ومن الحوادث في هذه السنة  : هرب 
أبي السرايا  من 
الكوفة  ، ودخول 
هرثمة   [ ص: 83 ] 
إليها ، وكانت هزيمته بمن معه من الطالبيين ليلة الأحد لأربع عشرة بقيت من المحرم سنة مائتين حتى أتوا القادسية ، ودخل 
 nindex.php?page=showalam&ids=17153منصور بن المهدي  وهرثمة  الكوفة  صبيحة تلك الليلة ، وأمنوا أهلها ، ولم يعرضوا لأحد منهم ، فأقاموا بها يومهم إلى العصر ، ثم رجعوا إلى معسكرهم ، وخلفوا بها رجلا منهم يقال له : 
غسان بن [أبي ] الفرج   . 
ثم إن 
أبا السرايا  خرج من القادسية هو ومن معه ، حتى أتوا ناحية واسط ، وكان بواسط 
علي بن أبي سعيد  وأصحابه ، وكانت 
البصرة  بيد العلويين بعد ، فجاء 
أبو السرايا  حتى عبر دجلة أسفل واسط ، فوجد مالا كان قد حمل من 
الأهواز  ، فأخذه ، ثم مضى إلى السوس ، فنزل بمن معه ، فأقام أربعة أيام ، وخرق على أصحابه مالا . فلما كان في اليوم الرابع أتاهم 
الحسن بن علي الباذغيسي  ، فأرسل إليهم : اذهبوا حيث شئتم ، فلا حاجة لي في قتالكم ، وإذا خرجتم من عملي فلست أتبعكم . فأبى 
أبو السرايا  إلا قتاله ، فقاتلهم فهزمهم 
الحسن  ، واستباح عسكرهم وهرب 
أبو السرايا  ، فلحق ، فأتي به 
 nindex.php?page=showalam&ids=14115الحسن بن سهل  فضرب عنقه يوم الخميس لعشر خلون من ربيع الأول ، وطيف برأسه في المعسكر ، وبعث بجسده إلى بغداد ، فصلب بصفين على الجسرين ، فكان من زمن خروجه إلى وقت مقتله عشرة أشهر ، والذي كان 
بالبصرة  من الطالبيين 
زيد بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب  الذي يقال له : زيد النار - وإنما قيل له ذلك لكثرة ما حرق من دور بني العباس وأتباعهم 
بالبصرة   - فتوجه إليه 
علي بن سعيد  فأخذه أسيرا فحبسه ، وقيل : إنه طلب منه الأمان فأمنه . 
وفي هذه السنة : خرج 
إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي  باليمن  ، وذلك أنه كان 
بمكة  ، فلما بلغه خبر أبي السرايا والطالبيين 
بالعراق  خرج 
باليمن  في جماعة من أهل بيته ، ووالي 
اليمن  المقيم بها من قبل 
 nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون  إسحاق بن موسى العلوي  وقربه من 
صنعاء  ، وخرج منصرفا عن 
اليمن  بعسكره وخلى 
اليمن  لإبراهيم بن موسى  ، وكره قتاله ، وذهب نحو 
مكة  ، فلما أراد دخولها منعه من بها من العلويين ، وكان  
[ ص: 84 ] 
[يقال ] : 
لإبراهيم بن موسى الجزار  لكثرة من قتل 
باليمن  من الناس وسبى ، وأخذ من الأموال . 
وفي هذه السنة : وجه بعض ولد 
عقيل بن أبي طالب  من 
اليمن  في جند كثيف ليحج بالناس ، فحورب 
العقيلي  وهزم ، ولم يقدر على دخول 
مكة  ، ومرت به قافلة من الحاج والتجار ، وفيها كسوة الكعبة وطيبها ، فانتهب ذلك ، وكان على الموسم 
أبو إسحاق بن الرشيد  ، فبعث إليه من قتل من أصحابه وهرب الباقون . وفيها : بويع 
لمحمد بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب  ، وذلك أن 
حسين بن حسن  الذي حكينا عنه ما فعل 
بمكة  عن أمر 
أبي السرايا  لما تغير الناس له لسوء سيرته ، وبلغه أن 
أبا السرايا  قد قتل ، وأنه قد طرد من كان 
بالكوفة  والبصرة  وكور العراق  من الطالبيين ، ورجعت الولاية بها لولد 
العباس  ، اجتمعوا إلى محمد بن جعفر بن محمد بن علي - وكان شيخا محببا في الناس ، حسن السيرة ، يروي العلم والناس يكتبون عنه ، ويظهر زهدا وسمتا - فقالوا له : قد نعلم حالك في الناس ، فأبرز شخصك نبايع لك بالخلافة ، فإنك إن فعلت ذلك لم يختلف عليك اثنان ، فأبى عليهم ، فلم يزل ابنه به 
وحسين بن حسن  الأفطس ، حتى غلباه على رأيه ، فأجابهم ، فأقاموه بعد صلاة الجمعة لثلاث خلون من ربيع الآخر ، فبايعوه بالخلافة ، وحشروا إليه الناس من أهل مكة والمجاورين ، فبايعوه طوعا وكرها ، فأقام كذلك أشهرا ، وليس له من الأمر سوى الاسم . 
ثم أقبل 
إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي  من 
اليمن  ، فاجتمع العلويون إلى 
محمد بن جعفر  ، فقالوا له : هذا 
إسحاق بن موسى  قد أقبل في الخيل والرحل ، وقد رأينا أن نخندق على 
مكة  ونحاربه . فقاتلوه أياما ، ثم كره 
إسحاق  القتال فرجع ، ثم رد عليهم ،  
[ ص: 85 ] وكانت الهزيمة على 
محمد بن جعفر  وأصحابه ، فطلب 
محمد  الأمان حتى يخرج من 
مكة  فأمنوه . 
ودخل 
إسحاق  في جمادى الآخرة ، وتفرق الطالبيون كل قوم في ناحية ، ومضى 
محمد بن جعفر  بجمع الجموع ، وجاء إلى والي المدينة فخاصمه ، فهزم 
محمد  ، وفقئت عينه ، وقتل من أصحابه خلق كثير . 
ثم رده قوم من الولاة إلى 
مكة  ، وضمنوا له الأمان ، فرقا المنبر 
بمكة  وقال : إنه بلغني أن المأمون مات ، فدعاني الناس إلى أن يبايعوا لي ، وقد صح عندي أنه حي ، وأنا أستغفر الله مما دعوتكم إليه من البيعة ، وقد خلعت نفسي من البيعة . فخرج به 
عيسى بن يزيد  إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=14115الحسن بن سهل  ، فبعث 
بن الحسن  إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون   . 
وفي هذه السنة : خالف 
علي بن أبي سعيد   nindex.php?page=showalam&ids=14115الحسن بن سهل  ، فبعث 
 nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون  بسراج الخادم وقال له : إن وضع يده في يد 
الحسن  أو يشخص إلينا ، وإلا فأضرب عنقه . 
فشخص إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون   .