صفحة جزء
[ذكر قصة تبع]

ثم ملك من بعده تبع بن زيد بن عمرو بن تبع بن أبرهة بن ذي المنار بن الرائش بن قيس بن صيفي بن سبأ .

وكان تبع هذا في أيام بشتاسب وبهمن ، وأنه شخص متوجها من اليمن حتى خرج على جبلي طيئ ، ثم سار يريد الأنبار ، فلما انتهى إلى موضع الحيرة تحير ، وذلك في الليل ، فأقام مكانه فسمي ذلك الموضع الحيرة .

ثم سار وخلف به قوما من الأزد ولخم وجذام وعاملة وقضاعة ، فبنوا وأقاموا به ، ثم توجه إلى الأنبار ، ثم إلى الموصل ، ثم أذربيجان ، فلقي الترك بها فهزمهم وقتل المقاتلة ، وسبى الذرية ، ثم انكفأ راجعا إلى اليمن ، فهابته الملوك وأهدت إليه ، ثم غزا الصين فاكتسح ما فيها ، وقتل مقاتلتها .

أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار ، قال: أخبرنا أبي ، قال: أخبرنا أبو علي بن دوما ، قال: أخبرنا مخلد بن جعفر ، قال: أخبرنا الحسن بن علي القطان ، قال: أخبرنا إسماعيل بن عيسى العطار ، قال: أخبرنا إسحاق بن بشر ، قال: حدثنا علي بن عاصم ، قال: أخبرني عمران بن حدير ، عن أبي مجلز ، قال: جاء ابن عباس إلى عبد الله بن سلام فسأله فقال: سمعت الله تعالى يذكر تبعا فلم يذمه وذم قومه ، فقال: نعم ، إن تبعا غزا بيت المقدس فسبى أولاد الأحبار ، فقدم بهم على قومه ، فأعجب بفتية منهم ، فجعل يدنيهم ويسمع منهم ، وجعل الفتية يخبرونه عن الله عز وجل وما في الآخرة ، فأعجب بهم فتكلم قومه ، فقالوا: إن هؤلاء الفتية قد غلبونا على تبع ونخاف أن يدخلوه في دينهم . فبلغ تبعا ما يقول قومه ، فأعلم الفتية بذلك ، فقالوا: بيننا وبينهم النصيف ، قال: وما هو؟ قالوا: النار التي تحرق الكاذب ويبرأ فيها الصادق .

فأرسل إلى أحبار قومه فأدخلهم عليه ، فقال: اسمعوا ما يقول هؤلاء ، قالوا: وما يقولون؟ قال: يقولون إن لنا ربا خلقنا وإليه نعود ، وإن بين أيدينا جنة ونارا ، فإن أبيتم علينا فإن بيننا وبينكم النار التي تحرق الكاذب . قالوا: قد رضينا . [ ص: 416 ]

فمر الفتية في النار وخرجوا منها ، فاختار تبع من قومه عدتهم ، فقال: ادخلوها ، فلما دخلوها أحرقتهم ، فأسلم تبع وكان رجلا صالحا ، فذكره الله تعالى ولم يذمه وذم قومه .

وروى سفيان ، عن قتادة ، قال: كان تبع رجلا من حمير سار بالجنود حتى أتى الحيرة ، ثم أتى سمرقند فهدمها .

أخبرنا ابن الحصين ، قال: أخبرنا ابن المذهب ، قال: أخبرنا القطيعي ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا حسن بن موسى ، قال: حدثنا ابن لهيعة ، قال: حدثنا أبو زرعة عمرو بن جابر ، عن سهل بن سعد ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تسبوا تبعا فإنه قد كان أسلم" .

وقال أبو الحسين بن المنادي: ليس ببعيد أن يكون قوم تبع نسبوا إليه؛ لأنه نبي .

وقد ذهب قوم إلى أنه كان في الفترة بعد عيسى . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية