ذكر 
من توفي في هذه السنة من الأكابر 
1436 - 
الإمام أحمد بن محمد بن حنبل ، أبو عبد الله الشيباني   . 
قدمت أمه 
بغداد  وهي حامل به ، فولدته ونشأ بها ، وسمع شيوخها ، ثم رحل إلى 
الكوفة  ، 
والبصرة  ، 
ومكة  ، 
والمدينة  ، 
واليمن  ، 
والشام  ، 
والجزيرة  وسمع من خلق كثير . 
وجمع حفظ الحديث والفقه والزهد والورع ، وكانت مخايل النجابة تبين عليه من زمن الصغر ، وكان أشياخه يعظمونه . 
أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14986 [أبو منصور ] القزاز  قال : أخبرنا 
أحمد [بن علي بن ثابت ] الحافظ  قال : 
أخبرنا 
أبو عقيل أحمد بن عيسى  أخبرنا 
عبد العزيز بن الحارث التميمي  قال : حدثنا 
إبراهيم بن محمد النساج  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي  يقول : رأيت 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل   [ ص: 287 ] كأن الله [قد ] جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف يقول ما شاء ويمسك عما شاء . 
أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14986 [أبو منصور ] القزاز  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14231أحمد بن علي [بن ثابت  قال : ] أخبرنا 
إبراهيم بن عمر الفقيه  قال : أخبرنا 
عبد الله بن محمد بن حمدان [العكبري   ] ، حدثنا 
أبو حفص [عمر بن محمد ] بن رجاء  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل   [يقول : 
سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=12013أبا زرعة الرازي  يقول : كان 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل   ] يحفظ ألف ألف حديث ، فقيل له : وما يدريك ؟ قال : ذاكرته فأخذت عليه الأبواب . 
أخبرنا 
إسماعيل بن أحمد  قال : أخبرنا 
حمد بن أحمد [الحداد ]  قال : أخبرنا 
أبو نعيم أحمد بن عبد الله  قال : حدثنا 
سليمان بن أحمد  قال : حدثنا 
أحمد بن محمد القاضي  قال : سمعت 
أبا داود السجستاني  يقول : لم يكن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل  يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا ، فإذا ذكر العلم تكلم . 
قال 
سليمان   : وأخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد  قال : وكان أبي يصلي كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة ، فلما مرض من تلك الأصوات أضعفته ، فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة ، وكان في زمن الثمانين وكان يقرأ في كل يوم سبعا ، وكانت له ختمة في كل سبع ليال سوى صلاة النهار ، وكان ساعة يصلي ويدعو عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة ثم يقوم إلى الصباح يصلي ، وحج خمس حجات ثلاث [حجج ] ماشيا ، واثنتين راكبا . 
أخبرنا 
محمد بن عبد الباقي  ، عن 
أبي إسحاق البرمكي  ، عن 
عبد العزيز بن جعفر   [ ص: 288 ] قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14242أبو بكر الخلال  قال : حدثنا 
أحمد بن محمد البراثي  قال : أخبرني 
أحمد بن عبثر  قال : لما ماتت أم 
صالح  قال 
أحمد  لامرأة عندهم : اذهبي إلى فلانة ابنة عمي فاخطبيها لي من نفسها . قال : فأتيتها فأجابته ، فلما رجعت إليه قال : كانت أختها تسمع كلامك . قال : وكانت بعين واحدة ؟ قالت : نعم ، قال : فاذهبي واخطبي تلك التي بعين واحدة فأتتها فأجابته وهي أم 
عبد الله   . 
[قال المؤلف : ] وقد ذكرنا كيف امتحن 
أحمد  وضرب في زمن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم  ، وأنه جعل 
 nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم  في حل . 
ولما ولي 
 nindex.php?page=showalam&ids=15156المتوكل  أكرمه وبعث إليه مالا كثيرا فتصدق به ، واستزاره ليحدث أولاده ، فحلف أن لا يحدث ، فلم يحدث حتى مات . 
ومرض 
أحمد  ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من ربيع الأول من هذه السنة واشتد مرضه تسعة أيام وتوفي . 
وكان قد أعطاه بعض أولاد 
 nindex.php?page=showalam&ids=14912الفضل بن الربيع   [وهو في الحبس ] ثلاث شعرات من شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأوصى عند موته أن تجعل كل شعرة على عينه والثالثة على لسانه . 
وكان يصبر في مرضه صبرا عظيما فما أن إلا في الليلة التي توفي فيها . 
أخبرنا 
محمد بن عبد الملك بن خيرون  ، 
وابن ناصر  قالا : أخبرنا 
أحمد بن  [ ص: 289 ] الحسن المعدل  قال : أخبرنا 
أبو علي بن شاذان  قال : حدثنا 
محمد بن عبد بن عمرويه  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل  قال : لما حضرت أبي الوفاة جلست عنده وبيدي الخرقة لأشد بها لحيته ، فجعل يغرق ثم يفيق ، ثم يفتح عينيه ويقرأ بيده هكذا ، لا بعد لا بعد ، ففعل هذا مرة وثانية ، فلما كان في الثالثة قلت له : يا أبه ! أي شيء هذا ، قد لهجت به في هذا الوقت تغرق حتى نقول : قد قضيت ، ثم تعود فتقول لا بعد ؟ فقال لي : يا بني ! ما تدري ؟ قلت : لا ، قال : إبليس لعنه الله قائم حذائي عاض على أنامله يقول : يا 
أحمد  فتني ! فأقول له : لا بعد حتى أموت . 
قال المصنف : فضائل أحمد رضي الله عنه كثيرة ، وإنما اقتصرنا ها هنا على هذه النبذة لأني قد جمعت فضائله في كتاب كبير جعلته مائة باب ، ثم مثل هذا التاريخ لا يحتمل أكثر مما ذكرت ، [والله الموفق ] . 
1437 - 
الحسن بن حماد بن كسيب ، أبو علي الحضرمي ، المعروف بسجادة  
سمع 
 nindex.php?page=showalam&ids=11948أبا بكر بن عياش  ، 
وعطاء بن مسلم الخفاف  ، 
وأبا خالد  وغيرهم . 
وروى عنه : 
 nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا   . وكان صاحب سنة . 
توفي في هذه السنة . 
1438 - 
محمد ابن الإمام الشافعي أبي عبد الله محمد بن إدريس ، يكنى أبا عثمان   . 
سمع 
 nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة  ، وأباه ، وولي القضاء 
بالجزيرة  ، وحدث هناك ، واجتمع 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251بأحمد بن حنبل  ببغداد  ، فقال له 
أحمد   : أبوك أحد الستة الذين أدعو لهم في السحر . 
وللشافعي  ولد آخر يسمى 
محمدا  أيضا . إلا أن ذلك توفي صغيرا وهو 
بمصر  سنة إحدى وثلاثين ، ذكره 
أبو سعيد بن يونس الحافظ   .  
[ ص: 290 ] 
1439 - 
محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة  ، مولى 
بني يشكر   - واسم 
أبي رزمة   : 
غزوان  ، ويكنى 
أبا محمد   - 
أبو عمرو المروزي   . 
حدث عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15409والنضر بن شميل  وغيرهما . 
روى عنه : 
 nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي  وغيره ، وكان ثقة . 
1440 - 
أبو غياث المكي ، مولى جعفر بن محمد   . 
أخبرنا 
محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان  قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15892رزق الله بن عبد الوهاب  قال : أخبرنا 
أبو الحسن بن علي بن أحمد بن الباد  قال : أخبرنا 
أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان  قال : أخبرنا 
أبو حازم المعلى بن سعيد البغدادي  قال : سمعت 
أبا جعفر محمد بن جرير الطبري  في سنة ثلاثمائة يقول : 
كنت 
بمكة  في سنة أربعين ومائتين فرأيت خراسانيا ينادي : 
معاشر الحاج من وجد هميانا فيه ألف دينار فرده علي أضعف الله له الثواب ، قال : فقام إليه شيخ من أهل
مكة  كبير من موالي 
جعفر بن محمد  ، فقال له : 
يا خراساني ، بلدنا فقير أهله ، شديد حاله ، أيامه معدودة ، ومواسمه منتظرة ، فلعله بيد رجل مؤمن يرغب فيما تبذله له حلالا يأخذه ويرده عليك ، قال الخراساني : وكم يريد ؟ قال العشر مائة دينار ، قال : [لا والله ] ، لا أفعل ولكن أحيله على الله عز وجل . 
قال : وافترقا . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير   : فوقع لي أن الشيخ صاحب القريحة والواجد للهميان فاتبعته ، فكان كما ظننت ، فنزل إلى دار خلقة الباب والمدخل ، فسمعته يقول : يا 
لبابة   ! قالت له : لبيك يا 
أبا غياث   . قال : وجدت صاحب الهميان ينادي عليه مطلقا فقلت له : قيده بأن تجعل لواجده شيئا ، فقال : كم ؟ فقلت : عشرة ، فقال : لا ، ولكنا نحيله على الله عز وجل ، فأي شيء نعمل ، ولا بد لي من رده ، فقالت له : نقاسي الفقر  
[ ص: 291 ] معك منذ خمسين سنة ولك أربع بنات وأختان وأنا وأمي وأنت تاسع القوم ، استنفقه واكسنا ، ولعل الله يغنيك فتعطيه أو يكافئه عنك ويقضيه ، فقال لها : لست أفعل ولا أحرق حشاشي بعد ست وثمانين سنة ، قال : ثم سكت القوم وانصرفت . 
فلما كان من الغد على ساعات من النهار سمعت الخراساني يقول : يا معشر الحاج ! وفد الله من الحاضر والبادي ، من وجد هميانا فيه ألف دينار فرده أضعف الله له الثواب ، قال : فقام إليه الشيخ وقال : يا خراساني ! قد قلت لك بالأمس ونصحتك وبلدنا والله فقير قليل الزرع والضرع ، وقد قلت لك أن تدفع إلى واجده مائة دينار ، فلعله أن يقع بيد رجل مؤمن يخاف الله عز وجل فامتنعت ، فقل له عشرة دنانير منها ، فيرده عليك ويكون له في العشرة دنانير ستر وصيانة ، قال : فقال له الخراساني : لا نفعل ولكن نحيله على الله عز وجل ، قال : ثم افترقا . 
فلما كان من الغد سمعت الخراساني ينادي ذلك النداء بعينه ، فقام الشيخ فقال له : يا خراساني ، قلت أول أمس العشر منه ، وقلت لك عشر العشر أمس ، واليوم أقول لك عشر العشر يشترى بنصف دينار قربة يستقي عليها للمقيمين 
بمكة  بالأجرة وبالنصف الآخر شاة يحلبها ويجعل ذلك لعياله غذاء ، قال : لا نفعل ، ولكن نحيله على الله عز وجل ، قال : فجذبه الشيخ [جذبة ] وقال : تعال خذ هميانك ، ودعني أنام الليل ، وأرحني من محاسبتك ، فقال له : امش بين يدي . 
فمشى الشيخ وتبعه الخراساني وتبعهما ، فدخل الشيخ فما لبث أن خرج وقال : ادخل يا خراساني ، فدخل ودخلت فنبش تحت درجة له مزبلة ، فنبش وأخرج منها الهميان أسود من خرق بخارية غلاظ وقال : هذا هميانك ؟ 
فنظر إليه وقال : هذا همياني ، قال : ثم حل رأسه من شد وثيق ، ثم صب المال في  
[ ص: 292 ] حجر نفسه وقلبه مرارا ، وقال : هذه دنانيرنا ، وأمسك فم الهميان بيده الشمال ورد المال بيده اليمين فيه ، وشده شدا سهلا ووضعه على كتفه ، ثم أراد الخروج ، فلما بلغ باب الدار رجع ، وقال للشيخ : يا شيخ ! مات أبي رحمه الله وترك من هذا ثلاثة آلاف دينار ، فقال لي أخرج ثلثها ففرقه على أحق الناس عندك ، وبع رحلي ، واجعله نفقة لحجك ! ففعلت ذلك وأخرجت ثلثها ألف دينار وشددتها في هذا الهميان ، وما رأيت منذ خرجت من 
خراسان  إلى ها هنا رجلا أحق به منك ، خذه بارك الله لك فيه ، قال : 
ثم ولى وتركه . 
قال : فوليت خلف الخراساني فعدا 
أبو غياث  فلحقني وردني ، وكان شيخا مشدود الوسط بشريط معصب الحاجبين ، ذكر أن له ستا وثمانين سنة ، فقال لي : 
اجلس ، فقد رأيتك تتبعني في أول يوم وعرفت خبرنا بالأمس واليوم ، فسمعت 
أحمد بن يونس اليربوعي  يقول : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا  يقول : سمعت 
نافعا  يقول : عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر   : 
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال  nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر  وعلي   : "إذا أتاكما بهداه بلا مسألة ولا استشراف نفس فاقبلاها ولا ترداها فترداها على الله عز وجل" وهذه هدية من الله والهدية لمن حضر ، ثم قال : يا 
لبابة  ، الهميان وادعي فلانة وفلانة وصاح ببناته وأخواته ، وقال : ابسطوا حجوركم . فبسطت حجري ، وما كان لهن قميص له حجر يبسطونه فمدوا أيديهم ، وأقبل يعد دينارا حتى إذا بلغ العاشر إلي قال : ولك ديناران . 
حتى فرغ الهميان ، وكانت ألفا ، فأصابني مائة دينار ، فتداخلني من سرور غناهم أشد مما داخلني من سرور أصابني بالمائة دينار ، فلما أردت الخروج قال لي : يا  
[ ص: 293 ] فتى ، إنك لمبارك ولا رأيت هذا المال قط ، ولا أملته [وأني لأنصحك أنه حلال ، ] فاحتفظ به ، واعلم أني كنت أقوم وأصلي الغداة في هذا القميص الخلق ، ثم أنزعه فتصلي واحدة واحدة ، ثم أكتسب إلى ما بين الظهر والعصر ، ثم أعود في آخر النهار بما قد فتح الله عز وجل لي من أقط وتمر وكرات ، ومن بقول نبذت ، ثم أنزعه فيتداولنه فيصلين فيه المغرب وعشاء الآخرة ، فنفعهن الله بما أخذن ، ونفعني وإياك بما أخذنا ، ورحم [الله ] صاحب المال في قبره ، وأضعف ثواب الحامل للمال وشكر له . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير   : فودعته وكتبت بها العلم سنين أتقوت بها ، وأشتري منها الورق ، وأسافر وأعطي الأجرة ، فلما كان بعد سنة ست وخمسين سألت عن الشيخ 
بمكة  فقيل إنه [قد ] مات بعد ذلك بشهور ، ووجدت بناته ملوكا تحت ملوك ، وماتت الأختان وأمهن ، وكنت أنزل على أزواجهن [وأولادهن ] فأحدثهم بذلك ، فيستأنسون بي ويكرموني ، ولقد حدثني 
محمد بن حيان البجلي  في سنة تسعين ومائتين أنه لم يبق منهم أحد . 
فبارك الله لهم فيما صاروا إليه ورحمة الله عليهم أجمعين .  
[ ص: 294 ]