صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1978 - أحمد بن يحيى بن زيد بن يسار ، أبو العباس الشيباني ، مولاهم المعروف بثعلب :

إمام الكوفيين في النحو واللغة ، ولد سنة مائتين . وسمع إبراهيم بن المنذر ، ومحمد بن زياد الأعرابي ، وعبيد الله بن عمر القواريري ، والزبير بن بكار ، وغيرهم روى عنه ابن الأنباري ، وابن عرفة ، وأبو عمر الزاهد ، وأبو معشر وغيرهم وكان ثقة حجة دينا صالحا مشهورا بالصدق والحفظ .

وكان يقول: طلبت العربية واللغة في سنة ست عشرة ومائتين ، وابتدأت بالنظر في حدود الفراء وسني ثماني عشرة ، وبلغت خمسا وعشرين وما بقي علي مسألة للفراء [و] لا شيء [من كتبه ] إلا [و] قد حفظته ، وسمعت من القواريري مائة ألف حديث .

[قال أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الزهري: كان بيني وبين أبي العباس مودة وكيدة ، وكنت أستشيره في أموري ، فجئته يوما أشاوره في الانتقال من محلة إلى [ ص: 25 ] أخرى لتأذي الجوار ، فقال أبا محمد: العرب تقول صبرك على أذى من تعرفه خير لك من استحداث من لا تعرف] .

أخبرنا القزاز ، أخبرنا أبو بكر بن ثابت الخطيب ، قال: أخبرني أحمد بن علي بن الحسين المحتسب ، قال: أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد بن موسى [ابن] العلاف ، قال: حدثني أبو عمر الزاهد ، قال: كنت في مجلس أبي العباس ثعلب فسأله سائل عن شيء ، فقال: لا أدري ، فقال له: أتقول لا أدري وإليك تضرب أكباد الإبل ، وإليك الرحلة من كل بلد؟ فقال له ثعلب: لو كان لأمك بعدد ما لا أدري بعر لاستغنت .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] ، قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب ، قال: أنشدنا إسحاق بن أحمد الكاذي ، قال: أنشدنا ثعلب:


بلغت من عمري ثمانينا وكنت لا آمل خمسينا     فالحمد لله وشكرا له
إذ زاد في عمري ثلاثينا     وأسأل الله بلوغا إلى
مرضاته آمين آمينا

توفي ثعلب يوم السبت ، لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين ، ودفن في مقبرة باب الشام وقبره ظاهر . وأدركه صمم في آخر عمره . [ ص: 26 ]

1979 - إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل ، أبو إسحاق الخواص:

من أهل سر من رأى ، وكان يسافر كثيرا ، فتوفي في هذه السنة بالري ، وغسله ودفنه يوسف بن الحسين ، وقيل: توفي في سنة أربع وثمانين .

1980 - الحسن بن علي بن المتوكل بن ميمون أبو محمد ، مولى عبد الصمد بن علي الهاشمي :

روى عن عاصم وعفان ، وروى عنه إسماعيل الخطبي ، وكان ثقة .

توفي في محرم هذه السنة .

1981 - الحسن بن محمد بن أحمد بن شعبة ، أبو علي المروزي :

قدم بغداد ، وحدث بجامع الترمذي عن المحبوبي . روى عنه العتيقي ، وقال الأزهري: سمعت منه وكان شيخا فهما ثقة له هيبة .

توفي في ذي الحجة من هذه السنة .

1982 - سليمان بن يحيى بن الوليد ، أبو أيوب الضبي ، المقرئ :

قرأ القرآن بحرف حمزة ، وكان شيخا صالحا يقرئ في مدينة المنصور . [ ص: 27 ]

وسمع الحديث من خلف بن هشام وغيره ، روى عنه أبو بكر ابن الأنباري ، وأبو الحسين ابن المنادي .

وتوفي في هذه السنة .

1983 - القاسم بن عبيد الله بن سليمان ، الوزير:

وزير المعتضد والمكتفي ، وفوض إليه المكتفي جميع الأمور ، ومرض في رمضان [في] هذه السنة ، فأمر أن يطلق العمال من الحبوس ، ويكفل من عليه مال ، ويطلق من في الحبس من العلويين الذين أخذوا ظلما بسبب القرمطي الناجم بالشام ، وزادت علته فاستخلف ابن أخيه أبا أحمد عبد الوهاب بن الحسن بن عبيد الله ، فجاء يعرض على المكتفي ، فلما خرج من بين يديه تمثل المكتفي:


ولما أبى إلا جماحا فؤاده     ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل
تسلى بأخرى غيرها فإذا الذي     تسلى بها تغري بليلى ولا تسلي

توفي القاسم يوم الأربعاء ، لست خلون من ذي القعدة . وكان قد وجه في صدر نهاره بالعباس بن الحسن أبي أحمد ، وأبي الحسن علي بن عيسى إلى المكتفي ، وكتب معهما كتابا إليه يخبره أنه في آخر ساعة من ساعات الدنيا ، ويسأله التفضل على ولده ومخلفيه ، ويشير عليه بأن يستكتب [بعده] أحد الرجلين اللذين أنفذهما إليه فاختار استكتاب العباس وخرجا بالجواب إليه [وتوفي] في تلك الساعة . [ ص: 28 ]

قال أبو بكر الصولي: ومن العجائب التي رأيتها أنا كنا نبكر لعيادة القاسم بن عبيد الله كل يوم ، فدخلنا يوم الأربعاء الذي توفي فيه إلى داره ، فرأينا ابنيه : أبا علي ، وأبا جعفر قد خرجا ، فقام الناس إليهما ، ودنا العباس بن الحسن فقبل يديهما فمات القاسم في بقية اليوم ، وخوطب العباس بالوزارة فرأيته بعد العصر [و] قد صار إلى دار القاسم ، فخرج الولدان جميعا ، فقبلا يده ، وكان الحاصل من ضياع القاسم في كل سنة سبعمائة ألف دينار .

1984 - محمد بن أحمد بن البراء بن المبارك ، أبو الحسن العبدي :

سمع خلف بن هشام ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وغيرهم . وكان ثقة صدوقا .

أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت ، أخبرنا أبو العلاء الواسطي . حدثنا محمد بن أحمد بن حماد الكوفي ، حدثنا الحسن بن إسماعيل الكندي ، قال: حدثني أبو جعفر بن البراء ، قال: اتصل بعمي أبي الحسن عن القاضي إسماعيل بن إسحاق شيء ، فعزم إسماعيل على الركوب إليه ، فبادره عمي أبو الحسن بالركوب ، فلما دخل عليه أنشأ يقول:


صفحت برغمي عنك صفح ضرورة      [إليك وفي قلبي ندوب من العتب]

فأجابه إسماعيل [يقول] :


ولا زال بي شوق إليك مبرح     يذلل مني كل ممتنع صعب

توفي أبو الحسن بن البراء في شوال هذه السنة . [ ص: 29 ]

1985 - محمد بن أحمد بن النضر بن عبد الله بن مصعب ، أبو بكر [المعنى] ابن بنت معاوية بن عمرو الأزدي:

ولد في سنة ست وتسعين ومائة ، وسمع جده معاوية ، والقعنبي وغيرهما ، روى عنه ابن صاعد ، وابن مخلد ، وأبو بكر النجاد ، وغيرهم قال عبد الله بن أحمد ، ومحمد بن عبدوس: هو ثقة لا بأس به .

أخبرنا القزاز ، قال: أخبرنا الخطيب ، قال: حدثنا ابن رزق ، أخبرنا إسماعيل بن علي قال: مات أبو بكر محمد بن أحمد بن النضر يوم الجمعة قبل الصلاة .

ودفن وقت العصر ، وذلك لخمس خلون من صفر ، سنة إحدى وتسعين ومائتين .

ودفن في مقابر باب الشام .

1986 - محمد بن إبراهيم بن سعيد بن عبد الرحمن ، أبو عبد الله [العبدي] البوشنجي :

شيخ أهل الحديث في عصره ، سمع بمصر ، والحجاز ، والكوفة ، والبصرة ، وبغداد ، والشام [وحدث في البلاد] وروى عنه البخاري ، ومحمد بن إسحاق الصغاني .

توفي في غرة محرم هذه السنة ، ودفن بنيسابور . [ ص: 30 ]

1987 - [محمد بن محمد] بن إسماعيل بن شداد ، أبو عبد الله الأنصاري ، القاضي المعروف بالجذوعي :

حدث عن مسدد بن مسرهد ، وعلي بن المديني ، وابن نمير وغيرهم .

[و] روى عنه [أبو عمرو] بن السماك وغيره وكان ثقة .

أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، [قال:

أخبرني علي بن المحسن القاضي] قال: أخبرني أبي ، قال: قال أبو الحسين محمد بن علي [بن] الخلال البصري: حدثني أبي ، وسمعته من غيره: أن القضاة والشهود بمدينة السلام أدخلوا على المعتمد [على الله] للشهادة عليه في دين كان عليه اقترضه عند الإضافة بالإنفاق على صاحب الزنج ، فلما مثلوا بين يديه قرأ عليهم إسماعيل بن بلبل الكتاب ، ثم قال: إن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه يأمركم بأن تشهدوا عليه بما في هذا الكتاب ، فشهد القوم حتى بلغ الكتاب إلى الجذوعي القاضي ، فأخذه بيده ، وتقدم إلى السرير ، وقال: يا أمير المؤمنين ، أشهد عليك بما في هذا الكتاب؟ فقال: اشهد ، فقال: إنه لا يجوز أن أشهد ، أو تقول نعم اشهد علي ، قال: [ ص: 31 ]

نعم ، فشهد في الكتاب ثم خرج ، فقال المعتمد: من هذا؟ فقيل له: الجذوعي البصري ، فقال: وما إليه؟ قالوا: ليس إليه شيء ، فقال: مثل هذا لا ينبغي أن يكون مصروفا فقلدوه [واسطا فقلده إسماعيل وانحدر ] .

فاحتاج الموفق يوما إلى مشاورة الحاكم فيما يشاور في مثله ، فقال: استدعوا القاضي ، فحضر وكان قصيرا وله دنية طويلة فدخل في بعض الممرات ومعه غلام له فلقيه غلام [كان] للموفق ، وكان شديد التقدم عنده [وكان مخمورا] ، فصادفه في مكان خال من الممر فوضع يده على دنيته حتى غاص رأسه فيها فتركه ومضى ، . فجلس الجذوعي في مكانه ، وأقبل غلامه حتى فتقها وأخرج رأسه منها ، وثنى رداءه على رأسه وعاد إلى داره ، وأحضر الشهود ، فأمرهم بتسليم الديوان ، ورسل الموفق يترددون ، وقد سترت الحال عنه حتى ذكر بعض الشهود لبعض الرسل الخبر فعاد إلى الموفق فأخبره بذلك فأحضر صاحب الشرطة ، وأمره بتجريد الغلام ، وحمله إلى باب دار القاضي وضربه هنالك ألف سوط ، وكان والد هذا الغلام من جلة القواد ومحله محل من لو هم بالعصيان لأطاعه أكثر الجيش ، فلم يقل شيئا وترجل القواد وصاروا إليه ، وقالوا: مرنا بأمرك ، فقال: إن الأمير الموفق أشفق عليه مني فمضى القواد بأسرهم مع الغلام إلى باب دار الجذوعي ، فدخلوا إليه وضرعوا له ، فأدخل صاحب الشرطة والغلام ، وقال [له] : لا تضربه ، فقال: لا أقدم على خلاف الموفق ، فقال: [ ص: 32 ]

فإني أركب إليه وأزيل ذلك عنه ، فركب فشفع له وصفح عنه .

وتوفي الجذوعي يوم السبت لست خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة ببغداد . [ ص: 33 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية