صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1077 - شعيب بن حرب ، أبو صالح المديني .

سمع شعبة ، والثوري ، وزهير بن معاوية .

وروى عنه : أحمد بن حنبل وغيره . وكان من الثقات العلماء العباد الآمرين بالمعروف ، المدققين في طلب الحلال .

أخبرنا [أبو ] منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر بن ثابت ، أخبرنا البرقاني قال :

قرأت على أبي حفص الزيات ، حدثكم أحمد بن الحسين الصوفي قال : سمعت أبا حمدون المقرئ ، واسمه : طيب بن إسماعيل يقول : ذهبنا إلى المدائن إلى شعيب بن حرب ، كان قاعدا على شط دجلة ، وكان قد بنى كوخا ، وخبز له معلق ، وإنما كان جلدا [ ص: 40 ] وعظما ، قال : فقال : أرى ها هنا بعد لحما ، والله لا علم في دورنا به حتى أدخل إلى القبر وأنا عظام تقعقع ، أريد السمن للدود والحيات ؟

قال : فبلغ أحمد بن حنبل قوله فقال : شعيب بن حرب حمل على نفسه في الورع .

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ، أخبرنا رزق الله ، أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف ، أخبرنا ابن صوفان ، أخبرنا ابن أبي الدنيا ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الملك قال :

جاء رجل إلى شعيب بن حرب وهو بمكة فقال : ما جاء بك ؟ قال : جئت أؤنسك . قال :

جئت تؤنسني وأنا أعالج الوحدة منذ أربعين سنة .

قال ابن أبي الدنيا : وحدثني الحسن بن الصباح قال : سمعت شعيب بن حرب يقول : لا تجلس إلا مع أحد رجلين : رجل يعلمك خيرا فتقبل منه ، أو رجل تعلمه خيرا فيقبل منك . والثالث اهرب منه .

أخبرنا ابن ناصر ، أخبرنا عبد القادر بن محمد ، أخبرنا أبو بكر بن علي الخياط ، أخبرنا ابن أبي الفوارس ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن سلم ، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق ، أخبرنا المروزي قال : سمعت عبد الوهاب يقول : كان ها هنا قوم خرجوا إلى المدائن إلى شعيب بن حرب ، فما رجعوا إلى دورهم ، ولقد أقام بعضهم لم يستق الماء ، وكان شعيب يقول لبعضهم الذي يستقي الماء : لو رآك سفيان لقرت عينه .

قال المصنف رحمه الله : كان شعيب قد اعتزل الناس وأقام بالمدائن يتعبد ، ثم خرج إلى مكة ، فتوفي بها بعلة البطن في هذه السنة . وقيل في سنة تسع وتسعين .

1078 - عبيد بن وهب بن مسلم ، أبو محمد ، مولى لقريش .

ولد في ذي القعدة سنة خمس وعشرين ومائة ، وطلب العلم وهو ابن سبع عشرة سنة .

أخبرنا أبو القاسم ، أخبرنا حمد بن أحمد ، أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني ، أخبرنا [ ص: 41 ] أبي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال : دخل ابن وهب الحمام فسمع قارئا يقرأ : وإذ يتحاجون في النار فسقط مغشيا عليه ، فغسلت عنه النورة وهو لا يعقل .

أخبرنا زاهر بن طاهر ، أنبأنا أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال : سمعت أبا إسحاق المزكي يقول : سمعت محمد بن المسيب يقول : سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : كتب الخليفة إلى عبد الله بن وهب في قضاء مصر ، فجنن نفسه ولزم البيت ، فاطلع عليه رشدين بن سعد من السطح فقال :

يا أبا محمد ، ألا تخرج للناس فتحكم بينهم كما أمر الله ورسوله ، قد جننت نفسك ، ولزمت البيت . فقال : إني ها هنا انتهى عقلك ، ألم تعلم أن القضاء يحشرون يوم القيامة مع السلاطين ويحشر العلماء مع الأنبياء ! ؟

توفي عبد الله بمصر في شعبان هذه السنة .

1079 - عبد الرحمن بن مسهر بن عمر - وقيل : عمير - أبو الهيثم الكوفي .

حدث عن هشام بن عروة وغيره . وهو قاضي جبل .

أخبرنا عبد الرحمن ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرني الأزهري قال :

أخبرني ابن عروة وغيره ، أخبرنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى ، أخبرنا الحسين الأصفهاني قال : أخبرني جعفر بن قدامة قال : حدثني محمد بن يزيد الضرير قال :

حدثني عبد الرحمن بن مسهر قال : ولاني أبو يوسف القاضي القضاء بجبل ، وبلغني أن الرشيد ينحدر إلى البصرة ، فسألت أهل جبل أن يثنوا علي ، فوعدوني أن يفعلوا ذلك إذا انحدر ، فلما قرب منا سألتهم الحضور ، فلم يفعلوا وتفرقوا ، فلما آيسوني من أنفسهم سرحت لحيتي وخرجت له ، فوقفت فوافى وأبو يوسف معه في الحراقة ، فقلت :

يا أمير المؤمنين ، نعم القاضي قاضي جبل ، قد عدل فينا وفعل وصنع ، وجعلت أثني [ ص: 42 ] على نفسي ، ورآني أبو يوسف فطأطأ رأسه وضحك ، فقال له الرشيد : مم ضحكت ؟

فقال : المثني على القاضي هو القاضي . فضحك هارون حتى فحص برجليه وقال : هذا شيخ سخيف سفلة فاعزله ، فعزلني . فلما رجع جعلت أختلف إليه وأسأله أن يوليني قضاء ناحية أخرى ، فلم يفعل . فحدثت الناس عن مجالد ، عن الشعبي أن كنية الدجال : أبو يوسف ، وبلغه ذلك ، فقال : هذه بتلك ، فحسبك وصر إلي حتى أوليك ناحية أخرى . ففعل ، وأمسكت عنه .

قال يحيى : عبد الرحمن بن مسهر ليس بشيء .

وقال النسائي : هو متروك الحديث .

1080 - عثمان بن سعيد ، أبو سعيد ، الملقب : ورش .

روى عن نافع القراءة ، وهو من أعلام أصحابه ، توفي في هذه السنة .

1081 - وكيع بن الجراح بن عدي بن فرس بن جمحة ، أبو سفيان الرؤاسي الكوفي .

ولد سنة تسع وعشرين ومائة ، وقيل سنة ثمان .

وسمع إسماعيل بن أبي خالد ، وهشام بن عروة ، والأعمش ، وابن عون ، وابن جريج والأوزاعي ، وسفيان وخلقا كثيرا .

وحدث وهو ابن ثلاث وثلاثين ، فروى عنه ابن المبارك ، وقتيبة ، وأحمد ، ويحيى . وأحضره الرشيد ليوليه القضاء فامتنع .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا الجوهري ، أخبرنا علي بن محمد بن لؤلؤ ، حدثنا محمد بن سويد الزيات ، أخبرنا أبو يحيى الناقد ، أخبرنا محمد بن خلف التيمي قال : سمعت وكيعا يقول : أتيت الأعمش فقلت : حدثني : فقال لي : ما اسمك ؟ قلت : وكيع . فقال : اسم نبيل ، وما أحسب إلا سيكون لك نبأ ، أين تنزل من الكوفة ؟ قلت : في بني رؤاس . قال : أين من منزل [ ص: 43 ] الجراح بن مليح ؟ قلت : ذاك أبي ، وكان أبي على بيت المال . قال : اذهب فجئني بعطائي وتعال حتى أحدثك بخمسة أحاديث . قال : فجئت أبي فأخبرته ، فقال : خذ نصف العطاء واذهب به ، فإذا حدثك بالخمسة فخذ النصف الآخر فاذهب به حتى تكون عشرة . قال : فأتيته بنصف عطائه ، فأخذه فوضعه في كفه ، ثم سكت ، فقلت :

حدثني . فقال : اكتب . فأملى علي حديثين . قال : قلت : وعدتني خمسة . قال : فأين الدراهم كلها ؟ أحسب أن أباك أمرك بهذا ، ولم يعلم أن الأعمش قد شهد الوقائع ، اذهب وجئ بتمامها كلها وتعال أحدثك خمسة أحاديث . قال : فجئته فحدثني بخمسة .

قال : فكان إذا كان كل شهر جئته بعطائه فحدثني بخمسة أحاديث .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي ، أخبرنا الأزهري ، حدثنا عبيد الله بن عثمان الزيات ، حدثنا علي بن محمد المصري قال : حدثني عبد الرحمن بن حاتم المرادي قال : حدثني أسد بن عفير قال : حدثني رجل من أهل هذا الشأن من أهل المروة والأدب قال : جاء رجل إلى وكيع فقال له : إني أمت إليك بحرمة . قال : وما حرمتك ؟ قال : كنت تكتب من محبرتي في مجلس الأعمش . قال :

فوثب وكيع فأخرج له من منزله صرة فيها دنانير وقال : أعذرني ، فإني ما أملك غيرها .

حدثنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي ، حدثنا عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان ، أخبرنا محمد بن أيوب بن المعافى قال : سمعت إبراهيم الحربي يقول : سمعت أحمد بن حنبل ذكر يوما وكيعا فقال : ما رأت عيني مثله قط ، يحفظ الحديث جيدا ، ويذاكر بالفقه فيحسن ، مع ورع واجتهاد ، ولا يتكلم في أحد .

أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أخبرنا إسماعيل بن مسعدة ، أخبرنا حمزة بن [ ص: 44 ] يوسف ، أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال : قال يحيى بن معين ، حدثنا قتيبة ، حدثنا وكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات لم يدفن حتى ربا بطنه وانتشرت خنصراه . قال قتيبة : حدث بهذا الحديث وكيع وهو بمكة ، وكانت سنة حج فيها الرشيد فقدموه إليه ، فدعا الرشيد سفيان بن عيينة ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، فأما عبد المجيد فقال : يجب أن يقتل هذا ، فإنه لم يرو هذا إلا وفي قلبه غش للنبي صلى الله عليه وسلم .

فسأل الرشيد سفيان بن عيينة فقال : لا يجب عليه القتل رجل سمع حديثا فرواه ، لا يجب عليه القتل ، إن المدينة شديدة الحر ، توفي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، فنزل إلى قبره ليلة الأربعاء لأن القوم كانوا في صلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، واختلفت قريش والأنصار ، فمن ذلك تغير .

قال قتيبة : فكان وكيع إذا ذكر له فعل عبد المجيد قال : ذلك رجل جاهل ، سمع حديثا لم يعرف وجهه ، فتكلم بما تكلم .

توفي وكيع بفيد في هذه السنة وهو ابن ست وستين سنة . [ ص: 45 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية