صفحة جزء
1152 - محمد بن عمر بن واقد ، أبو عبد الله الواقدي المديني .

[ ص: 170 ] ولد سنة ثلاثين ومائة . وسمع ابن أبي ذئب ، ومعمر بن راشد ، ومالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، وخلقا كثيرا .

وقدم بغداد وولي قضاء الجانب الشرقي ، وله الكتب المصنفة في المغازي ، والسيرة ، والأحداث ، والحديث ، والفقه . وكان كريما .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ ، أخبرنا الدارقطني ، أخبرنا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو عكرمة الضبي ، قال: حدثنا يحيى بن محمد العنبري ، قال: قال الواقدي كنت حناطا بالمدينة في يدي مائة ألف درهم للناس أضارب بها ، فتلفت [الدراهم] في يدي ، فشخصت إلى العراق ، فقصدت يحيى بن خالد ، فجلست في دهليزه ، وآنست بالخدم والحجاب ، وسألتهم أن يوصلوني إليه ، فقالوا: إذا قدم الطعام إليه لم يحجب عنه أحد ، ونحن ندخلك عليه ذلك الوقت .

فلما حضر طعامه أدخلوني فأجلسوني معه على المائدة ، فسألني: من أنت ، وما قصتك؟ فأخبرته ، فلما رفع الطعام وغسلنا أيدينا دنوت منه لأقبل رأسه ، فاشمأز من ذلك ، ، فلما صرت إلى الموضع الذي يركب منه لحقني خادم معه كيس فيه ألف دينار فقال: الوزير يقرأ عليك السلام ويقول لك: استعن بها على أمرك ، وعد إلينا في غد . فأخذته وعدت في اليوم الثاني ، فجلست معه على المائدة ، فأنشأ يسألني كما سألني في اليوم الأول ، فلما رفع الطعام دنوت منه لأقبل رأسه ، فاشمأز [ ص: 171 ] مني ، فلما صرت إلى الموضع الذي يركب منه لحقني الخادم [و] معه كيس فيه ألف دينار ، فقال: الوزير يقرأ عليك السلام ويقول لك: استعن بهذا على أمرك وعد إلينا في غد فأخذته وانصرفت ، وعدت إليه في اليوم الثالث ، فأعطيت مثلما أعطيت في اليوم الأول والثاني .

فلما كان في اليوم الرابع أعطيت الكيس [كما أعطيت قبل ذلك] وتركني بعد ذلك أقبل رأسه وقال: منعتك ذلك لأنه لم يكن وصل إليك من معروفي ما يوجب هذا ، والآن قد لحقك بعض النفع مني ، يا غلام ، أعطه الدار الفلانية ، [يا غلام] ، [افرشها] الفرش الفلاني ، يا غلام ، أعطه مائتي ألف درهم يقضي دينه بمائة ألف ، ويصلح شأنه بمائة ألف . ثم قال لي: الزمني وكن في داري . فقلت: أعز الله الوزير ، لو أذنت لي بالشخوص إلى المدينة لأقضي للناس أموالهم ثم أعود إلى حضرتك كان ذلك أرفق بي . فقال: قد فعلت . وأمر بتجهيزي ، فشخصت إلى المدينة ، فقضيت ديني ، ثم رجعت إليه ، فلم أزل في ناحيته .

قال أبو عكرمة : وأخبرنا سليمان بن أبي شيخ قال: أخبرنا الواقدي قال: ضقت مرة وأنا مع يحيى بن خالد ، وجاء عيد ، وجاءتني الجارية فقالت لي: قد حضر العيد وليس عندنا من آلته شيء ، فمضيت إلى صديق لي من التجار ، فعرفته حاجتي إلى القرض ، فأخرج لي كيسا مختوما فيه ألف ومائتا درهم ، فأخذته وانصرفت إلى منزلي ، فلما استقررت فيه جاءني صديق لي هاشمي ، وشكا إلي تأخر غلته وحاجته إلى القرض ، فدخلت إلى زوجتي فأخبرتها فقالت: على أي شيء عزمت؟ قلت: على أن أقاسمه الكيس . قالت: ما صنعت شيئا أتيت رجلا سوقة فأعطاك ألفا ومائتي درهم ، وجاءك [ ص: 172 ] رجل له من رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم ماسة تعطيه نصف ما أعطاك السوقة ، ما هذا شيئا ، أعطه الكيس كله [فأخرجت الكيس كله] فدفعته إليه ومضى صديقي التاجر إلى الهاشمي وكان صديقا له ، فسأله القرض ، فأخرج الهاشمي إليه الكيس ، فلما رأى خاتمه عرفه وانصرف إلي فأخبرني بالأمر ، وجاءني رسول يحيى بن خالد فركبت إليه فأخبرته خبر الكيس ، فقال: يا غلام ، هات تلك الدنانير ، فجاءه بعشرة آلاف دينار . فقال: خذ ألفي دينار لك ، وألفين لصديقك التاجر ، وألفين للهاشمي ، وأربعة آلاف لزوجتك فإنها أكرمكم . وقال الواقدي : صار إلي من السلطان ستمائة ألف درهم ما وجبت [علي] فيها زكاة .

قال عباس الدوري : ومات الواقدي وما له كفن ، فبعث المأمون بأكفانه .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن جعفر الرافعي قال: أخبرنا القاضي أبو بكر بن كامل قال: حدثني محمد بن موسى الترمذي قال: قال المأمون للواقدي : أريد أن تصلي الجمعة غدا بالناس . قال: فامتنع فقال: لا بد من ذلك . فقال: والله يا أمير المؤمنين ما أحفظ سورة الجمعة . قال: فأنا أحفظك قال: فافعل فأقبل المأمون يلقنه سورة الجمعة حتى بلغ النصف منها ، فإذا حفظ ابتدأ بالنصف الثاني ، فإذا حفظ النصف الثاني نسي الأول ، فتعب المأمون ونعس ، فقال لعلي بن صالح : يا علي حفظه أنت . قال: [علي] ففعلت ، ونام المأمون ، فجعلت أحفظه النصف الأول [فيحفظه فإذا حفظته الثاني نسي [ ص: 173 ] الأول] ، فاستيقظ المأمون ، فقال لي: ما فعلت؟ فأخبرته فقال: هذا رجل يحفظ التأويل ولا يحفظ التنزيل ، اذهب فصل بهم واقرأ أي سورة شئت .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن دوست ، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد قال: أخبرنا أبو زيد عبد الرحمن بن حاتم المرادي قال: حدثنا هارون بن عبد الله الزهري القاضي قال: كتب الواقدي رقعة إلى المأمون يذكر فيها غلبة الدين وغمه بذلك ، فوقع المأمون على ظهرها: فيك خلتان: السخاء والحياء ، فأما السخاء فهو الذي أطلق ما ملكت ، وأما الحياء فهو الذي منعك من إطلاعنا على ما أنت عليه ، وقد أمرنا لك بكذا وكذا ، فإن كنا أصبنا إرادتك في بسط يدك ، فإن خزائن الله مفتوحة ، وأنت كنت حدثتني وأنت على قضاء الرشيد عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للزبير : "يا زبير ، إن باب الرزق مفتوح بباب العرش ، ينزل الله عز وجل إلى العباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم ، فمن قلل قلل له ، ومن كثر كثر له" . قال الواقدي : وكنت قد أنسيت الحديث ، فكان تذكيره إياي أحب إلي من جائزته . قال هارون القاضي : بلغني أن الجائزة كانت مائة ألف وكان الحديث أحب إليه من المائة ألف .

أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الحسن بن أبي طالب ، أخبرنا محمد بن العباس ، حدثنا أبو الحسين بن المغيرة قال: [ ص: 174 ] حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد الضبعي قال: حدثني إسماعيل بن مجمع قال: سمعت الواقدي يقول: ما أدركت رجلا من أبناء الصحابة وأبناء الشهداء ولا مولى لهم إلا سألته: هل سمعت أحدا من أهلك يخبرك عن مشهده وأين قتل ، فإذا أعلمني مضيت إلى الموضع حتى أعاينه ولقد مضيت إلى المريسيع ، فنظرت إليها ، وما علمت غزاة إلا مضيت إلى الموضع أعاينه .

قال الضبعي : وحدثني محمد بن خلاد قال: سمعت محمد بن سلام الجمحي يقول: محمد بن عمر الواقدي عالم دهره .

وقال يعقوب بن شيبة : انتقل الواقدي فحمل كتبه على عشرين ومائة وقر .

وقال غيره: كان له ستمائة قمطر كتب ، وكان الواقدي يقول: حفظي أكثر من كتبي .

وقال: الدراوردي : ذاك أمير المؤمنين [في] الحديث .

وقال مصعب الزبيري : هو ثقة مأمون ، والله ما رأينا مثله قط . [ ص: 175 ] وكذلك قال يزيد بن هارون : الواقدي ثقة . وكذلك قال [أبو] عبيد . وقال مجاهد بن موسى : ما كتبت عن أحد قط أحفظ منه . وقال عباس العنبري : الواقدي أحب إلي من عبد الرزاق كان إبراهيم الحربي معجبا به ، يقول: الواقدي آمن الناس على أهل الإسلام ، وأعلم الناس بأمر الإسلام [وفقه أبو عبيد من كتب الواقدي ] ، ومن قال إن مسائل مالك وابن أبي ذئب تؤخذ عمن هو أوثق من الواقدي فلا يصدق .

قال المصنف رحمه الله: وقد قدح فيه جماعة .

كان علي بن المديني يقول: الواقدي ضعيف ، لا يروى عنه .

وقال يحيى بن معين : ليس بشيء ، ولا نكتب حديثه .

وقال أحمد بن حنبل : هو كذاب ، جعلت كتبه ظهائر للكتب منذ حين .

وقال الشافعي : كتب الواقدي كذب .

وقال بندار : ما رأيت أكذب شفتين من الواقدي .

وقال البخاري والنسائي : هو متروك الحديث .

وقال أبو زرعة : ترك الناس حديثه .

وقد ذكر إبراهيم الحربي : سبب طعن أحمد فيه واعتذر عنه .

فأخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] الحافظ [ ص: 176 ] قال: أخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي ، حدثنا عبيد الله بن محمد بن حمدان ، حدثنا محمد بن أيوب قال: قال إبراهيم [الحربي] : سمعت أحمد ذكر الواقدي فقال: ليس أنكر عليه شيئا إلا جمعه الأسانيد ومجيئه بمتن واحد على سياقة واحدة عن جماعة ، وربما اختلفوا .

قال إبراهيم : [ولم؟] وقد فعل هذا ابن إسحاق ، والزهري وحماد بن سلمة ؟

قال المصنف: لو كانت المحنة جمع الأسانيد لقرب الأمر ، فإن الزهري [قد جمع] رجالا في حديث الإفك محمول على اختلاف اللفظ دون المعنى ، وليس هذا يقع في كل ما يجمع [عليه] ، وإنما نقموا عليه ما هو أشد من هذا .

فروى إسحاق الكوسج عن أحمد أنه قال: الواقدي يقلب الأحاديث كأنه يجعل ما لمعمر لابن أخي الزهري ، [ وما لابن أخي الزهري ] لمعمر .

وقال إسحاق بن راهويه : كان يفعل هذا ، وكان ممن يضع الحديث .

وقال اللاحي : الواقدي متهم .

توفي الواقدي ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة [ليلة] خلت من ذي الحجة من هذه السنة ، ودفن في مقابر الخيزران وهو ابن ثمان وسبعين سنة .

1153 - المظفر بن مدرك ، أبو كامل الخراساني الأصل .

سمع حماد بن سلمة . وروى عنه أحمد بن حنبل . [ ص: 177 ]

وقال يحيى : كنت آخذ منه صنعة الحديث ومعرفة الرجال ، وكان ثقة .

توفي في هذه السنة

1154 - [الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن ، أبو عبد الرحمن الطائي .

حدث عن هشام بن عروة ، وابن إسحاق ، وشعبة ، وغيرهم . وكان أحسن الناس وجها ، وأنظفهم ثوبا ، وأطيبهم ريحا] فوجد له مائتا قميص ، ومائتا طيلسان ، ومائة [رداء] ، وخمسين عمامة ، ومائة سروال .

[ولم يكن عند المحدثين بثقة ، وتوفي في هذه السنة ] وقيل : في سنة ست .

1155 - هشام بن القاسم ، أبو النصر الكتاني .

خراساني الأصل ، سمع شعبة ، وليث بن سعد .

روى عنه : أحمد بن حنبل . وقيل : كان من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر .

وقال يحيى : كان ثقة .

توفي في هذه السنة ، ودفن في مقابر عبد الله بن مالك بالجانب الشرقي .

1156 - يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور ، أبو زكريا الفراء ، مولى بني أسد .

من أهل الكوفة . حدث عن قيس بن الربيع ، ومندل بن علي ، والكسائي ، وأبي [ ص: 178 ] بكر بن عياش ، وسفيان بن عيينة وكان ثقة إماما .

قال ثعلب : لولا الفراء ما كانت عربية ، لأنه خلصها وضبطها .

أخبرنا أبو منصور القزاز قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي قال : أخبرنا محمد بن جعفر بن محمد بن هارون التميمي ، حدثنا الحسن بن داود ، حدثنا أبو جعفر عقدة ، أخبرنا أبو بديل الوضاحي قال : أمر أمير المؤمنين المأمون الفراء أن يؤلف ما جمع به أصول النحو وما سمع من العرب ، وأمر أن يفرد في حجرة من حجر الدار ، ووكل به جواري وخدما يقمن بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ، ولا تتشوق نفسه إلى شيء حتى أنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة ، وصير له الوراقين ، وألزمه الأمناء والمنفقين ، فكان يملي والوراقون يكتبون ، حتى صنف الحدود في سنين ، وأمر المأمون بكتبه في الخزائن ، فبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس .

وابتدأ يملي كتاب "المعاني" وكان وراقاه : سلمة وأبا نصر . قال : فأردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا لإملاء كتاب "المعاني" فلم يضبط . قال : فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضيا ، فلم يزل يمليه حتى أتمه ، وله كتابان في المشكل ، أحدهما أكبر من الآخر ، قال : فلما فرغ من إملاء كتاب "المعاني" خزنه الوراقون عن الناس ليكسبوا به ، وقالوا : لا نخرجه إلى أحد إلا من أراد أن ننسخه له على خمس أوراق بدرهم فشكى الناس [ذلك] إلى الفراء ، [فدعا الوراقين] فقال لهم في ذلك ، فقالوا : إنما صحبناك لننتفع بك وكل ما صنفته فليس بالناس إليه من الحاجة ما بهم إلى هذا الكتاب ، فدعنا نعيش به . فقال : فقاربوهم تنتفعوا وتنتفعوا ، فأبوا عليه ، فقال : سأريكم .

وقال للناس : إني ممل كتاب معان أتم شرحا وأبسط قولا من الذي أمليت . فجلس يملي ، فأملى الحمد في مائة ورقة ، فجاء الوراقون إليه فقالوا : نحن نبلغ للناس ما يحبون ، [ ص: 179 ] فنسخوا كل عشرة أوراق بدرهم . قال : وكان المأمون قد وكل الفراء يلقن ابنيه النحو ، فلما كان يوما أراد الفراء أن ينهض إلى بعض حوائجه ، فابتدرا إلى نعل الفراء يقدمانه له ، فتنازعا أيهما يقدمه ، ثم اصطلحا [على] أن يقدم كل واحد منهما فردا ، فقدماها .

وكان المأمون له على كل شيء صاحب خبر ، فرفع ذلك إليه في الخبر ، فوجه إلى الفراء فاستدعاه ، فلما دخل عليه قال له : من أعز الناس؟ قال : ما أعرف أعز من أمير المؤمنين قال : بلى ، من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين ، حتى رضي كل واحد منهما أن يقدم فردا . قال : يا أمير المؤمنين ، لقد أردت منعهما من ذلك ، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها ، أو أكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها . وقد يروى عن ابن عباس أنه أمسك للحسن والحسين ركابيهما حين خرجا من عنده ، فقال له بعض من حضر : أتمسك لهذين الحدثين ركابيهما وأنت أشرف منهما؟ قال له : اسكت يا جاهل ، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل ، [وأنا ذو فضل] فقال له المأمون : لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوما وعتبا ، وألزمتك ذنبا ، وما وضع ما فعلاه من شرفهما ، بل رفع من قدرهما وبين عن جوهرهما ، ولقد تبينت لي مخيلة الفراسة بفعلهما ، فليس يكبر الرجل وإن كان كبيرا [عن ثلاث] : عن تواضعه لسلطانه ، ولوالده ، ولمعلمه العلم ، ولقد عوضتهما عما فعلاه عشرين ألف دينار ، ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرنا الأزهري قال : أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، [ ص: 180 ] حدثنا بيان بن يعقوب الرقومي قال : سمعت عبد الله بن الوليد صعودا يقول : كان محمد بن الحسن الفقيه ابن خالة الفراء ، وكان الفراء يوما عنده جالسا ، فقال الفراء : قل رجل أمعن النظر في باب من العلم فأراد غيره إلا سهل عليه ، فقال له محمد : يا أبا زكريا ، فأنت الآن قد أمعنت النظر في العربية فنسألك عن باب من الفقه؟ قال : هات على بركة الله . قال : ما تقول في رجل صلى وسها فسجد سجدتي السهو فسها فيهما؟ ففكر الفراء ساعة ، ثم قال : لا شيء عليه قال له محمد : ولم؟ [قال : ] لأن التصغير عندنا لا تصغير له [وإنما السجدتان إتمام الصلاة فليس للتمام تمام] . فقال محمد : ما ظننت أن آدميا يلد مثلك .

توفي الفراء ببغداد في هذه السنة . وقد بلغ ثلاثا وستين سنة . وقيل : مات في طريق مكة .

التالي السابق


الخدمات العلمية