صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1353 - إسماعيل بن عيسى العطار .

سمع إسماعيل بن زكريا الخلقاني ، والمسيب بن شريك ، وغيرهما ، وروى عن [ ص: 183 ] أبي حذيفة إسحاق بن بشر كتاب "المبتدأ" و "الفتوح" ، وكان ثقة .

توفي في رمضان هذه السنة .

1354 - الحكم بن موسى بن أبي زهير ، أبو صالح القنطري .

نسائي الأصل ، رأى مالك بن أنس ، وسمع من [إسماعيل ] بن عياش ، وابن المبارك ، روى عنه : أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، وابن أبي الدنيا ، والبغوي قال يحيى : هو ثقة . وقال ابن المديني : الشيخ الصالح .

توفي في شوال هذه السنة .

1355 - عبد الله بن عون الخراز .

سمع مالك بن أنس ، وشريك بن عبد الله ، وإبراهيم بن سعيد وغيرهم ، روى عنه ، خلق كثير منهم البغوي ، وكان ثقة .

قال البغوي : حدثنا عبد الله بن عون قال - وكان من الأبدال .

توفي في هذه السنة .

1356 - عبد الرحمن بن إسحاق بن إبراهيم بن سلمة ، الضبي مولاهم .

كان على رأي أبي حنيفة ، وتقلد القضاء [على الرقة ، ثم ولي القضاء ] بمدينة المنصور وبالشرقية ، كان جماعا للمال ، ثم عزل في صفر سنة ثمان وعشرين ومائتين ، وتوجه إلى مكة من سنة اثنتين وثلاثين ، فمات بفيد في ذي القعدة وبها دفن .

1357 - عيسى بن سالم الشاشي .

قدم بغداد ، وحدث بها عن ابن المبارك ، روى عنه : البغوي ، وكان ثقة . [ ص: 184 ]

وتوفي بطريق حلوان في هذه السنة ، [وكان من المحدثين الفقهاء ] .

1358 - عمر بن محمد بن بكير ، أبو عثمان الناقد .

(8 ب سمع سفيان بن عيينة ، وهشيما ، وروى عنه : البغوي ، وكان من المحدثين الفقهاء الحفاظ ، وقال أحمد بن حنبل : هو يتحرى الصدق .

توفي في ذي الحجة من هذه السنة .

1359 - مغيرة بن عبد الله [بن المغيرة بن عبد الله ] الفزاري .

كان أمير مصر لمروان بن محمد الجعدي ، وكان حسن السيرة .

توفي في رمضان هذه السنة .

1360 - هارون بن عبد الله بن محمد بن كثير ، أبو يحيى الزهري .

قدم مصر واليا على القضاء سنة سبع عشرة ومائتين ، فأقام قاضيا ، ثم خرج إلى العراق ، فتوفي بسامراء في رمضان هذه السنة .

1361 - هارون الواثق بالله ابن المعتصم .

ولي الخلافة سنة سبع وعشرين ومائتين ، وتوفي في هذه السنة .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرنا [ ص: 185 ] أبو حاتم أحمد بن الحسين بن محمد الرازي في كتابه إلينا بخطه ، حدثنا محمد بن عبد الواحد بن محمد المعدل ، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي أبو الحسن الحافظ ، حدثنا الحسين بن عبد الله بن يحيى البرمكي ، أخبرنا زرقان بن أبي داود قال : لما احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين :


الموت فيه جميع الخلق مشترك لا سوقة منهم يبقى ولا ملك     ما ضر أهل قليل في تفاقرهم
وليس يغني عن الأملاك ما ملكوا

ثم أمر بالبسط فطويت ، وألصق خده بالأرض ، وجعل يقول : يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه .

أخبرنا عبد الرحمن ، أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت ] ، أخبرنا التنوخي قال :

أخبرنا أبي ، حدثني الحسين بن الحسن بن محمد الواثقي قال : حدثني أبي أحمد بن محمد أمير البصرة قال : حدثني أبي قال : كنت أحد من مرض الواثق في علته التي مات فيها ، فكنت قائما بين يدي الواثق أنا وجماعة من الأولياء والموالي والخدم ، إذ لحقته غشية ، فما شككنا أنه قد مات ، فقال بعضنا لبعض : تقدموا فاعرفوا خبره ، فما جسر أحد منا يتقدم ، فتقدمت أنا ، فلما صرت عند رأسه وأردت أن أضع يدي على أنفه أعتبر نفسه ، لحقته إفاقة ، ففتح عينيه ، فكدت أموت فرقا من أن يراني قد مشيت في مجلسه إلى غير رتبتي ، فتراجعت إلى خلف ، وتعلقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس ، وعثرت به ، فاتكأت عليه فاندق سيفي وكاد يدخل في لحمي ويجرحني ، فسلمت ثم خرجت ، فاستدعيت سيفا ومنطقة أخرى فلبستهما ، وجئت حتى وقفت في مرتبتي ساعة ، فتلف الواثق تلفا لم يشك جماعتنا فيه [أنه مات ] فتقدمت فشددت [ ص: 186 ] لحييه ، وغمضته ، وسجيته ، ووجهته إلى القبلة ، وجاء الفراشون فأخذوا ما تحته في المجلس ليردوه إلى الخزائن ، لأن جميعه مثبت عليهم ، وترك وحده في البيت ، وقال لي ابن أبي دؤاد القاضي : إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة ، ولا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت إلى أن يدفن ، فأحب أن تكون أنت ذلك الرجل ، وقد كنت [من ] أخصهم به في حياته ، وذلك أنه اختصني واصطنعني حتى لقبني الواثقي باسمه ، فحزنت عليه حزنا شديدا ، وقلت : دعوني وامضوا ، فرددت باب المجلس وجلست في الصحن عند الباب أحفظه ، وكان المجلس في بستان عظيم أجربة ، وهو بين بساتين ، فأحسست بعد ساعة في البيت بحركة أفزعتني ، فدخلت أنظر ما هي ، وإذا بجرذون من دواب البستان قد جاء حتى استل عين الواثق فأكلها فقلت : لا إله إلا الله ، هذه العين التي فتحها منذ ساعة فاندق سيفي لها هيبة صارت طعمة لدابة ضعيفة ! ! قال :

وجاءوا فغسلوه بعد ساعة ، فسألني ابن أبي دؤاد عن سبب عينه ، فأخبرته . قال :

والجرذون دابة أكبر من اليربوع [قليلا ] .

وقد روي في سبب موته خبر طريف :

أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي قال : أخبرنا عبد الله بن محمد الأنصاري ، حدثنا أبو يعقوب الحافظ ، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسن الرازي ، حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن معاوية الرازي ، حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : سمعت مسعر بن محمد بن وهب يحدث أبي عن المتوكل قال : كان الواثق يحب النساء وكثرة الجماع ، فوجه يوما إلى ميخائيل الطبيب ، فدعا به ، فدخل عليه وهو نائم في مشرفة له وعليه قطيفة خز ، فوقف بين يديه ، فقال :

يا ميخائيل ، أبغني دواء للباه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بدنك ، فلا تهده [بالجماع ] ، فإن كثرة الجماع تهد البدن ولا سيما إذا تكلف الرجل ذلك ، فاتق الله في بدنك وأبق [ ص: 187 ] عليك ، فليس لك من بدنك عوض ، فقال له : لا بد منه ، ثم رفع القطيفة عنه ، فإذا بين فخذيه وصيفة [قد ] ضمها إليه ، ذكر من جمالها وهيئتها أمرا عجيبا ، فقال : من يصبر عن مثل هذه ؟ قال : فإن كان ولا بد فعليك بلحم السبع ، وأمر أن يؤخذ لك منه رطل فيغلى سبع غليات بخل خمر عتيق ، فإذا جلست على شرابك أمرت أن يضرب لك منه ثلاثة دراهم فانتقلت به على شرابك في ثلاث ليال ، فإنك تجد فيه بغيتك ، واتق الله في نفسك ولا تسرف فيها ، ولا تجاوز ما أمرتك به . فلهى عنه أياما ، فبينا هو ذات ليلة جالس قال : علي بلحم السبع الساعة ، فأخرج له سبع من الجب وذبح من ساعته ، وأمر فكبب له منه ، ثم أمر فأغلي له منه بالخل ، ثم قدم له منه ، فأخذ يتنقل منه على شرابه ، وأتت عليه الأيام والليالي ، فسقى بطنه ، فجمع له الأطباء ، فأجمع رأيهم على أنه لا دواء له إلا أن يسجر تنور بحطب الزيتون ويسخن حتى يمتلئ جمرا ، فإذا امتلأ كسح ما في جوفه فألقي على ظهره ، وحشي جوفه بالرطبة ، ويقعد فيه ثلاث ساعات من النهار ، فإذا استسقى ماء لم يسق ، فإذا مضت ثلاث ساعات كوامل أخرج وأجلس جلسة مقتضبة على نحو ما أمروا به ، فإذا أصابه الروح وجد لذلك وجعا شديدا ، وطلب أن يرد إلى التنور [فترك على تلك الحال ، ولا يرد إلى تلك التنور ] ، حتى تمضي ساعات من النهار ، فإنه إذا مضت ساعات من النهار جرى ذلك الماء ، وخرج من مخارج البول وإن سقي ماء أو رد إلى التنور كان تلفه فيه ، فأمر بتنور فسجر بحطب الزيتون حتى امتلأ جمرا أخرج ما فيه وجعل على ظهره ، ثم حشي بالرطبة وعري وأجلس فيه ، فأقبل يصيح ويستغيث ويقول : أحرقتموني اسقوني ماء ، وقد وكل به من يمنعه الماء ولا يدعه أن يقوم من موضعه الذي أقعد فيه [ ، ولا يحرك ] فسقط بدنه كله ، وصار فيه مفاجآت مثل أكبر البطيخ وأعظمه ، فترك على حالته حتى مضت له ثلاث [ ص: 188 ] ساعات من النهار ، ثم أخرج وقد كاد يحترق ، أو يقول القائل في رأي العين قد احترق ، فأجلسه الأطباء ، فلما وجد روح الهواء اشتد به الوجع والألم ، وأقبل يصيح ويخور خوران الثور ، ويقول : ردوني إلى التنور ، فإني إن لم أرد مت ، فاجتمع نساؤه وخواصه لما رأوا [ما ] به من شدة الألم والوجع ، وكثرة الصياح ، فرجوا أن يكون فرجه في أن يرد إلى التنور ، [فردوه إلى التنور ] ، فلما وجد مس النار سكن صياحه وتقطرت النفاخات التي كانت خرجت ببدنه وخمدت ، وبرد في [جوف ] التنور فأخرج من التنور وقد احترق وصار أسود كالفحم ، فلم تمض ساعة حتى قضى .

توفي الواثق بسامراء يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة ، [وكانت ] خلافته خمس سنين وسبعة أشهر وخمسة أيام ، وقيل : خمس سنين وشهرين وأحد وعشرين يوما ، وصلى عليه جعفر . [ ص: 189 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية