صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1234 - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم ، أبو إسحاق المعروف بابن علية .

كان أحد المتكلمين القائلين بخلق القرآن .

أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر [أحمد بن علي] بن ثابت [قال: أخبرنا عمر بن إبراهيم ، ومحمد بن عبد الملك قالا: أخبرنا عياش بن الحسن ، حدثنا الزعفراني قال: أخبرني زكريا بن يحيى قال: أخبرني شباب بن درست قال:

سمعت] يعقوب بن سفيان الفارسي يقول: خرج إبراهيم بن إسماعيل بن علية ليلة من مسجد مصر وقد صلى العتمة وهو في زقاق القناديل ومعه رجل ، فقال له الرجل: إني [ ص: 31 ] قرأت البارحة سورة الأنعام ، فرأيت بعضها ينقض بعضا . فقال له إبراهيم بن إسماعيل ما لم تر أكثر .

توفي إبراهيم ببغداد ليلة عرفة من هذه السنة بمصر ، وهو ابن سبع وستين سنة .

1235 - إبراهيم بن أبي زرعة وهب الله ، ابن راشد المؤذن ، يكنى أبا إسحاق .

كان إمام مسجد الجامع بالفسطاط ، توفي في هذه السنة .

1236 - بشر بن آدم ، أبو عبد الله الضرير .

ولد سنة خمسين ومائة ، سمع أبا عبد الله حماد بن سلمة ، وغيره روى عنه:

ابن راهويه ، والدوري ، والحربي . وقال أبو حاتم الرازي: هو صدوق .

وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة .

1237 - بشر بن غياث بن أبي كريمة ، أبو عبد الرحمن [المعروف] بالمريسي .

[كان شيخا فقيرا فقيها ، دميم المنظر ، وسخ الثياب ، يشبه اليهود] كان يسكن في الدرب المعروف به ، ويسمى درب المريسي ، وهو بين نهر الدجاج ونهر البزازين ، سمع الفقه من أبي يوسف القاضي ، إلا أنه اشتغل بالكلام ، وجرد القول بخلق القرآن . وقد روى من الحديث شيئا يسيرا عن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة . [ ص: 32 ]

وكان أبو زرعة [الرازي] يقول: بشر بن غياث زنديق . وقال يزيد بن هارون: هو كافر حلال الدم يقتل .

أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد القزاز] قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا حمد بن أحمد بن أبي طاهر ، أخبرنا أبو بكر النجاد ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال : حدثني محمد بن نوح ، قال:

سمعت هارون أمير المؤمنين يقول: بلغني أن بشرا المريسي يزعم أن القرآن مخلوق ، لله علي إن أظفرني به لأقتلنه قتلة ما قتلها أحد قط .

أخبرنا [أبو] منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر [أحمد] بن علي قال:

أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن صالح يقول: سمعت [أبا سليمان داود بن الحسين يقول: سمعت] إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: دخل حميد الطوسي على أمير المؤمنين وعنده بشر المريسي ، فقال حميد: يا أمير المؤمنين ، هذا سيد الفقهاء ، هذا [قد] رفع عذاب القبر ومسألة منكر ونكير ، والميزان ، والصراط ، [انظر هل يقدر أن يرفع الموت؟] ثم نظر إلى بشر ، وقال: لو رفعت الموت كنت سيد الفقهاء حقا . [ ص: 33 ]

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي [بن ثابت قال:] أخبرني الحسن بن محمد الخلال قال: حدثنا محمد بن العباس الخزاز قال:

أخبرنا الحسين بن علي بن الحسين الأسدي ، حدثنا الفضل بن يوسف بن يعقوب بن القصباني ، حدثنا محمد بن يوسف العباسي قال: وحدثني محمد بن علي بن ظبيان القاضي قال: قال لي بشر المريسي: القول في القرآن قول من خالفني أنه غير مخلوق .

قلت: فارجع عنه ، قال: أرجع عنه وقد قلته منذ أربعين سنة ، ووضعت فيه الكتب ، واحتججت فيه بالحجج .

أخبرنا أبو منصور [عبد الرحمن] القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا محمد بن عبد الملك القرشي قال: أخبرنا عباس بن الحسن البندار حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: أخبرني زكريا بن يحيى ، حدثنا محمد بن إسماعيل قال: سمعت الحسين بن علي الكرابيسي قال: جاءت أم بشر المريسي إلى الشافعي رضي الله عنه فقالت: يا أبا عبد الله ، أرى ابني يهابك ويحبك ، وإذا ذكرت عنده أجلك ، فلو نهيته عن هذا الرأي الذي هو فيه ، فقد عاداه الناس عليه ، ويتكلم في شيء يواليه الناس ويحبونه؟ فقال لها الشافعي: أفعل . فشهدت الشافعي وقد دخل عليه بشر ، فقال له الشافعي: أخبرني عما تدعو إليه أكتاب ناطق أم فرض مفترض ، أم سنة قائمة ، أم وجوب عن السلف البحث فيه والسؤال عنه؟ فقال بشر: ليس فيه كتاب ناطق ، ولا فرض مفترض ، ولا سنة قائمة ، ولا وجوب عن السلف البحث فيه والسؤال عنه ، إلا أنه لا يسعنا خلافه . فقال الشافعي: أقررت على نفسك بالخطأ ، فأين أنت عن الكلام في الفقه والأخبار ، يواليك الناس عليه وتترك هذا؟ قال: لنا نهمة فيه ، فلما خرج بشر ، قال الشافعي: لا يفلح .

[أخبرنا القزاز ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا الحسن بن محمد [ ص: 34 ] الخلال ، حدثنا يوسف بن عمر القواس ، حدثنا أحمد بن عيسى بن السكين قال:

سمعت أبا يعقوب إسحاق بن إبراهيم يقول: مررت في الطريق ، فإذا بشر المريسي والناس عليه مجتمعون ، فمر يهودي ، فأنا سمعته يقول: لا يفسد عليكم كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة . يعني: أن أباه يهوديا] .

توفي بشر في ذي الحجة من هذه السنة . وقيل: في سنة تسع عشرة ، وكان الصبيان يتعادون بين يدي الجنازة ويقولون: من يكتب إلى مالك؟ من يكتب إلى مالك ؟

أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثنا القاضي أبو محمد بن الحسن بن الحسين بن رامين ، حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الجرجاني ، أخبرنا عمران بن موسى ، أخبرنا الحسن بن محمد بن الأزهر قال:

سمعت عثمان بن سعيد الرازي قال: حدثنا الثقة من أصحابنا قال: لما مات بشر المريسي لم يشهد جنازته من أهل العلم السنة أحد إلا عبيد الشونيزي ، فلما رجع من جنازة المريسي لاموه ، فقال: أنظروني حتى أخبركم: ما شهدت جنازة رجوت فيها من الأجر ما رجوت في هذه ، قمت في الصف ، فقلت: اللهم إن عبدك هذا كان لا يؤمن [برؤيتك في الآخرة ، اللهم فاحجبه عن النظر إلى وجهك يوم ينظر إليك المؤمنون ، اللهم عبدك هذا كان لا يؤمن] بعذاب القبر ، اللهم فعذبه اليوم في قبره عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين . اللهم عبدك هذا كان ينكر [الميزان ، اللهم فخفف ميزانه يوم القيامة ، اللهم عبدك هذا كان ينكر] الشفاعة اللهم ولا تشفع فيه أحدا من خلقك يوم القيامة ، قال: فسكتوا عنه وضحكوا . [ ص: 35 ]

أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا علي بن محمد المعدل ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا الحسن بن عمرو المروزي قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: جاء موت هذا الذي يقال له المريسي وأنا في السوق ، فلولا أنه كان موضع شهرة لكان موضع شكر وسجود ، والحمد لله الذي أماته هكذا .

أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي [قال: أخبرنا] الحسين بن علي الطناجيري حدثنا محمد بن علي بن سويد ، حدثنا عثمان بن إسماعيل السكري قال: سمعت أبي يقول سمعت أحمد [بن الدورقي] يقول: مات رجل من جيراننا شاب فرأيته في النوم وقد شاب ، فقلت له: ما قصتك؟ قال: دفن بشر في مقبرتنا ، فزفرت جهنم زفرة شاب منها كل من في المقبرة .

وقد ذكرنا في أخبار زبيدة مثله .

1238 - عبد الله أمير المؤمنين المأمون بن الرشيد .

كان سبب مرضه أنه أكل رطبا فحم ، وكان سبب وفاته ، وصار به مادة في حلقه ، وكانت كلما بلغت فتحت فبطت قبل أن تبلغ وقت تمامها فمات .

كان في وصيته: أنه لا إله إلا الله ، وإني مقر مذنب ، أرجو وأخاف ، ثم انظروا ما كنت فيه من عز الخلافة هل أغنى ذلك شيئا؛ إذ جاء أمر الله [لا والله ، ولكن أضعف علي به الحساب ، فيا ليت عبد الله بن هارون لم يكن بشرا ، بل ليته لم يكن خلقا!] يا [ ص: 36 ] أبا إسحاق ، ادن مني ، واتعظ بما ترى ، وخذ بسيرة أخيك في القرآن ، واعمل في الخلافة إذا طوقكها الله عمل المريد لله الخائف من عقابه ولا تغتر بالله وبمهلته ، فكان قد نزل بك الموت ولا تغفل عن أمر الرعية .

فلما اشتد الأمر به دعا أبا إسحاق فقال: يا أبا إسحاق ، عليك عهد الله وميثاقه ، وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، لتعملن بحق الله في عباده ، ولتؤثرن طاعة الله على معصيته . قال:

نعم ، قال: فأقر عبد الله بن طاهر على عمله ، وإسحاق بن إبراهيم ، فأشركه في ذلك ، فإنه أهل [له] . وأهل بيتك ، فالطف بهم ، وبنو عمك من ولد علي بن أبي طالب ، فأحسن صحبتهم ، ولا تغفل عن صلتهم .

وتوفي في يوم الخميس وقت الظهر ، على نهر البدندون لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب [بعد العصر] من هذه السنة .

فلما توفي صلى عليه أبو إسحاق المعتصم ، وحمله ابنه العباس وأخوه محمد بن الرشيد إلى طرسوس ، فدفناه في دار كانت لخاقان خادم الرشيد ، وكان عمره سبعا وأربعين سنة ، وقيل: ثمان وأربعين سنة ، وكانت خلافته عشرين سنة ، وخمسة أشهر وثلاثة وعشرين يوما ، وكان له ثمان عشر ذكرا ، وتسع بنات .

واستأذنت المعتصم حظية كانت للمأمون اسمها تزيف أن تزور قبره ، فأذن لها فضربت فسطاطا وجعلت تبكي وتنوح بشعر لها وهو:


يا ملكا لست بناسيه نعى إلي العيش ناعيه     والله ما كنت أرى أنني
أقوم في الباكين أبكيه     والله لو يقبل فيه الفداء
لكنت بالمهجة أفديه [ ص: 37 ]     عاذلتي في جزعي أقصري
قد علق الدهر بما فيه

فما بقي أحد في العسكر إلا بكى .

1239 - عبد الملك بن هشام بن أيوب ، أبو محمد الذهلي البصري النحوي .

يروي مغازي ابن إسحاق ، عن زياد بن عبد الله البكائي عنه ، وكان ثقة .

توفي بمصر في ربيع الآخر من هذه السنة .

1240 - عبد الأعلى بن مسهر ، أبو مسهر الدمشقي الغساني .

ولد سنة أربعين ومائة ، وسمع مالك بن أنس وغيره ، وكان ثقة ، عالما بالمغازي وأيام الناس ، حمله المأمون إلى بغداد أيام المحنة .

