صفحة جزء
[ ص: 162 ] ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1145 - حذيفة بن قتادة المرعشي .

صحب الثوري ، وتوفي في هذه السنة .

أخبرنا عمر بن ظفر ، أخبرنا جعفر بن أحمد ، أخبرنا عبد العزيز بن علي أخبرنا ابن جهضم ، حدثنا الحسن بن إسحاق ، حدثنا محمد بن المسيب ، حدثنا عبد الله بن حنبق قال: قال حذيفة المرعشي : إياكم وهدايا الفجار والسفهاء ، فإنكم إن قبلتموها ظنوا بكم أنكم [قد] رضيتم فعلهم .

1146 - زيد بن محمد بن عبيد ، أبو عبد الله الخزاعي الدمشقي .

سمع مالك بن أنس ، روى عنه: ابن عوف وأحمد بن حنبل ، وأبو خيثمة ، وكان ثقة مأمونا .

وتوفي في هذه السنة بدمشق .

1147 - عبد الرحمن بن غزوان ، أبو نوح عبد الله بن مالك الخزاعي ، ويعرف بقراد .

سمع شعبة ، وعكرمة بن عمار ، والليث بن سعد روى عنه أحمد بن حنبل . وكان ثقة . توفي في هذه السنة .

1148 - عمر بن حبيب العدوي

من بني عدي بن مناة . من أهل البصرة .

حدث عن داود بن أبي هند ، وخالد الحذاء ، وسليمان التيمي ، وهشام بن عروة . [ ص: 163 ]

روى عنه محمد بن عبيد الله المنادي . وكان قد قدم بغداد ، وولي بها قضاء الشرقية ، وولي قضاء البصرة [أيضا] .

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد [القزاز] قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: أخبرني الأزهري قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن حمدان العكبري قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن القاسم النحوي ، حدثنا أبو العباس محمد بن يونس الكديمي ، حدثنا يزيد بن مرة الدارع ، حدثنا عمر بن حبيب قال: حضرت مجلس هارون [الرشيد] فجرت مسألة فتنازعها الخصوم وعلت أصواتهم ، واحتج بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فدفع بعضهم الحديث ، وزادت المدافعة والخصام حتى قال قائلون منهم: لا يحمل هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن أبا هريرة متهم فيما يرويه ، وصرحوا بتكذيبه ، ورأيت الرشيد قد نحا نحوهم ، ونصر قولهم ، فقلت: إن الحديث صحيح النقل وأبو هريرة صحيح النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صدوق فيما يرويه عن نبي الله وغيره . فنظر إلي الرشيد نظر مغضب ، فقمت من المجلس فانصرفت إلى منزلي .

فلم ألبث حتى قيل: صاحب البريد بالباب فدخل إلي ، فقال: أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول ، وتحنط وتكفن فقلت: اللهم إنك تعلم أني دافعت عن صاحب نبيك ، وأجللت نبيك صلى الله عليه وسلم ، أن يطعن في أصحابه ، فسلمني منه . فأدخلت على الرشيد وهو جالس على كرسي ، حاسر عن ذراعيه ، بيده السيف وبين يديه النطع ، فلما بصرني قال [لي]: يا عمر بن حبيب ، ما تلقاني أحد من الرد [ ص: 164 ] والدفع [لقولي] بمثل ما تلقيتني به . فقلت: يا أمير المؤمنين ، إن الذي قلته وجادلت علي فيه إزراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم [على ما جاء به] ، إذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة ، والفرائض والأحكام في الصيام والصلاة والطلاق والنكاح والحدود كله مردود غير مقبول . فرجع إلى نفسه ، ثم قال: أحييتني يا عمر بن حبيب ، أحياك الله . وأمر لي بعشرة آلاف درهم .

أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد أبو منصور القزاز] قال: أخبرنا [أبو بكر] أحمد [بن علي] بن ثابت قال: حدثني عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي ، أخبرنا تمام بن محمد الرازي قال: حدثني أبي قال: أخبرني أبو الحسين علي بن محمد بن أبي حسان الزيادي قال: حدثنا أبو زيد الحارث بن أحمد العبدي قال: حدثني الحسين بن شداد قال: كان عمر بن حبيب على قضاء الرصافة لهارون الرشيد ، فاستعدى إليه رجل على عبد الصمد بن علي فأعداه عليه ، فأبى عبد الصمد أن يحضر مجلس الحكم ، فختم عمر بن حبيب قمطره وقعد في بيته . فرفع ذلك إلى هارون ، فأرسل إليه ، فقال: ما منعك أن تجلس للقضاء؟ فقال: أعدي على رجل فلم يحضر مجلسي . قال: ومن هو؟ قال: عبد الصمد بن علي . فقال هارون : والله لا يأتي مجلسك إلا حافيا قال: وكان عبد الصمد شيخا كبيرا قال: فبسطت [له] اللبود من باب قصره إلى مسجد الرصافة ، فجعل يمشي ويقول: أتعبني أمير المؤمنين ، أتعبني أمير المؤمنين . فلما صار إلى [ ص: 165 ] مجلس عمر بن حبيب أراد أن يساويه في المجلس ، فصاح [به] عمر وقال: اجلس مع خصمك . قال: فتوجه الحكم على عبد الصمد فحكم عليه ، وسجل به . فقال له عبد الصمد : لقد حكمت علي بحكم لا يجاوز شحمة أذنك فقال له عمر : أما إني قد طوقتك بطوق لا يفكه عنك الحدادون قم .

قال الخطيب : كذا ذكر في هذا الحديث ، أنه كان على الرصافة . والمحفوظ أنه كان على الشرقية .

توفي عمر في هذه السنة بعد رجوعه إلى البصرة .

1149 - طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق بن أسعد بن زادان ، أبو طلحة الخزاعي ، والي خراسان .

بعثه المأمون إلى بغداد لمحاربة الأمين ، وظفر به طاهر وقتله ، ولقبه المأمون ذا اليمين .

وحدث عن ابن المبارك وغيره . وكان جوادا وقع يوما بصلات أحصيت ألف ألف وسبعمائة ألف .

أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ ، عن أبي محمد السراج قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الواحد ، حدثنا المعافى بن زكريا حدثنا محمد بن القاسم الأنباري ، حدثنا عبد الله بن بيان ، حدثنا أبو جعفر مولى بني هاشم قال: بينا طاهر بن الحسين في حراقته يوما وقد أدنيت إلى الشط لتخرج ، إذ عرض له مقدس الخلوفي الشاعر فقال له: أيها الأمير ، أريد أن تسمع مني أبياتا . فقال: قل . فأنشأ يقول: [ ص: 166 ]


عجبت لحراقة ابن الحسين كيف تعوم ولا تغرق     وبحران من تحتها واحد
وآخر من فوقها مطبق     وأعجب من ذاك عيدانها
وقد مسها كيف لا تورق

فقال: أعطوه ثلاثة آلاف دينار . وقال: زدنا حتى نزيدك . فقال: حسبي .

أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: حدثنا أبو القاسم علان الوزان قال: حدثني أبو الحسن الجاماسي قال: قال رجل بخراسان : قال لي صديق لي: رأيت رجلا بمرو في يوم جمعة بحال [سيئة] ، ثم رأيته في الجمعة الأخرى على برذون ، فقلت له: ما الخبر؟ فقال: أنا على باب طاهر بن الحسين منذ ثلاث سنين ألتمس الوصول إليه فيتعذر علي ذلك حتى قال لي بعض أصحابه يوما: إن الأمير [قد] يركب اليوم في الميدان يلعب بالصوالجة . فقلت: اليوم أصل إليه . فصرت إلى الميدان [فرأيت الوصول إليه متعذرا ، وإذا فرجة في بستان ، فالتمست الوصول إلى الميدان] فلما سمعت الحركة وصوت الصوالجة ألقيت نفسي من الثلمة ، فنظر إلي فقال: من أنت؟ فقلت: أنا بالله وبك أيها الأمير ، إياك قصدت ، ومنك أطلب وقد قلت بيتي شعر فقال: هاتهما . وأقبل ميكال إلي فزجره عني ، فأنشدته:


أصبحت بين خصاصة وتجمل     والمرء بينهما يموت هزيلا
فامدد إلي يدا تعود بطنها     بذل النوال وظهرها التقبيلا

فأمر لي بعشرة آلاف درهم وقال: هذه ديتك ولو كان ميكال أدركك لقتلك ، وهذه عشرة آلاف لعيالك ، امض لشأنك ، ثم قال: سدوا هذه الثلمة ، لا يدخل إلينا منها أحد .

[ ص: 167 ] وقد ذكرنا أن المأمون كان إذا ذكر أخاه الأمين وما فعل به طاهر جرت دموعه ، وإن طاهرا [أعلم بذلك و] طلب البعد عن الخليفة واحتال لذلك فولاه خراسان ، فخرج ، فلما كان بعد مدة من مقدمه خراسان قطع الدعاء للمأمون على المنبر يوم الجمعة ، فقال له عون بن مجاشع صاحب البريد: ما دعوت في هذه الجمعة لأمير المؤمنين فقال [له]: سهو وقع ، فلا تكتب به ، ثم فعل ذلك في الجمعة الثانية والثالثة . فقال له عون : إن كتب التجارة لا تنقطع عن بغداد ، وإن اتصل هذا بأمير المؤمنين من غيرنا لم نأمن أن يكون ذلك سبب زوال نعمتي فقال: اكتب بما أحببت .

فكتب بالخبر إلى المأمون . فلما وصل كتابه دعا أحمد بن أبي خالد وقال له: إنه لم يذهب علي احتيالك في أمر طاهر وتمويهك له ، وأنا أعطي الله عهدا إن لم يشخص حتى توافيني به كما أخرجته من قبضتي ، وتصلح ما أفسدته علي من أمر ملكي ليدمين عقباك ، فشخص أحمد وجعل يتلوم في الطريق ويقول لأصحاب البريد: اكتبوا بأخبار عله أحدها ، فلما وصل إلى الري لقيته الأخبار بوفاة طاهر ، ولقيه ولده طلحة فقال له: لا تريني وجهك ، فإن أباك عرضني للغضب . قال: قد مضى لسبيله ، وأنا أحلف لك على الإخلاص . فكتب أحمد بالخبر ، فلما بلغت وفاته المأمون قال: لليدين وانعم: الحمد لله الذي قدمه وأخرنا .

وكان قد أخذته حمى وحرارة ، فوجدوه في فراشه ميتا . وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة بمرو .

أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني عبيد الله بن [ ص: 168 ] أبي الفتح قال: حدثنا محمد بن جعفر الأديب ، قال أخبرنا أبو القاسم السكوني قال: أنشدني جعفر بن الحسين لبعض المحدثين يرثي طاهر بن الحسين .


فلئن كان للمنية رهنا     إن أفعاله لرهن الحياة
ولقد أوجب الزكاة على قوم     وقد كان عيشهم بالزكاة

1150 - محمد بن أبي رجاء الخراساني .

من أصحاب أبي يوسف القاضي . ولي القضاء ببغداد أيام المأمون وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة .

1151 - محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى بن عبد الله ، أبو يحيى الأسدي . ويعرف بابن كناسة لقب أبيه عبد الله . ومحمد هو: ابن أخت إبراهيم بن أدهم .

وكان عالما بالشعر والعربية وأيام الناس ، ورد بغداد ، وحدث بها عن هشام بن عروة ، والأعمش وغيرهما .

روى عنه: أحمد بن حنبل وغيره . وقال يحيى وابن المديني : ابن كناسة ثقة .

أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن روح الهمداني قال: أخبرنا المعافى زكريا قال: أخبرنا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثنا محمد بن المرزبان قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: رأى رجل محمد بن كناسة يحمل بيده بطن شاة فقال له أعطني أحمله لك فقال: [ ص: 169 ]


لا ينقص الكامل من كماله     ما جر من نفع إلى عياله .

أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الأزهري قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم [بن شاذان قال: حدثنا إبراهيم بن محمد النحوي قال: حدثني الفضل الربيعي قال: حدثنا حماد بن إبراهيم] عن أبيه قال: أتيت محمد بن كناسة لأكتب عنه ، فكثر عليه أصحاب الحديث ، فضجر بهم وتجهمهم ، فلما انصرفوا عنه دنوت منه ، فهش إلي واستبشر بي ، وبسط وجهه ، فقلت له: لقد تعجبت من تفاوت حالتيك!؟ فقال لي: أضجرني هؤلاء بسوء أدبهم ، فلما جئتني أنت انبسطت إليك وقد حضرني في المعنى بيتان وهما:


في انقباض وحشمة فإذا     صادفت أهل الوقار والكرم
أرسلت نفسي على سجيتها     وقلت ما قلت غير محتشم

فقلت: لوددت أن هذين البيتين لي بنصف ما أملك فقال: قد وفر الله عليك مالك ، ما سمعهما أحد ولا قلتهما إلا الساعة . فقلت له: كيف لي بعلم نفسي أنهما ليسا لي .

أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان ، أخبرنا جعفر الخلدي ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: توفي محمد بن كناسة سنة سبع ومائتين . وقال ابن قانع : سنة تسع . والأول أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية