صفحة جزء
وفي هذه السنة : وثب أخو أبي السرايا بالكوفة فبيض ، واجتمعت إليه جماعة ، فلقيه غسان بن الفرج في رجب ، فقتله وبعث برأسه إلى إبراهيم بن المهدي .

وفيها : ظفر إبراهيم بن المهدي بسهل بن سلامة المطوعي ، فحبسه وعاقبه ، [ ص: 108 ] وقد ذكر عن سهل أنه كان يأمر بالمعروف ، واجتمع إليه عامة أهل بغداد ، وكان كل من أجابه يثني على بابه برجا بجص وآجر ، وينصب عليه السلاح والمصحف ، حتى بلغوا قرب باب الشام ، وكان سهل يذكر الولاة بأقبح أعمالهم ويقول : الفساق . فقاتله أصحاب إبراهيم بن المهدي ، وخذله العوام حتى أخذ ، فأتى به إسحاق بن الهادي فقال له :

حرضت علينا الناس وعبت أمرنا . فقال : إنما كنت أدعو إلى العمل بالكتاب والسنة .

فقالوا له : اخرج فقل إنما الذي كنت أدعو إليه باطل : فخرج فقال : إن الذي كنت أدعو إليه من الكتاب والسنة أنا أدعو إليه اليوم . فوجئ عنقه وضربوه وقيد وحبس وخفي أمره .

وفي هذه السنة : شخص المأمون من مرو يريد العراق .

وكان سبب ذلك : أنه أخبر بالقتال والفتن منذ قتل الأمين ، وأن أهل بيته قد غضبوا لمبايعة علي بن موسى وأنهم قد بايعوا لإبراهيم بن المهدي ، وكان الفضل بن سهل يكتمه هذه الأحوال ، فلما أخبر بها وبان أن هرثمة إنما جاء لنصحه ، وأنه إن لم يتدارك الأمر خرجت الخلافة من يده ، وأن طاهر بن الحسين لما وطأ له الخلافة أخرج من الأمر وصير في زاوية في الرقة ، وأنه لو كان ببغداد لم يجترئ أحد على ما اجترأ عليه ، وإنك لو خرجت عاد إليك بنو هاشم كلهم وأطاعوا ، ولم يخبروا بهذا حتى أخذوا خطة بالأمان من الفضل بن سهل ، لأنه كان لا يظهره على شيء من هذا فلما تحقق الأمر عنده ، وأمر بالرحيل إلى بغداد ، علم الفضل بن سهل ببعض أمورهم ، فتعنتهم فضرب بعضهم بالسياط ، وحبس بعضهم ، ثم ارتحل من مرو ، فلما دخل سرخس دخل أربعة نفر على الفضل بن سهل وهو في الحمام ، فقتلوه وهربوا ، فطلبهم المأمون [ ص: 109 ] فقتلهم ، وبعث برءوسهم إلى الحسن بن سهل ، وأعلمه ما دخل عليه من المصيبة بقتل الفضل بن سهل ، وأنه صيره مكانه ، ووصل الخبر بذلك إلى الحسن في رمضان ، وجعل المطلب يدعو في السر للمأمون ، وخلع إبراهيم ، فأجابه منصور ، وخزيمة ، وقواد كثير ، وعلم إبراهيم فبعث إلى المطلب ، ومنصور ، وخزيمة فاعتلوا عليه ، ونهب ألفا من دار المطلب .

وفي هذه السنة : تزوج المأمون بوران بنت الحسن بن سهل ، إلا أنه دخل بها في سنة عشر ، وسنذكر هناك خبرها .

وفي هذه السنة : زوج المأمون علي بن موسى الرضي ابنته أم حبيب ، وزوج محمد بن علي بن موسى ابنته أم الفضل .

أخبرنا أبو منصور القزاز قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال : أجاز لي أبو نصر أحمد بن محمد بن حسنون النرسي وحدثنيه ثقة من أصحابنا عنه قال :

أخبرنا إبراهيم بن حامد بن شباب الأصبهاني قال : أخبرنا أحمد بن يحيى قال :

سمعت يحيى بن أكثم يقول : لما أراد المأمون أن يزوج ابنته من الرضي ، قال لي يا يحيى تكلم . قال : فأجللته أن أقول له : أنكحت ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أنت الحاكم الأكبر وأنت أولى بالكلام ، فقال : الحمد لله الذي تصاغرت الأمور بمشيئته ، ولا إله إلا الله إقرارا بربوبيته وصلى الله على سيدنا محمد عند ذكره ، أما بعد :

فإن الله جعل النكاح الذي رضيه سببا للمناسبة ألا وإني قد زوجت ابنتي من [ ص: 110 ] علي بن موسى الرضي ، وأمهرتها عنه أربعمائة درهم .

وحج بالناس في هذه السنة إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد ودعا لأخيه بعد المأمون بولاية العهد ، ومضى إبراهيم بن موسى إلى اليمن ، وكان قد غلب عليها حمدويه بن علي بن موسى بن ماهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية