صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة

فمن الحوادث فيها :

أنه ورد في يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من المحرم كتاب من أبي جعفر محمد بن القاسم الكرخي ، وكان يتقلد أعمال الخراج والضياع بالبصرة والأهواز ، بمصير جماعة من الديلم من أصحاب مرداويج إلى أصبهان وتسلمهم إياها لمرداويج الديلمي ، وأنه قد خرج قائد جليل من قواده كان يتقلد له بالبصرة ، وأنه فاز بمال جليل وهرب وصار إلى أرجان يقال له علي بن بويه ، وأنه كتب إليه بأنه في طاعة السلطان ، وأنفذ منه كتابا إلى الوزير الخصيبي يسأله في الورود إلى الحضرة ، أو النفوذ إلى شيراز لينضم إلى ياقوت مولى أمير المؤمنين القاهر بالله المتولي لأعمال المعادن بفارس وكرمان ، وكان أبو علي ابن مقلة [قد استتر من القاهر لخوفه منه ، وكان القاهر بطاشا ، وكان ابن مقلة ] في مدة استتاره يراسل الجند ويغريهم على القاهر ، ويوحشهم منه ، ويعرفهم أنه قد بنى لهم المطامير ، وعمل على حبسهم فيها ، واحتال من جهة منجم يعرف بسيما ، وكان يخوفهم من القاهر من طريق النجوم ، فاجتمع الجند وذكروا أنه قد صح عندهم أن القاهر قد عمل حبوسا يحبسهم فيها فأنهي ذلك إلى القاهر ، فحلف [ ص: 335 ] أنه لم يفعل ذلك فاتفقوا على القبض على القاهر ، [وتحالفوا ] فقال لهم سيما : إن كنتم على هذا العزم فقوموا بنا الساعة ، فقالوا : بل نؤخره إلى غد ، فإنه يوم موكب يجلس فيه للسلام ويظهر لنا فنقبض عليه ، فقال : إن تفرقتم الساعة وأخرتم إمضاءه إلى ساعة أخرى بطل ما دبرتموه ، فركبوا معه وصاروا إلى الدار ، ورتب على أبوابها غلمانا ، ووقف هو على باب العامة ، وأمر بالهجوم فهجموا كلهم من سائر الأبواب في وقت واحد ، فبلغ الخبر الوزير الخصيبي فخرج في زي امرأة واستتر ، فلما دخلوا على القاهر هرب إلى سطح حمام فاستتر فيه ، فوجدوه فقبضوا عليه وصاروا به إلى موضع الحبوس فحبسوه ، ووكلوا بباب البيت جماعة .

ووقع النهب ببغداد ، وخلع يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الأولى من هذه السنة ، وسملت عيناه في هذا اليوم [حتى سالتا جميعا فعمي ، وارتكب منه أمر عظيم لم يسمع بمثله في الإسلام ، فكانت خلافته إلى هذا اليوم ] سنة وستة أشهر وسبعة أيام ، وبقي القاهر محبوسا في دار السلطان إلى سنة ثلاث وثلاثين ، ثم خرج إلى دار ابن طاهر ، فكان تارة يحبس وتارة يخلى ، فخرج يوما فوقف بجامع المنصور يتصدق وقصد بذلك التشنيع على المكتفي ، فرآه أبو عبد الله بن أبي موسى ، فمنعه من ذلك وأعطاه خمسمائة درهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية