صفحة جزء
ثم دخلت سنة خمسين ومائتين

فمن الحوادث فيها:

ظهور أبي الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالكوفة ، وسبب خروجه أنه نالته ضيقة شديدة ولزمه دين ضاق به ذرعا ، فلقي عمر بن فرح ، وكان يتولى أمر الطالبيين عند مقدمه من خراسان أيام المتوكل فكلمه في صلة فأغلظ له عمر في القول ، فسبه يحيى ، فحبسه فلم يزل محبوسا إلى أن كفله أهله ، فأطلق ، فشخص إلى مدينة السلام ، فأقام بها بحال سيئة ، ثم سار إلى سامراء فلقي وصيفا في رزق يجري عليه ، فأغلظ له وصيف في الرد ، وقال: لأي شيء يجرى على مثلك؟ فانصرف [عنه] ، فخرج إلى الكوفة فجمع جمعا كبيرا من الأعراب وأهل الكوفة ، وأتى الفلوجة ، فكتب صاحب البريد بخبره ، فكتب محمد بن عبد الله بن طاهر إلى أيوب بن الحسن ، وعبد الله بن محمود السرخسي يأمرهما بالاجتماع على محاربته ، فدخل يحيى بن عمر إلى بيت المال بالكوفة ، فوجد فيه ألفي دينار وسبعين ألف درهم ، فأخذها وظهر أمره بالكوفة ، وفتح السجنين فأخرج جميع من كان فيها ، وأخرج عمالهما عنها ، فلقيه عبد الله بن محمود فضربه يحيى ضربة أثخنته ، [ ص: 34 ] فانهزم وحوى يحيى جميع ما [كان] معه من الدواب والمال ، ثم خرج يحيى من الكوفة إلى سوادها ، وتبعه جماعة من الزيدية وغيرهم ، وكثر جمعه ، ووجه ابن طاهر إلى محاربته جمعا كثيرا .

ثم دخل يحيى الكوفة ودعا إلى الرضي من آل محمد ، وكثف أمره ، وتابعه خلق كثير لهم بصائر [وتدين] ، ثم لقي أصحاب ابن طاهر فانهزم أصحاب يحيى ، وذبح هو ، ووجه برأسه إلى محمد بن عبد الله بن طاهر فبعث به إلى المستعين [من الغد] فنصبه بباب العامة بسامراء .

ودخل الناس يهنئون عبد الله بن طاهر ، فدخل رجل فقال: أيها الأمير ، إنك لتهنأ بقتل رجل لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا لعزي به ، فما رد عليه شيئا .

ثم خرج من بعده الحسن بن زيد بن إسماعيل بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب [رضوان الله عليهم] في شهر رمضان؛ وذلك لما جرى على يحيى بن عمر ما جرى على يد ابن طاهر أقطعه المستعين قطائع بطبرستان ، فبعث وكيله فحازها وحاز معها الموات ، فنفر من ذلك أهل تلك الناحية ، واستعدوا لمنعه ، وذهبوا إلى علوي يقال له: محمد بن إبراهيم يدعونه إلى البيعة ، فأبى ، وقال: أدلكم على من هو أقوم مني بذلك: الحسن بن زيد . ودلهم على مسكنه بالري ، فوجهوا [ ص: 35 ] إليه عن رسالة محمد بن إبراهيم من يدعوه إلى طبرستان ، فشخص معه إليهم فبايعوه ، ثم ناهضوا العمال فطردوهم ، ثم زحف بمن معه إلى آمل وهي أول مدائن طبرستان ، فدخلها وقام فيها أياما حتى جبى الخراج من أهلها ، واستعد ، وخرج أصحاب ابن طاهر [واقتتلوا ، وهرب أصحاب ابن طاهر] واجتمعت للحسن بن زيد مع طبرستان الري إلى حد همذان ، وورد الخبر إلى المستعين فبعث إليه جنودا .

وفي هذه السنة: غضب المستعين على جعفر بن عبد الواحد؛ لأن وصيفا زعم أنه قد أفسد الشاكرية فنفي إلى البصرة لسبع بقين من ربيع الأول .

وفيها أسقطت مرتبة من كانت [له] مرتبة في دار العامة من بني أمية كابن أبي الشوارب ، والعثمانيين .

وأخرج من الحبس الحسن بن الأفشين .

وفيها وثب أهل حمص على الفضل بن قارون وهو عامل السلطان عليها فقتلوه في رجب ، فوجه إليهم المستعين موسى بن بغا الكبير ، فشخص من سامراء يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رمضان ، فلما قرب من حمص تلقاه أهلها فحاربهم ، وافتتحها وقتل من أهلها مقتلة عظيمة وحرقها ، وأسر جماعة من رؤساء أهلها .

[ ص: 36 ]

وفيها: وثبت الجند والشاكرية ببلد فارس بعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم فانتهبوا داره ، فهرب ، وقتلوا محمد بن الحسن بن قارون .

وفيها: وجه محمد بن طاهر من خراسان بفيلين كان قد وجه بهما إليه من كابل وأصنام .

وحج بالناس في هذه السنة جعفر بن الفضل وهو والي مكة .

التالي السابق


الخدمات العلمية