قال أبو داود السجستاني: رحم الله أبا مسهر ، لقد كان من الإسلام بمكان ، حمل على المحنة ، وحمل على السيف ، فمد رأسه وجرد السيف ، فأبى أن يجيب ، فلما رأوا ذلك حمله إلى السجن ، وسمعت أحمد بن حنبل يقول: رحم الله أبا مسهر؛ لقد كان من الإسلام بمكان ، ما كان أثبته .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثني الأزهري ، حدثنا محمد بن العباس ، أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب أخبرنا الحسين بن الفهم ، حدثنا محمد بن سعد قال: شخص أبو مسهر من دمشق إلى عبد الله بن [ ص: 38 ] هارون وهو بالرقة ، فسأله عن القرآن فقال: كلام الله ، وأبى أن يقول مخلوق ، فدعي له بالسيف والنطع ليضرب عنقه ، فلما رأى ذلك قال: مخلوق ، فتركه من القتل وقال: أما إنك لو قلت ذلك قبل أن أدعو لك بالسيف لقبلت منك ورددتك إلى بلادك وأهلك ، ولكنك تخرج [الآن] فتقول: قلت ذلك فرقا من القتل ، أشخصوه إلى بغداد ، فاحبسوه بها حتى يموت . فأشخص من الرقة إلى بغداد في شهر ربيع الآخر من سنة ثمان عشرة ومائتين ، فحبس فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات في غرة رجب سنة ثماني عشرة .

قال المصنف: ودفن بباب التين ، وهو ابن تسع وسبعين سنة .

1241 - علي الجرجرائي .

كان ينزل جبل لبنان .

أخبرنا محمد بن أبي القاسم قال: أخبرنا رزق الله بن عبد الوهاب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: سمعت عبد الواحد بن علي يقول سمعت القاسم بن القاسم يقول: بلغني أن بشرا الحافي يقول: لقيت [عليا] الجرجرائي بجبل لبنان على عين ماء ، قال فلما أبصرني قال: بذنب مني لقيت اليوم إنسيا ، فعدوت خلفه ، وقلت:

أوصني ، فالتفت إلي وقال: أمستوص أنت؟ عانق الفقر ، وعاشر الصبر ، وعاد الهوى ، وعاف الشهوات ، واجعل بيتك أخلى من لحدك يوم تنقل إليه على هذا طاب المسير إلى الله عز وجل . [ ص: 39 ]

1242 - محمد بن أبي الخصيب الأنطاكي .

سمع مالك بن أنس ، وابن لهيعة ، وغيرهما . روى عنه: عباس الدوري ، وإبراهيم الحربي ، وغيرهما . وكان ثقة .

وتوفي في بغداد في هذه السنة .

1243 - محمد بن نوح بن ميمون بن عبد الحميد [العجلي] .

كان أحد المشتهرين بالسنة والدين والثقة . وكان المأمون قد كتب وهو بالرقة إلى إسحاق بن إبراهيم صاحب الشرطة أن يحمل [أحمد] بن حنبل و [محمد] بن نوح إليه بسبب المحنة ، فأخرجا من بغداد على بعير متزاملين ، فمرض محمد بن نوح في طريقه ، ومات في هذه السنة .

فأخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا ابن رزق أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: ما رأيت أحدا على حداثة سنه وقلة علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح ، وإني لأرجو أن يكون الله قد ختم له بخير ، قال لي ذات يوم وأنا معه جلوس: يا أبا عبد الله إنك لست مثلي أنت رجل يقتدى بك ، وقد مد هذا الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك ، فاتق الله ، واثبت لأمر الله . ونحو هذا ، فانظر هذا الكلام ، فعجبت منه من موعظته لي وتقويته إياي ، فصار في بعض الطريق فمات ، [ ص: 40 ] فصليت عليه ودفنته . أظنه قال: بعانة . فانظر بماذا ختم له .

1244 - معاوية بن عبد الله بن أبي يحيى الأسواني أبو سفيان مولى بني أمية .

روى عن مالك ، والليث ، وابن لهيعة ، وكان ثقة ، وكانت القضاة تقبله .

توفي في هذه السنة . [ ص: 41 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية