صفحة جزء
[ ص: 228 ] ثم دخلت سنة سبعين ومائتين

فمن الحوادث فيها :

وقعة كانت بين أبي أحمد وصاحب الزنج في المحرم ، أضعفت أركان صاحب الزنج ، واسمه بهبوذ وفي صفر قتل .

وشرح القصة : أن أبا أحمد ألح على حربه ، ورغب الناس في جهاد العدو ، وصار معه جماعة من المطوعة ، ورتب الناس وأمرهم أن يزحف جميعهم مرة واحدة ، وعبر يوم الإثنين لثلاث بقين من المحرم سنة سبعين ، فنصر ومنح أكتاف القوم ، فولوا منهزمين ، واتبعهم الناس يقتلون ويأسرون ، فقتل ما لا يحصى وخربت مدينة الخبيث بأسرها ، واستنقذوا ما كان فيها من الأسارى من الرجال والنساء والصبيان ، وهرب الخبيث وخواصه إلى موضع قد كان وطأه لنفسه ملجأ إذا غلب على مدينته ، فتبعه الناس ، فانهزم أصحابه .

وغدا أبو أحمد يوم السبت لليلتين خلتا من صفر ، فسار إلى الفاسق ، وكان قد عاد إلى المدينة بعد انصراف الناس ، فلقي الناس قواد الفاسق فأسروهم ، وجاء البشير بقتل الفاسق ، ثم جاء رجل معه رأس الفاسق ، فسجد الناس شكرا لله تعالى ، وأمر أحمد فرفع على قناة فارتفعت أصوات الناس بحمد الله تعالى وشكره ، وأمر أبو أحمد أن يكتب إلى أمصار المسلمين بالنداء في أهل البصرة ، والأبلة ، وكور دجلة ، والأهواز وكورها ، وأهل واسط ، وما حولها مما دخله الزنج بقتل الفاسق ، وأن يؤمروا بالرجوع إلى أوطانهم . [ ص: 229 ]

وولى البصرة ، والأبلة ، وكور دجلة رجلا من قواد مواليه ، وولى قضاء هذه الأماكن محمد بن حماد ، وقدم ابنه العباس إلى بغداد ، ومعه رأس الخبيث ليراه الناس ، فيسروا ، فوافى بغداد يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى في هذه السنة ، والرأس بين يديه على قناة ، فأكثر الناس التكبير والشكر لله تعالى والمدح لابن الموفق وأبيه ، ودخل [ أحمد ] بن الموفق بغداد برأس الخبيث ، وركب في جيش لم ير مثله من سوق الثلاثاء إلى المخرم ، وباب الطاق ، وسوق يحيى ، حتى هبط إلى الجزيرة ثم انحدر في دجلة إلى قصر الخلافة في جمادى هذه السنة ، وضربت القباب ، وزينت الحيطان .

وفي هذه السنة في ربيع الأول منها : ورد الخبر إلى بغداد بأن الروم نزلت ناحية باب تلمية على ستة أميال من طرسوس ، وهم زهاء مائة ألف ، يرأسهم بطريق البطارقة أندرياس ، فخرج إليهم يازمان الخادم ليلا فبيتهم فقتل رئيسهم وخلقا كثيرا من أصحابه ، يقال إنهم بلغوا سبعين ألفا ، وأخذ لهم سبعة صلبان من ذهب وفضة ، فيها صليبهم الأعظم من ذهب مكلل بالجوهر ، وأخذ خمسة عشر ألف دابة وبغل ، ومن السروج مثل ذلك ، وسيوفا محلاة بذهب وفضة ، ومناطق ، وأربع كراسي من ذهب ، ومائتي طوق من ذهب ، وآنية كثيرة نحوا من عشرة آلاف علم ، وكان النفير إلى أندرياس يوم الثلاثاء لسبع خلون من ربيع الأول .

وفي هذه السنة قتل ملك الروم الصقلبي .

وفيها : بنى أحمد بن طولون أربعة أروقة على قبر معاوية بن أبي سفيان ، وأمر أن يسرج هناك ، وأجلس أقواما معهم المصاحف يقرءون القرآن .

وحج بالناس في هذه السنة : هارون بن محمد الهاشمي .

التالي السابق


الخدمات العلمية