صفحة جزء
ثم دخلت سنة عشر وثلاثمائة

فمن الحوادث فيها:


أن يوسف بن أبي الساج أطلق في المحرم ، وحمل إليه مال ، وخلع [عليه] وقرر أن يحمل [في] كل سنة خمسمائة ألف دينار من أعمال ضمنت إليه ، فبعث إلى مؤنس يطلب منه إنفاذ أبي بكر ابن الآدمي القارئ ، فخاف أبو بكر لأنه كان [قد] قرأ بين يديه يوم شهر: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة فقال له مؤنس: لا تخف فأنا شريكك في الجائزة فمضى ، فدخل عليه ، فقال: هاتوا [كرسيا] لأبي بكر ، فجلس فقال: اقرأ ، فقرأ: وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فقال: لا أريد هذا بل أريد لتقرأ ما قرأته بين يدي حين شهرت: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة فقرأ فبكى ، وقال: هذه الآية كانت سبب توبتي من كل محظور ، ولو أمكنني ترك خدمة السلطان لتركت ، وأمر له بمال . [ ص: 209 ]

قال مؤلف الكتاب] : وقد ذكرنا أنه شهر في سنة إحدى وسبعين ومائتين وحينئذ قرأ بين يديه وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة وذلك في خلافة المعتمد ، وفي هذه السنة استزاره فأكرمه وذلك في خلافة المقتدر .

وفي هذه السنة: اعتل علي بن عيسى ، فركب لعيادته هارون بن المقتدر ومعه مؤنس ونصر القشوري ووجوه الغلمان ، وفرش له الطريق من الشط إلى المجلس ، فتلقاه أبو الحسن متحاملا ، وأدى إليه رسالة المقتدر بالمسألة عن خبره ، ثم قيل: إن المقتدر قد عزم على الركوب إليه فانزعج لذلك وسأل مؤنسا أن يستعفي له منه ، وكان قد صلح بعض الصلاح ، فركب إلى الدار على ضعف شديد وطلع ليفسخ بذلك ما وقع عليه العزم ثم برأ .

وفيها: سخط على أم موسى القهرمانة وقبض عليها وعلى أنسابها ومن كانت تعنى به ، فصح منها في بيت المال ألف ألف دينار . واختلف في السبب ، فقيل: إن المقتدر اعتل فبعثت إلى بعض أهله ليقرر عليه ولاية الأمر ، فانكشف ذلك ، وقيل: بل زوجت بنت أخيها إلى أبي بكر بن أبي العباس محمد بن إسحاق بن المتوكل ، فسعى بها أعداؤها وثبتوا في نفس المقتدر والسيدة والدته أنها ما فعلت ذلك [إلا] لتنصب محمد بن إسحاق في الخلافة ، فتمت عليها النكبة .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أحمد بن علي ، أخبرنا علي بن المحسن ، أخبرنا طلحة بن محمد ، قال: صرف المقتدر بالله أبا جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول يوم الخميس لعشر بقين من ربيع الآخر سنة عشر [وثلاثمائة] عن القضاء بمدينة أبي [ ص: 210 ] جعفر [المنصور] ، واستقضى في هذا اليوم أبا الحسين عمر بن الحسين بن علي الشيباني المعروف بابن الأشناني ، وخلع عليه ، ثم جلس يوم السبت للحكم ، وصرف يوم الأحد ، وكانت ولايته ثلاثة أيام ، وكان من جلة الناس ومن أصحاب الحديث المحمودين ، وأحد الحفاظ وكان قبل هذا يتولى القضاء بنواحي الشام ، وتقلد الحسبة ببغداد .

وفي جمادى الأولى تقلد نازوك الشرطة بمدينة السلام مكان أبي طاهر محمد بن عبد الصمد ، وخلع عليه .

وفي جمادى الآخرة ظهر كوكب ذو ذنب في المشرق في برج السنبلة ، طوله نحو ذراعين .

وفى شعبان وصلت هدية الحسين بن أحمد [بن] المادرائي من مصر ، وهي بغلة ومعها فلو ، وغلام طويل اللسان يلحق طرف [لسانه] أنفه .

وفي هذا الشهر قرئت الكتب على المنابر في الجوامع بفتح كان في بلاد الروم لأهل طرسوس وملطية وقاليقلا .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي [بن ثابت] . أخبرنا علي بن المحسن ، أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر ، قال: استقضى المقتدر بالله في يوم النصف من رمضان سنة عشر وثلاثمائة أبا الحسين عمر بن أبي عمر [ ص: 211 ] محمد بن يوسف بن يعقوب ، وكان قبل هذا يخلف أباه على القضاء بالجانب الشرقي [و] الشرقية ، وسائر ما كان إلى قاضي القضاة أبي عمر ، وذلك أنه استخلفه وله عشرون سنة ، ثم استقضى بعد استخلاف أبيه له على أعمال كثيرة ، ثم قلد مدينة السلام في حياة أبيه .

وفي رمضان قلد المطلب بن إبراهيم الهاشمي الصلاة في جامع الرصافة ببغداد .

وفي يوم الفطر ركب الأمير أبو العباس ابن المقتدر إلى المصلى ومعه الوزير حامد بن العباس ، وعلي بن عيسى ، ومؤنس المظفر ، والجيش . وصلى بالناس إسحاق بن عبد الملك الهاشمي .

وفي يوم الاثنين سلخ ذي القعدة أخرج رأس الحسين بن منصور الحلاج من دار السلطان ليحمل إلى خراسان .

وورد الخبر بأنه انشق بواسط سبعة عشر شقا أكبرها ألف ذراع ، وأصغرها مائتا ذراع ، وأنه غرق من أمهات القرى ألفا وثلاثمائة قرية .

وفيها حج بالناس إسحاق بن عبد الملك .

التالي السابق


الخدمات العلمية