صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر .

2212 - إبراهيم بن خمش ، أبو إسحاق الزاهد النيسابوري

سمع محمد بن رافع وغيره ، وكان يعظ الناس .

[ ص: 241 ]

أنبأنا زاهر بن طاهر ، قال أنبأنا أبو بكر البيهقي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الحاكم ، قال : سمعت أبا منصور الصوفي ابن بنت إبراهيم ، يقول : سمعت جدي ، يقول : يضحك القضاء من الحذر ، ويضحك الأجل من الأمل ، ويضحك التقدير من التدبير ، وتضحك القسمة من الجهد والعناء .

2213 - إسحاق بن بنان بن معن ، أبو محمد الأنماطي :

سمع الوليد بن شجاع ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وكان ثقة .

توفي في هذه السنة .

2214 - عبيد الله بن عبد الله بن محمد ، أبو العباس الصيرفي :

حدث عن عبد الأعلى بن حماد . روى عنه علي بن عمر السكري ، وكان صدوقا . توفي في رجب هذه السنة .

2215 - عمر بن عبد الله بن عمر بن عثمان ، أبو القاسم المعروف بابن أبي حسان الزيادي :

سمع المفضل بن غسان ، روى عنه ابن المظفر ، وابن شاهين ، وكان ثقة .

وتوفي في هذه السنة ، وقيل : في سنة أربع عشرة وثلاثمائة .

2216 - علي بن محمد بن الفرات ، أبو الحسن :

وزر مرارا للمقتدر ، وملك أموالا كثيرة تزيد على عشرة آلاف ألف دينار ، وبلغت غلته ألف ألف دينار وأودع الأموال وجوه الناس ، فلم يبق ببغداد قاض ولا عدل ولا تاجر مستور إلا ولابن الفرات عنده وديعة .

[ ص: 242 ]

أنبأنا محمد بن أبي طاهر ، قال : أنبأنا علي بن المحسن ، عن أبيه ، قال : حدثني أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عياش القاضي : أن رجلا دامت عطلته ، فزور كتبا عن علي بن محمد بن الفرات وهو وزير إلى أبي زنبور عامل مصر ، وخرج إليه فلقيه بها فأنكرها [أبو زنبور ] لإفراط التأكيد فيها ، واستراب بالخطاب ، فوصل الرجل بصلة يسيرة وأمر له بجراية ، وقال : تأخذها إلى أن أنظر في أمرك ، وأنفذ الكتب إلى ابن الفرات ، وكان فيها : إن للرجل حرمة وكيدة بالوزير وخدمة قديمة ، فوصلت الكتب إلى أبي الحسن ابن الفرات وأصحابه بين يديه فعرفهم ذلك ، وقال : ما الرأي ؟ فقال بعضهم : تقطع يده للتزوير على الوزير وقال بعضهم : يقطع إبهامه ، وقال بعضهم : يضرب ويحبس ، وقال بعضهم : يكشف أمره لأبي زنبور حتى يطرده ، فقال ابن الفرات : ما أبعد طباعكم عن الجميل ! رجل توسل بنا وتحمل المشقة إلى مصر بجاهنا ولعله كان لا يصل إلينا فيأخذ كتبنا ، فخفف عنا بأن كتب لنفسه يكون حظه الخيبة ؟ ثم كتب على الكتاب المزور إلى أبي زنبور هذا كتابي ولا أعلم لأي سبب أنكرته ، ولا لأي سبب استربت به ، وحرمة صاحبه بي وكيدة ، وسببه عندي أقوى مما تظن ، فأجزل عطيته وتابع بره . فلما كان بعد مدة طويلة دخل عليه رجل جميل الهيئة ، فأقبل يدعو له ويبكي ويقبل الأرض بين يديه وابن الفرات لا يعرفه ، ويقول : بارك الله عليك مالك . فقال : أنا صاحب الكتاب المزور إلى أبي زنبور الذي حققه بفضل الوزير فعل الله به وصنع ، فضحك ابن الفرات وقال : فبكم وصلك ؟ فقال : وصل إلي من ماله وبتقسيط قسطه لي وبتصرف صرفني عشرون ألف دينار ، فقال : الزمنا فإنا ننفعك بأضعافه . واستخدامه فأكسبه مالا عظيما .

قال ابن عياش : وكان أول ما انحل من نظام سياسة الملك فيما شاهدناه [ ص: 243 ] القضاء ، فإن ابن الفرات وضع منه وأدخل فيه أقواما لا علم لهم ولا أبوة ، فما مضت إلا سنوات حتى ابتدأت الوزارة تتضع ويتقلدها من ليس بأهل ، حتى بلغت سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة إلى أن تقلد وزارة المتقي أبو العباس الأصبهاني الكاتب ، وكان في غاية سقوط المروءة والرقاعة ، ولقد رأيت قردا معلما يقول له القراد : أتحب أن تكون بزازا ؟ فيقول : نعم ، ويومي برأسه ، فيقول : تشتهي أن تكون عطارا ؟ فيومي برأسه نعم ، إلى أن يقول : أتشتهي أن تكون وزيرا ؟ فيومي برأسه لا ، فيضحك الناس ، وكان أول ما وضع من القضاء أنه قلده أبا أمية الأحوص البصري ، فإنه كان بزازا فاستتر ابن الفرات عنده وخرج من داره إلى الوزارة فولاه القضاء ، وجرت الحال على ما ذكرنا في ترجمة الأحوص سنة ثلاثمائة .

وقد ذكرنا كيف اتضع ابن الفرات ، وكيف أخذ وحبس وقتل في حوادث هذه السنة فلا نعيده .

أنبأنا محمد بن أبي طاهر ، عن أبي القاسم التنوخي ، عن أبيه ، قال : أخبرني بعض الكتاب ، قال : كان ابن الفرات قد صودر على ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار ، فأدى جميعها في مدة ستة عشر شهرا من وقت أن قبض عليه .

أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر [البزاز ] ، قال : أخبرنا علي بن المحسن التنوخي ، عن أبيه ، قال : حدثني أبو محمد ، قال : حدثني بعض شيوخ الكتاب ببغداد عمن حدثه أنه سمع أبا الحسن ابن الفرات يقول لأبي جعفر بن بسطام : ويحك يا أبا جعفر ، لك قصة في رغيف ، فقال : إن أمي كانت عجوزا صالحة عودتني منذ ولدتني أن تجعل تحت مخدتي التي أنام عليها في كل ليلة رغيفا فيه رطل ، فإذا كان من غد تصدقت به عني فأنا أفعل ذلك إلى الآن ، فقال ابن الفرات : ما سمعت بأعجب من هذا ، أعلم أني من أسوأ الناس رأيا فيك لأمور أوجبت ذلك ، وأنا مفكر منذ أيام في [ ص: 244 ] القبض عليك وفي مطالبتك بمال ، فأرى منذ ثلاث ليال في منامي كأنني أستدعيك لأقبض عليك فتحاربني وتمتنع مني ، فأتقدم لمحاربتك فتخرج إلى من يحاربك وبيدك رغيف كالترس فتتقي به السهام ولا يصل إليك منها شيء ، وأشهد الله أني قد وهبت لله عز وجل ما في نفسي عليك ، وأن رأيي لك أجمل رأي من الآن فانبسط .

2217 - فاطمة بنت عبد الرحمن بن أبي صالح الحراني :

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، حدثنا أحمد بن محمد العتيقي ، حدثنا علي بن أبي سعيد المصري ، قال : حدثنا أبي ، قال : فاطمة بنت عبد الرحمن بن عبد الغفار الربعي ، تكنى أم محمد ، مولدها ببغداد ، وقدم بها إلى مصر وهي حدثة . سمعت من أبيها عبد الرحمن وطال عمرها حتى جاوزت الثمانين ، وكانت تعرف بالصوفية لأنها أقامت تلبس الصوف ولا تنام إلا في مصلاها بلا وطاء فوق ستين سنة . سمع منها ابن أخيها عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن .

توفيت في هذه السنة .

2218 - محمد بن إسحاق بن عبد الملك الهاشمي الخطيب :

كان يصلي صلاة الجمعة في المسجد الجامع بدار الخلافة ، وصلاة الأعياد في المصلى ، وتوفي يوم السبت لست خلون من ذي الحجة من هذه السنة .

2219 - محمد بن محمد بن سليمان بن الحارث بن عبد الرحمن ، أبو بكر الأزدي الواسطي ، المعروف بالباغندي :

سمع محمد بن عبد الله بن نمير ، وأبا بكر وعثمان ابني شيبة ، وشيبان بن [ ص: 245 ] فروخ ، وعلي بن المديني ، وخلقا كثيرا من أهل الشام ومصر والكوفة والبصرة وبغداد . ورحل في طلب الحديث إلى الأمصار البعيدة ، وعني به العناية العظيمة ، وأخذ عن الحفاظ والأئمة ، وكان حافظا فهما ، كان يقول : أنا أجيب في ثلاثمائة ألف مسألة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وسكن بغداد فحدث بها ، فروى عنه المحاملي ، وابن مخلد ، وأبو بكر الشافعي ، ودعلج ، وابن الصواف ، وابن المظفر ، وابن حيوية ، وابن شاهين ، وخلق كثير .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت [الخطيب ] ، قال : سمعت هبة الله بن الحسن الطبري يذكر : أن الباغندي كان يسرد الحديث من حفظه مثل تلاوة القرآن ، وكان يقول : حدثنا فلان قال حدثنا فلان ، وحدثنا فلان وهو يحرك رأسه حتى تسقط عمامته .

أخبرنا عبد الرحمن [القزاز ] ، قال : أخبرنا ابن ثابت [الخطيب ] ، قال : حدثني العتيقي ، قال : سمعت عمر بن أحمد الواعظ ، يقول : قام أبو بكر الباغندي يصلي فكبر ، ثم قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين ، فسبحنا به فقال : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين .

قال المؤلف : ] وقد أنبأنا بمثل هذه الحكاية محمد بن عبد الملك بن خيرون ، قال : أنبأنا أبو الحسين بن المهتدي ، عن أبي جعفر بن شاهين ، قال : صليت [ ص: 246 ] خلف محمد بن سليمان الباغندي ، فافتتح الصلاة ثم قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين ، فقيل له : سبحان الله ، فقال أنبأنا شيبان بن فروخ [الأبلي ] فقالوا : سبحان الله ، فقال بسم الله الرحمن الرحيم .

أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد ] ، أخبرنا [ أحمد بن علي ] بن ثابت حدثنا أبو محمد عبد الله بن علي بن عياض ، القاضي ، أخبرنا محمد بن أحمد بن جميع ، حدثنا أحمد بن محمد بن شجاع ، قال كنا عند إبراهيم بن موسى الجوزي ببغداد ، وكان عنده الباغندي ينتقي عليه ، فقال له إبراهيم بن موسى : هو ذا تسخر بي ، أنت أكثر حديثا مني وأعرف وأحفظ للحديث ، فقال له : قد حبب إلي هذا الحديث ، بحسبك أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ، فلم أقل له : ادع الله لي ، بل قلت له : يا رسول الله أيما أثبت في الحديث منصور أو الأعمش ؟ فقال لي : منصور ، منصور .

أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا الخطيب ، قال : لم يثبت من أمر الباغندي ما يعاب به سوى التدليس ، فرأيت كافة شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح . وقال الدارقطني : الباغندي كثير التدليس يحدث بما لم يسمع وربما سرق .

وتوفي يوم الجمعة ، ودفن يوم السبت لعشر بقين من ذي الحجة من هذه السنة ، وقد قيل سنة ثلاث عشرة ، والأول أصح .

[ ص: 247 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية