صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

983 - إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي ، أبو عتبة .

من أهل حمص ، ولد سنة اثنتين ومائة . وقيل : سنة ست . وسمع من الأكابر من أبي بكر بن أبي مريم ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وسهل بن أبي صالح ، وغيرهم .

وروى عنه : الأعمش وابن المبارك ويزيد بن هارون وقدم بغداد على المنصور فولاه خزانة الكسوة ، وكان يقول : ورثت عن أبي أربعة آلاف دينار فأنفقها في طلب العلم .

[ ص: 68 ] قال يحيى بن معين : إسماعيل ثقة ، والعراقيون يكرهون حديثه . وقال البخاري : إذا حدث عن أهل بلده فصحيح ، وإذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر .

توفي في هذه السنة وبعضهم يقول : في سنة إحدى وثمانين .

984 - عمار بن محمد ، أبو اليقظان الكوفي .

ابن أخت سفيان الثوري ، سكن بغداد وحدث عن الأعمش . روى عنه : أحمد بن حنبل ، والحسن بن عرفة . وقد وثقه قوم .

وقال ابن حبان : كان ممن فحش خطؤه وكثر وهمه فاستحق الترك .

توفي في محرم هذه السنة .

985 - محمد بن أبي شيبة بن إبراهيم بن عثمان [العبسي ] الكوفي .

والد أبي بكر وعثمان وغيرهما .

قال أبو زكريا [ يحيى بن معين ] كان رجلا جميلا ثقة كيسا ، وكان على قضاء فارس ، ومات بفارس في هذه السنة وهو ابن سبع وسبعين سنة .

986 - محمد بن حميد ، أبو سفيان اليشكري يعرف بالمعمري .

[لقي ] معمر بن راشد ، ولرحلته [إليه ] سمي المعمري . وسمع سفيان الثوري وغيره . وكان ثقة صدوقا فاضلا .

توفي في هذه السنة .

[ ص: 69 ] 987 - مروان بن سليمان [بن يحيى ] بن أبي حفصة ، أبو الهيذام . وقيل : أبو السمط .

واسم أبي حفصة : يزيد ، وكان من سبي إصطخر ، سبي غلاما فاشتراه عثمان بن عفان ، فوهبه لمروان [بن الحكم ] فأعتقه يوم الدار ، لأنه أبلى يومئذ بلاء حسنا .

وقيل : إن أبا حفصة كان طبيبا يهوديا أسلم على يد عثمان بن عفان . وقيل : على يد مروان بن الحكم .

كان مروان بن سليمان شاعرا مجيدا ، ومدح المهدي والرشيد ومعن بن زائدة .

وقال الكسائي : إنما الشعر سقاء تمخض ، فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة .

أخبرنا أبو منصور القزاز قال : أخبرنا [ أبو بكر أحمد بن علي ] الخطيب قال : أخبرني أبو علي الجازري قال : حدثنا المعافى قال : حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال : حدثنا عبد الله بن موسى بن حمزة قال : حدثني أحمد بن موسى قال : حدثنا الفضل بن بزيع قال : رأيت مروان بن أبي حفصة قد دخل على المهدي بعد موت معن [بن زائدة ] فمدحه بأبيات ، فقال : من أنت ؟ قال : شاعرك مروان بن أبي حفصة . فقال له : ألست تقول :


أقمنا باليمامة بعد معن مقاما ما نريد به زيالا     وقلنا أين نرحل بعد معن
وقد ذهب النوال فلا نوالا



[ ص: 70 ] قد جئت تطلب نوالنا ، وقد ذهب النوال فلا شيء لك عندنا ، جروا برجله . فجر برجله حتى أخرج . فلما كان في العام المقبل تلطف حتى دخل مع الشعراء . وإنما كانت الشعراء تدخل على الخلفاء في كل عام مرة ، فمثل بين يديه فأنشده :


طرقتك زائرة فحي خيالها



إلى أن بلغ [منها ]


شهدت من الأنفال آخر آية     بتراثهم فأردتم أبطالها



فجعل المهدي يتزاحف عن مصلاه إعجابا بقوله ، ثم قال : كم هي بيتا ؟ قال : مائة بيت . فأمر له بمائة ألف درهم ، فلما أفضت الخلافة إلى الرشيد أنشده فقال : ألست القائل في معن كذا وكذا ؟ وذكر البيتين ، ثم أمر بإخراجه ، فتلطف حتى عاد ودخل بعد يومين ، فأنشده قصيدة ، فأمر له بعدد أبياتها ألوفا .

أخبرنا القزاز قال : أخبرنا الخطيب [قال : أخبرنا ] الأزهري قال : أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال : حدثني عبد الله بن إسحاق بن سلام قال : خرج مروان من دار المهدي ومعه ثمانون ألف درهم ، فمر بزمن ، فسأله فأعطاه ثلثي درهم ، فقيل له : هلا أعطيته درهما ؟ فقال : لو أعطيت مائة ألف لأتممت له درهما .

قال : وكان مروان يبخل فلا يسرج له في داره ، فإذا أراد أن ينام أضاءت له الجارية بقصبة إلى أن ينام .

[ ص: 71 ] أنبأنا محمد بن عبد الملك ، عن أبي محمد الجوهري قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني قال : أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم ، عن أبيه قال : حدثني ابن مهرويه قال : حدثني علي بن محمد النوفلي قال : سمعت أبي يقول : كان المهدي يعطي ابن أبي حفصة وسلما الخاسر عطية واحدة ، وكان سلم يأتي باب المهدي على برذون قيمته عشرة آلاف درهم ، ولباسه الخز والوشي والطيب يفوح منه ، ويجيء مروان وعليه فرو وكل وقميص كرابيس ، وكساء غليظ ، وكان لا يأكل اللحم بخلا حتى يقدم إليه ، فإذا قدم [إليه ] أرسل غلامه فاشترى له رأسا فأكله ، فقيل له : نراك لا تأكل إلا الرءوس . فقال : الرأس أعرف شعره فآمن خيانة الغلام ، وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه ، وآكل منه ألوانا : آكل عينيه لونا ، وأذنيه لونا ، وغلصمته لونا ، ودماغه لونا ، وأكفى مئونة طبخه ، فقد اجتمعت لي فيه مرافق .

قال المرزباني : وحدثني أحمد بن عيسى الكرخي قال : حدثنا أبو العيناء قال : كان مروان بن أبي حفصة من أبخل الناس ، خرج يريد المهدي ، فقالت له امرأة من أهله : ما لي عليك إن رجعت بالجائزة ؟ قال : إن أعطيت مائة ألف درهم أعطيتك درهما ، فأعطي ستين ألفا ، فدفع إليها أربعة دوانيق .

توفي مروان في هذه السنة ودفن ببغداد في مقبرة نصر بن مالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية