويلقب : الزنجي .

كان فقيها ، عابدا ، يصوم الدهر .

توفي بمكة في هذه السنة ، لكنه كان كثير الغلط والخطأ في حديثه .

[ ص: 57 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية