صفحة جزء
ثم دخلت سنة تسعين ومائتين

فمن الحوادث فيها:


أنه ورد كتاب من الرقة يذكر فيه أن يحيى بن زكرويه بن مهرويه ، المكنى بأبي القاسم ، المعروف بالشيخ - وكان من دعاة القرامطة - وافى [الرقة] في جمع كثير ، فخرج إليه جماعة من أصحاب السلطان ، فهزمهم ، وقتل رئيسهم .

وورد الخبر أن جيشا خرجوا من دمشق إلى القرمطي ، فهزمهم وقتل رئيسهم ، فوجه أبو الأغر لحرب القرمطي في عشرة آلاف .

ولعشر بقين من جمادى الآخرة خرج المكتفي بعد العصر عامدا إلى سامرا يريد البناء بها ، للانتقال إليها ، فدخلها يوم الخميس لخمس بقين من جمادى ، ثم انصرف إلى مضارب ضربت له بالجوسق ، فدعا القاسم بن عبيد الله والقوام بالبناء فقدروا له ما يحتاج إليه من المال ، وأكثروا عليه ، وطولوا مدة الفراغ ، وجعل القاسم يصرفه عن رأيه في ذلك فثناه عن عزمه فعاد .

وفي يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من شعبان قرئ كتابان في الجامعين بقتل [ ص: 15 ] يحيى بن زكرويه الملقب بالشيخ ، قتله المصريون على باب دمشق بعد أن قتل منهم خلقا [كثيرا] وكسر لهم جيوشا .

وكان يحيى هذا يركب جملا فإذا أشار بيده إلى ناحية من نواحي محاربيه انهزموا . فافتتن بذلك أصحابه ، فلما قتل عقد أخوه الحسين لنفسه وتسمى بأحمد بن عبد الله ، وتكنى بأبي العباس ، ودعا إلى ما كان يدعو إليه أخوه ، فأجابه أكثر أهل البوادي وقويت شوكته ووصل إلى دمشق فصالحه أهلها على شيء فانصرف عنهم ، ثم صار إلى أطراف حمص فتغلب عليهم وخطب له على منابرها وتسمى بالمهدي ، ثم صار إلى حمص ، فأطاعه أهلها ، وفتحوا له بابها خوفا على أنفسهم ، ثم سار إلى حماة ومعرة النعمان وغيرها ، فقتل أهلها و [سبى] النساء والصبيان ، وسار إلى سلمية فحاربه أهلها ، ثم وادعهم ودخلها فقتل من بها من بني هاشم ، ثم قتل البهائم وصبيان الكتاتيب ، ثم خرج إلى ما حول ذلك يقتل ويسبي ويخيف السبيل ، ويستبيح وطء نساء الناس ، وربما أخذ المرأة فوطئها جماعة منهم ، فتأتى بولد فلا يدرى من أيهم هو ، فيهنأ به جميعهم .

ولليلتين خلتا من رمضان أمر المكتفي بإعطاء الجند أرزاقهم والتأهب لحرب القرمطي بناحية الشام ، فأطلق للجند في دفعة واحدة مائة ألف دينار ، وكان السبب أن أهل الشام كتبوا إليه يشكون ما يلقون من القرامطة ، فخرج المكتفي حتى انتهى إلى الرقة ، فنزلها ، وسرح إلى القرمطي جيشا بعد جيش ، وكان القرمطي يكتب إلى أصحابه : من عبد الله أحمد بن عبد الله المهدي المنصور بالله ، الناصر لدين الله ، [ ص: 16 ] القائم بأمر الله ، الحاكم بحكم الله ، الداعي إلى كتاب الله ، الذاب عن حريم الله ، المختار من ولد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] . وكان ينتحل أنه من ولد علي [ابن أبي طالب ] عليه سلام الله .

ووقع ثلج ببغداد يوم الرابع والعشرين من كانون الثاني منذ أول النهار إلى العصر .

وحج بالناس في هذه السنة الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن العباس بن محمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية