صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1851 - إبراهيم بن الهيثم بن المهلب ، أبو إسحاق البلدي .

سمع من جماعة ، وروى عنه النجاد ، وأبو بكر الشافعي ، وكان ثقة ثبتا . توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة .

1852 - إبراهيم بن شبابة ، مولى بني هاشم وكان شاعرا مليح النادرة .

أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز ، عن علي بن المحسن التنوخي ، عن أبيه قال : أخبرني أبو الفرج الأصبهاني قال : حدثني حبيب بن نصر المهلبي ، حدثنا عبد الله بن [أبي سعد قال : حدثني عبد الله بن أبي] نصر المروزي قال : حدثني محمد بن عبد الله الطلحي قال : حدثني سليمان بن يحيى بن معاذ قال : قدم على نيسابور إبراهيم بن شبابة الشاعر البصري ، فأنزلته علي ، فجاء ليلة من الليالي وهو مكروب ، قد هاج ، فجعل يصيح بي : يا أبا أيوب ، فخشيت أن يكون قد غشيته بلية . فقلت : ما تشاء؟ فقال :


أعياني الشادن الربيب

فقلت : بماذا؟ فقال :


إليه أشكو فلا يجيب

[ ص: 301 ] فقلت داره [ وداوه ] فقال :


من أين أبغي دواء دائي      (وإنما دائي) الطبيب

فقلت : إذا يفرج الله عز وجل . فقال :


يا رب فرج إذن وعجل     فإنك السامع المجيب

[ قال ] : ثم انصرف .

1853 - الحسن بن علي بن مالك بن أشرس بن عبد الله بن منجاب ، أبو محمد الشيباني ، المعروف بالأشناني .

حدث عن يحيى بن معين وغيره . روى عنه : ابن مخلد . وتوفي في شعبان هذه السنة ، وصلى عليه أبو بكر بن أبي الدنيا .

[ قال أبو الحسين بن المنادي ] : كتب الناس عنه ، وكان به أدنى لين .

1854 - عبد الكريم بن الهيثم بن زياد ، أبو يحيى القطان .

سافر وجال ، وسمع سليمان بن حرب ، وأبا نعيم ، وأبا الوليد الطيالسي في خلق كثير . روى عنه : البغوي ، وابن صاعد ، وكان ثقة ثبتا مأمونا . توفي في شعبان هذه السنة .

1855 - عبدة بن عبد الرحيم .

كان من أهل الدين والجهاد . [ ص: 302 ] أنبأنا زاهر بن طاهر قال : أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله قال : سمعت أبا الحسين بن أبي القاسم المذكر يقول : سمعت عمر بن أحمد [بن علي] الجوهري يقول : أخبرني أبو العباس أحمد بن علي قال : قال عبدة بن عبد الرحيم : خرجنا في سرية إلى أرض الروم ، فصحبنا شاب لم يكن فينا أقرأ للقرآن منه ، ولا أفقه ولا أفرض ، صائم النهار ، قائم الليل ، فمررنا بحصن فمال عنه العسكر ، ونزل بقرب الحصن ، فظننا أنه يبول ، فنظر إلى امرأة من النصارى تنظر من وراء الحصن ، فعشقها فقال لها بالرومية : كيف السبيل إليك؟ قالت : حين تنصر ويفتح لك الباب وأنا لك . قال : ففعل فأدخل الحصن ، قال : فقضينا غزاتنا في أشد ما يكون من الغم ، كأن كل رجل منا يرى ذلك بولده من صلبه ، ثم عدنا في سرية أخرى ، فمررنا به ينظر من فوق الحصن مع النصارى ، فقلنا : يا فلان ، ما فعلت قراءتك؟ ما فعل علمك؟ ما فعلت صلواتك وصيامك قال اعلموا أني نسيت القرآن كله ما أذكر منه إلا هذه الآية : ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون .

1856 - محمد بن أحمد بن الوليد بن محمد بن [برد بن يزيد بن] سخت ، أبو الوليد الأنطاكي .

سمع رواد بن الجراح ، ومحمد بن كثير الصنعاني ، ومحمد بن عيسى الطباع ، وغيرهم . قدم بغداد فحدث بها ، فروى عنه : أبو عبد الله المحاملي ، وأبو الحسين بن المنادي ، وأبو بكر الشافعي ، وغيرهم . قال النسائي : هو أنطاكي صالح ، وقال الدارقطني : هو ثقة . توفي [ في هذه السنة ] راجعا من مكة . [ ص: 303 ]

1857 - محمد بن جعفر المتوكل على الله ، يكنى : أبا أحمد .

ولد في ربيع الأول يوم الأربعاء لليلتين خلتا منه ، سنة سبع وعشرين ومائتين [ وأمه أم ولد ] ولقبالموفق بالله ، وكان أخوه المعتمد قد عقد له ولاية العهد بعد ابنه جعفر ، فمات الموفق قبل موت المعتمد بسنة وأشهر وقيل : اسمه طلحة ، وقد ذكرنا وقائعه وحروبه فيما مضى ، وما فعل بصاحب الزنج بالبصرة ، وكان له الجيش تحت يده والأمر كله إليه وما جرى له مع عمرو بن الليث ، ومع ابن طولون ، وتسمى بعد قتل صاحب الزنج : بالناصر لدين الله ، مضافا إلى الموفق بالله فكان يخطب له على المنابر بلقبين : "اللهم أصلح الأمير الناصر لدين الله أبا أحمد الموفق بالله ، ولي عهد المسلمين أخا أمير المؤمنين" .

وكان غزير العقل ، حسن التدبير كريما . قال يوما : إن جدي عبد الله بن العباس [ رضي الله عنهما كان ] يقول : إن الذباب ليقع على جليسي فيغمني ذلك . وهذا نهاية الكرم ، أنا والله أرى جلسائي بالعين التي أرى إخوتي والله لو تهيأ لي نقلت أسماءهم من الجلساء والندماء إلى الإخوان والأصدقاء .

وفي هذه السنة : قدم أبو أحمد من الجبل إلى العراق ، وقد اشتد به وجع النقرس ، حتى لم يقدر على الركوب ، فاتخذ له سرير عليه قبة ، فكان يقعد عليه ، ومعه خادم يبرد رجله بالأشياء الباردة ، حتى بلغ من أمره أنه كان يضع عليها الثلج ، ثم صارت علة رجله "داء الفيل" وكان يحمل سريره أربعون حمالا ، يتناوب عليه عشرون عشرون ، وربما اشتد به أحيانا فيأمرهم أن يضعوه ، فقال لهم يوما : قد ضجرتم ، وبودي أني واحد منكم أحمل على رأسي ، وآكل ، وأني في عافية ، قد أطبق دفتري على مائة ألف مرتزق أسوأ ما فيهم أقبح حالا مني .

[ ص: 304 ] وتوفي بالقصر الحسني ليلة الخميس لثمان بقين من صفر هذه السنة ، وله تسع وأربعون سنة تنقص شهرا وأياما .

قال [ أبو بكر ] الصولي : حدثني عبد الله بن المعتز قال : لما مات الموفق كتب إلى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يعزيني عنه ، فقال : إنما أعزيك بالمنصور الثاني ، لأني لا أعرف في ولده أشبه به منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية